اليمن: هل يمهد غضب الحكومة لانتهاء مهمة غريفيث؟

اليمن: هل يمهد غضب الحكومة لانتهاء مهمة غريفيث؟

23 مايو 2019
تتهم الشرعية غريفيث بعدم الحياد (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -
منذ اللحظة الأولى لإعلان فريق الأمم المتحدة المعني بالرقابة على تنفيذ اتفاق استوكهولم بشأن مدينة وموانئ الحديدة اليمنية، الترحيب بخطوة "إعادة الانتشار" أحادية الجانب من قبل جماعة أنصار الله (الحوثيين)، كان واضحاً أن مرحلة جديدة في المسار السياسي الذي يقوده المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، بدأت للتو، ليتأكد ذلك بإعلان مجلس النواب اليمني، أول من أمس الثلاثاء، أنه أصدر توجيهات للحكومة بوقف التعامل مع غريفيث، واعتبار سياساته المتبعة عاملاً في إطالة الحرب. وأفادت مصادر حكومية، تحدثت مع "العربي الجديد"، بأن قرار البرلمان بتوجيه الحكومة بوقف التعاطي مع غريفيث، يأتي بتنسيق مع مختلف القوى السياسية المتحالفة مع الحكومة الشرعية وبعد أيام من النقاشات لتدارس "الخطوة المناسبة" إزاء موقف غريفيث وإحاطته الأخيرة إلى مجلس الأمن الدولي.


وعلى الرغم من أن الموقف اليمني غير المسبوق تجاه المبعوث الدولي جاء عبر البرلمان، إلا أنه في حقيقة الأمر تعبير عن الموقف الحكومي، الذي سبق وأُعلن على لسان مسؤولين في الحكومة وأعضاء في الوفد الحكومي المفاوض، أكدت بمجملها على أن غريفيث لم يعد وسيطاً محايداً ولا نزيهاً، بتعبير المتحدث باسم الحكومة راجح بادي في أحد تصريحاته الصحافية أخيراً.

وقبل يومٍ واحدٍ من إعلان البرلمان اليمني، أطلق رئيس المكتب الفني الحكومي لمشاورات السلام محمد العمراني، تصريحات صحافية طالب فيها بإنهاء دور غريفيث في محادثات السلام، واتهمه بالتعامل مع القرارات الدولية الخاصة باليمن على أنها "حبر على ورق".

وتأتي الأزمة في الأساس على خلفية الخطوة التي اتخذها فريق الأمم المتحدة في الحديدة، بالتنسيق مع غريفيث، حين أعلن الجنرال مايكل لوليسغارد، في العاشر من شهر مايو/ أيار الحالي، ترحيبه بانسحاب الحوثيين من موانئ الحديدة وتسليمها لـ"قوات خفر السواحل" الخاضعة لسيطرة الجماعة.

وقال بيان البرلمان اليمني إن الخطوة سبق وتم "رفضها في حينه" من قبل الجانب الحكومي ومن قبل رئيس فريق المراقبين الدوليين السابق الجنرال باتريك كاميرت، في 29 ديسمبر/ كانون الأول 2018، وذلك لأنها "مخالفة لاتفاق السويد الذي ينص على مشاركة جميع الأطراف بالإشراف على التنفيذ والتأكد من الانسحابات وتسليمها للجهات الحكومية المختصة".

وبينما نجح غريفيث في الجلسة التي عقدها مجلس الأمن الدولي بتقديم إحاطة تحدث فيها عن حصول تقدمٍ في الحديدة، تجاهل الرفض الحكومي للخطوات التي اتُخذت، ليبدأ سيل من التصريحات الحكومية والحملات الإعلامية التي نالت من غريفيث ودوره على مدى الأسبوع المنصرم.

وطاولت الحملة موقف بريطانيا، التي كانت أبرز الأطراف المؤيدة لما جرى في الحديدة، وباعتبارها المقرر الخاص باليمن في مجلس الأمن الدولي. وقاطع عشرات المسؤولين الحكوميين اليمنيين إفطاراً دعا إليه السفير البريطاني لدى اليمن مايكل آرون الموجود في الرياض، يوم الأحد الماضي، بسبب موقف بلاده المؤيد لغريفيث ولما يصفونه بـ"مسرحية الحديدة". وكان وزير الخارجية البريطاني، جيرمي هنت، قد اعتبر أخيراً أن ما قام به غريفيث ولوليسغارد في الحديدة دور بطولي.

من زاوية أخرى، يعيد الموقف الحكومي اليمني من غريفيث، الأنظار إلى الموقف الذي اتخذه الحوثيون في العام 2017 من المبعوث السابق الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وكذا موقفهم من رئيس فريق المراقبين السابق بالحديدة الجنرال باتريك كاميرت. وعقب موقف الحوثيين، وجد الدبلوماسيان صعوبات بإكمال مهمتيهما، عقب تصنيفهما في زاوية عدم الحياد من قبل أحد الأطراف، وهو ما يعني أن مهمة غريفيث وصلت إلى ما يشبه طريقاً مسدوداً سيجد معه صعوبة في قيادة أي عملية سياسية بمرحلة لاحقة، مهما استمر في منصبه كمبعوث للأمم المتحدة في اليمن معززاً بالمواقف الدولية.