العراق: خطة أمنية واسعة لمنع تكرار استهداف السفارة الأميركية

رئيس الوزراء العراقي يشرف على خطة أمنية لمنع تكرار استهداف السفارة الأميركية

21 مايو 2019
السلطات العراقية تلتزم بكشف المتورطين بعملية الكاتيوشا (مرتضى سوداني/الأناضول)
+ الخط -
عاشت بغداد، طيلة ليلة أمس الإثنين، استنفارا أمنياً واسعاً، إذ جابت الدوريات الشوارع بشكل مكثف، كما أقامت قوات الأمن حواجز متنقلة، في إطار خطة تعدّ الأوسع منذ منتصف العام الماضي، الذي شهد تنظيم الانتخابات التشريعية العامة في البلاد، وذلك لتأمين المنطقة الخضراء ورصد أي تحركات مريبة قد تستهدف السفارة الأميركية، تحت إشراف رئيس الوزراء عادل عبد المهدي.

وسقط، مساء الأحد، صاروخ كاتيوشا في حديقة قريبة من السفارة الأميركية في بغداد، الواقعة في المنطقة الخضراء الحكومية المحصّنة، ما أثار اهتماما محليا ودوليا واسعا في ظل التصعيد الأميركي الإيراني في المنطقة، فيما تكثفت الاتصالات العراقية الأميركية لاحتواء الأزمة، وتعهُّد بغداد باتخاذ كل الإجراءات لحماية السفارة.

خطة طويلة الأمد

الخطة الجديدة، التي وضعتها قيادة العمليات العراقية المشتركة (الجهة الأمنية المسؤولة عن أمن البلاد)، ستكون طويلة الأمد، خوفا من أي اعتداء جديد على السفارة.

وبحسب ضابط في قيادة العمليات، فإنّ "قيادة العمليات وجهت بهذه الخطة، التي تهدف لتأمين المنطقة الخضراء والسفارة، التي تقع مسؤولية حمايتها من الصواريخ وقذائف المورتر على عاتقنا لمنع تكرار أي هجوم آخر".


وأوضح الضابط، لـ"العربي الجديد": "تم التنسيق مع الحواجز الأمنية الثابتة، ورفع مستوى الحيطة بشكل عام. الخطة التي تشارك بها مئات العناصر الأمنية لا تنحصر بعمليات المراقبة فحسب، بل هناك تنسيق وجهد استخباري مستمر لكشف أي تحرك، كما أنّ هناك تعاونا مع الأهالي بالإبلاغ عن أي تحركات، فضلا عن عمليات مراقبة جوية من قبل المروحيات العراقية".

وأشار إلى "تخلل الخطة عمليات تفتيش في عدد من المناطق شرقي العاصمة التي تعتبر معقل المليشيات الرئيس في بغداد"، مؤكدا أن "الخطة ستتواصل حتى إشعار آخر".

ووفقا للضابط، فإنّ "القيادات الأمنية وجهت ضباط الدوريات المتحركة بأن يتعاملوا بحزم ومهنية مع أي جهة خارجة عن القانون، بغض النظر عن ارتباطها وانتمائها"، مضيفا أن الخطة تضمنت محاسبة الضباط المقصرين، ويشرف عليها شخصيا رئيس الوزراء العراقي. 

وفي السياق، كشف رئيس اللجنة الأمنية في مجلس العاصمة بغداد سعد المطلبي، لوسائل إعلام محلية عراقية اليوم، عما وصفها بـ"صحوة استخبارية في بغداد لملاحقة منفذي الهجوم على المنطقة الخضراء".

ونقل موقع إخباري عراقي عن المطلبي قوله إن منفذي الهجوم يسعون لـ"إدخال العراق في مشاكل إقليمية بين أميركا وإيران"، مبينا أن "المنطقة الخضراء لن تغلق مرة أخرى، كما أن الكتل الكونكريتية لن تعود"، مستدركا بالقول: "هناك صحوة استخبارية من أجل إيجاد العصابة التي استهدفت المنطقة الخضراء الأحد الماضي".

وأضاف المتحدث ذاته أن "مستهدفي الخضراء يسعون إلى خلق مشاكل إقليمية مع الجمهورية الإسلامية، حيث إن منفذي هذا التفجير قريبون من الجماعات الإرهابية، أو قد يكون لديهم ارتباط بأميركا وحلفائها"، على حد قوله، مؤكدا أن "بغداد ما زالت بحاجة إلى مزيد من الكاميرات لرصد التحركات المريبة والعمليات الإرهابية التي قد تحدث"، لافتاً إلى أن "منفذي هجوم الخضراء استغلوا منطقة بعيدة عن كاميرات المراقبة لتنفيذ مخططهم".

اختناق مروري وتفتيش

إلى ذلك، تسببت الخطة الأمنية التي جرى إطلاقها بمضايقات للمواطنين، بسبب الزخم المروري الذي نتج منها، إذ إنّ شوارع العاصمة بدت مكتظّة بالسيارات، وعمليات التفتيش لاقت انتقادا من قبل المواطنين.

وقال شهود عيان لـ"العربي الجديد"، إنّ "التحرك بالسيارات كان صعبا في شوارع العاصمة، خاصة القريبة من المنطقة الخضراء"، مؤكدين أنّ "الحواجز المتحركة شدّدت أيضا التفتيش قرب المناطق الشعبية، وتم التركيز على سيارات الحمل الكبيرة، التي من الممكن أن تحمل داخلها قواعد إطلاق صواريخ الكاتيوشا أو الهاون". 

التحقيق لكشف مطلقي الكاتيوشا

وعلى صعيد متصل، شددت قيادة العمليات العراقية المشتركة على استمرار التحقيق، لكشف الجهات التي قصفت المنطقة الخضراء.

وقال المتحدّث باسم القيادة العميد يحيى رسول إنّ "التحقيق يجري من قبل الجانب العراقي فقط، ولا مشاركة للتحالف الدولي أو الجانب الأميركي".


وأكد رسول، في تصريحات له، أنّ "الأجهزة الأمنية العراقية قادرة على التوصل إلى نتائج، وسيتم إعلانها رسميا"، مشيرا إلى أنّ "القواعد الأميركية في البلاد مؤمنة بقطعات عسكرية عراقية".

"النجباء" تهدد بضرب الأهداف الأميركية

وفي وقت تثار المخاوف من أن تنفذ بعض فصائل المليشيات المرتبطة بإيران اعتداءات على السفارة الأميركية ببغداد، هدّدت مليشيا "النجباء"، المدرجة في لائحة الإرهاب، أخيرا، بضرب جميع الأهداف الأميركية في العراق.

وقال معاون الأمين العام للحركة، نصر الشمري، إنّ "الحرب لغاية الآن هي حرب كلامية بين واشنطن وإيران، ومحاولة ابتزاز سياسي لأي جهة أو دولة تعارض التوجهات الأميركية في المنطقة".

وتابع: "في حال تصرفت أميركا أو عمدت إلى استهداف الفصائل العراقية، بدعوى أنّها تابعة لإيران، فالعواقب ستكون وخيمة، وجميع الأهداف والقواعد الأميركية ستكون هدفا لنا".

وتخشى الحكومة العراقية من أن يكون هناك موقف أميركي تجاه العراق في حال تنفيذ المليشيات ضربات على القواعد الأميركية، خاصة بعد تعهدات قطعها عبد المهدي للجانب الأميركي بأن تتحمل الأجهزة الأمنية العراقية مسؤولية حماية المصالح الأميركية بالبلاد.