الجزائر: لقاءات سرّية مع شقيق بوتفليقة محور تراشق إسلامي

لقاءات سرّية مع شقيق بوتفليقة محور تراشق بين أكبر حزبين إسلاميين بالجزائر

15 مايو 2019
انتقد مراقبون عودة المعارك السياسية الهامشية بين الحزبين(العربي الجديد)
+ الخط -
دخل حزبان إسلاميان في الجزائر في حرب كلامية حول العلاقة والاتصالات بما يعرف في الجزائر بـ"القوى غير الدستورية"، متمثلة بكل من السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، والقائد السابق لجهاز المخابرات الفريق محمد مدين، والموقوفين لدى القضاء العسكري منذ الأحد ما قبل الماضي.

وردت "حركة مجتمع السلم" (إخوان الجزائر) على اتهامات وجهها لها القيادي في جبهة "العدالة والتنمية" لخضر بن خلاف، بشأن اتصالات وصفها بالسرّية مع شقيق بوتفليقة وتسويق فكرة تمديد عهدة الرئيس السابق لفترة سنة بعد انتهاء ولايته الرئاسية في 28 إبريل/ نيسان الماضي.

ونفى القيادي في "حركة مجتمع السلم"، نصر الدين حمدادوش، أن تكون الحركة أجرت اتصالات سرية، وذكر في بيان نشره، أن تصريحات بن خلاف "غير دقيقة"، وأن رئيس الحركة عبد الرزاق مقري أبلغ جاب الله بالاتصالات التي أجراها مع الرئاسة عبر مستشار الرئيس (السعيد بوتفليقة) لعرض مبادرة التوافق الوطني.

وقال حمدادوش عن ذلك "أخبرناهم بالاتصالات مع أننا لسنا ملزمين بذلك، مما ينفي سرية الاتصالات كما يدّعي بعضُ المتحاملين، الذين يريدون طعن الحركة في كل مرة، والشيخ جاب الله لم يعارض اللقاء من حيث المبدأ، ولم يتحدّث عن انتحال السعيد بوتفليقة لشخصية أخيه، ولكنه تحدّث عن عدم ثقته في وعود السلطة، وتجربته الطويلة معها".

وأضاف أن "موضوع الاتصالات كان هو مشروع التوافق الوطني، وليس مفاوضات حزبية لصالح الحركة، علما أن مشروع التوافق الوطني وضعنا له شروطا وطنية، ومنها موافقة جميع مؤسسات الدولة عليه، حتى لا يكون ضمن صراع الأجنحة، وأن تشارك فيه المعارضة دون إقصاء أحد، إلا من أقصى نفسه".

وأكد القيادي في الحركة "لقاءنا مع مَن يُعتبر الآن من القوى غير الدستورية، كان ضمن سلطة الأمر الواقع، التي كان يذعن لها الجميع، وتتعامل معها جميع الأطراف".

لكن حمدادوش كشف في المقابل للمرة الأولى عن قيام قيادات في الحزب الإسلامي الثاني، جبهة "العدالة والتنمية"، بلقاءات سرية مع شقيق بوتفليقة، وقال "نذكر بن خلاف بأنّ ما يعيبه علينا بهذه الاتصالات المعلنة والرسمية، تقع فيه قيادات من جبهة العدالة والتنمية نفسها، وبعلم الشيخ جاب الله ذاته، عندما تلتقي - سرًّا - وبدون علم المعارضة ولا مصارحة الرأي العام، مع هذه القوى غير الدستورية ، شقيق الرئيس السابق، في أكثر من مرّة وباعتراف المعني ذاته، ومع رأس الدولة العميقة، ومع الوزير الأول الأسبق عبد المالك سلال، بل وحتى مع ممثل عن بدوي، أثناء تشكيله للحكومة الأخيرة، المرفوضة شعبيًّا بعد الحراك الشعبي".

وكان حمدادوش يرد على تصريحات لبن خلاف، صدرت الإثنين، تضمنت مزاعم برفض الجبهة فكرة لقاء سابق جرى في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، بين مقري وشقيق بوتفليقة في مقر الرئاسة. وقال بن خلاف في تصريح صحافي، إن "مقري استُقبل مَن طرف جاب الله بعد لقائه بشقيق رئيس الجمهورية السابق، سعيد بوتفليقة، وقد أوصاه (جاب الله) بأن لا يكون عرابا للسلطة، وأبلغه بأنه لا يريد التحاور مع من انتحل صفة أخيه وسير البلد بالوكالة".

وثار هذا الجدل السياسي بين الحزبين الإسلاميين البارزين في الجزائر، على خلفية تصريحات جديدة أدلى بها مقري، يوم الإثنين، حول لقاء سابق له مع السعيد بوتفليقة، وقال إن اللقاء تم داخل رئاسة الجمهورية وباشتراط علم المؤسسة العسكرية حينها بمبادرته السياسية، وكشف أنه "طلب لقاء رئيس أركان الجيش أحمد قايد صالح عن طريق الرئاسة".

وكان مقري يرد على أسئلة بشأن ما إذا كان سيكون معنيا بالتحقيقات التي يقوم بها القضاء العسكري حول قضية الاتصالات والاجتماعات المشبوهة في 30 مارس/ آذار الماضي مع ما توصف بـ"القوى غير الدستورية"، شقيق بوتفليقة والمدير السابق للمخابرات محمد مدين، عشية استقالة بوتفليقة من منصبه.

الجزائر/ عبد الرزاق مقري/ 14 مايو 2019 

وأوقف القضاء العسكري حتى الآن في هذه القضية شقيق بوتفليقة والمديرين السابقين لجهاز المخابرات محمد مدين والجنرال بشير طرطاق، إضافة إلى زعيمة حزب العمال لويزة حنون، ووجه لهم تهم المشاركة في التآمر على سلطة الدولة وسلطة الجيش، بعد محاولتهم فرض قرارات غير دستورية تقضي بإنشاء هيئة رئاسية انتقالية تنقل إليها سلطة الرئيس بعد استقالة بوتفليقة، وهو ما أحبطه الجيش.


معارك سياسية هامشية

وانتقد مراقبون للشأن السياسي عودة ما يعتبرونه معارك سياسية هامشية بين الحزبين. وعلق الكاتب والمحلل السياسي عبد الحميد عثماني بأن "الحكم على اللقاءات تحدده السياقات الزمنية والسياسية، وبالتالي ليس جريمة أن تلتقي غيرك من الفاعلين مهما كانت مواقعهم، لكن الأمر محكوم بالتوقيت والمضمون"، منتقداً خلق معارك هامشية عقيمة لكسر ما بقي من مصداقية المعارضة ومن ثم تفتيت الحراك وشغله بنفسه عن مصيره وقضيته الأولى".

وتتنازع "حركة مجتمع السلم" و"جبهة العدالة والتنمية" السيطرة على تمثيل التيار الإسلامي في الجزائر منذ بداية التسعينيات، خاصة بعد حل "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" في مارس/ آذار 1992، وتباين مواقف الحزبين بشأن حل الأزمة الأمنية. ففيما قبلت "حركة مجتمع السلم" المشاركة في الحكومة بعد ندوة الوفاق الوطني عام 1994 وفي المجلس الانتقالي، عارضت "جبهة العدالة" هذا المسار وانضمت إلى ما يعرف بمجموعة "عقد روما" المعارضة التي عقدت اجتماعا لها في سانت إيجيديو بإيطاليا.