بين نورنبرغ وتل أبيب

بين نورنبرغ وتل أبيب

17 مايو 2019
يسير نتنياهو باتجاه تكريس نظام أبارتهايد عنصري ضد الفلسطينيين(الأناضول)
+ الخط -
إستير حيوت هي رئيسة المحكمة الإسرائيلية العليا، وهي بذلك من نخبة قضائية مميزة في إسرائيل، تضم أيضاً سابقيها في المنصب من أهارون براك ودوريت بينش وعدنا أربيل، تعتبر نفسها حامية الديمقراطية في إسرائيل. ترى هذه النخبة أن دورها هو مواجهة تشريعات غير قانونية تتصل بحرية الفرد وحقوق الإنسان، وفوق كل ذلك استقلالية قرار الجهاز القضائي في إسرائيل، بما يكرس ما يُعرف بالثورة الدستورية من أواسط التسعينات التي منحت المحكمة العليا حق التدخّل ونقض قوانين وقرارات حكومية تعتبرها غير دستورية.

مناسبة الحديث عن إستير حيوت، هي شهادتها في مؤتمر قضائي في مدينة نورنبرغ الألمانية، واستشهادها بقوانين نورنبرغ النازية التي أقرها أدولف هتلر بعد صعود الحزب النازي للحكم في ألمانيا عام 1933 وقضائه عملياً على دستور ما يُعرف تاريخياً بجمهورية فايمار الألمانية، للتحذير من مصير مشابه لـ"الديمقراطية" الإسرائيلية إذ تم المس بجهاز القضاء.
دون الخوض في تفاصيل شهادة القاضية الإسرائيلية، وصلت رسالتها من نورنبرغ إلى تل أبيب لتثير كما هو متوقع عاصفة ردود، استهجنت المقارنة الضمنية التي أجرتها حيوت بين قوانين نورنبرغ وبين القوانين التي تعتزم حكومة بنيامين نتنياهو المقبلة تشريعها وتمس باستقلال جهاز القضاء الإسرائيلي وحقوق الإنسان كنتيجة حتمية.

سبق حيوت في تحذيرها من تحوّل إسرائيل نحو الفاشية، نائب رئيس أركان جيش الاحتلال السابق، يئير غولان، الذي لم يتردد عشية إحياء إسرائيل الرسمية قبل عامين لذكرى المحرقة النازية، من الاعتراف بأن الأجواء السائدة في إسرائيل تذكّر بما ساد في أوروبا في سنوات الثلاثين من القرن الماضي، في إشارة واضحة إلى الأجواء التي سادت في ألمانيا النازية. دفع الجنرال غولان ثمناً شخصياً باهظاً، وخسر منصب رئيس الأركان لصالح أفيف كوخافي.

تحذيرات وتصريحات حيوت وغولان ليست الأولى من نوعها، لكنها بفعل هوية مطلقيْها تشكل إدانة جديدة لدولة الاحتلال وجرائمها بحق الإنسانية وضد الشعوب العربية أيضاً، وليس فقط الشعب الفلسطيني. إسرائيل تسير اليوم، في حال شكّل نتنياهو حكومته الخامسة ونفذ وعوده بتغيير المنظومة القانونية والقضائية، باتجاه تكريس نظام أبارتهايد عنصري ضد الفلسطينيين، ونظام حكم فاسد قامع للحريات يلغي حتى ما تبقى من "الديمقراطية المتوفرة لليهود" ليحوّلها إلى ديمقراطية صورية تتستّر وراء شعار نتنياهو الجديد "الشعب قال كلمته".

المساهمون