الأزمة مع تركيا والثورات العربية وراء تحالف إسرائيل واليونان

الأزمة مع تركيا والثورات العربية وراء تحالف إسرائيل واليونان

12 مايو 2019
نتنياهو وألكسيس تسيبراس (أيهان محمد/الأناضول)
+ الخط -
قالت دراسة صادرة عن "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي، إن تدهور العلاقات مع تركيا، في أعقاب حادثة السفينة "مرمرة" عام 2010، وتفجّر ثورات الربيع العربي، دفعا إسرائيل إلى تعزيز علاقتها مع اليونان، بحيث باتت تل أبيب وأثينا ترتبطان بتحالف وشراكة استراتيجية.

وحسب الدراسة التي نُشرت في العدد الأخير من مجلة "عدكون استراتيجي"، ونشرها المركز اليوم الأحد على موقعه، فإن تدهور العلاقات مع تركيا مثّل أهم المسوغات التي دفعت إسرائيل إلى تطوير علاقتها باليونان، على اعتبار أن العلاقة مع أنقرة كانت تمثل أهم ركائز السياسة الخارجية التي رأت تل أبيب أنها تضمن مصالحها الإقليمية، مشيرة إلى أن القيادة الإسرائيلية اضطرت إلى البحث عن بديل إقليمي آخر إثر تدهور العلاقات مع أنقرة، وهو ما دفعها إلى التقارب مع اليونان.

وحسب الدراسة، التي أعدها الباحثان في المركز جيليا لندشتراوس وبوليكروس جبريالديس، فإن ما أقنع القيادة الإسرائيلية بالعدول عن أي رهان على تطوير العلاقة مع تركيا مستقبلا، حقيقة أنه تم الكشف في 2012 أن المخابرات التركية سلمت الإيرانيين قائمة بأسماء مواطنين إيرانيين يعملون لصالح جهاز الموساد، وكانوا يلتقون بمشغليهم من الجهاز في مدن تركية.

وأشارت الدراسة إلى أن إسرائيل كانت معنية بالعثور على بديل عن المجال الجوي التركي، الذي كان سلاح طيرانها يتدرب فيه، مما عزز من دافعيتها لتطوير العلاقة مع اليونان لتحقيق هذا الغرض.

وأوضحت أن تفجر ثورات الربيع العربي في 2011 جعل إسرائيل تخشى مواجهة خطر العزلة الإقليمية، إثر توقعها بإمكانية صعود نظم حكم معادية لها في المنطقة، مما عزز من الدافعية لتطوير العلاقة مع اليونان.

وأشارت إلى أن العلاقة اليونانية الإسرائيلية اتسمت بالتحول السريع على مستوى العلاقة الثنائية من العداء والتوتر الذي كان سائدا في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي إلى التحالف، مبرزة أن التطور في العلاقة بين الجانبين تواصل على الرغم من التغييرات السياسية في قيادة الدولة اليونانية، والتي تمثلت في وصول اليسار المتطرف إلى الحكم، بقيادة رئيس الوزراء الحالي أليكسيس تسيبراس، في حين يتولى اليمين المتطرف مقاليد الأمور في إسرائيل.

ولفتت الدراسة إلى أن أبرز مظاهر الشراكة الاستراتيجية بين اليونان وإسرائيل تتمثل في التعاون العسكري والأمني، مشيرة إلى أن أول مناورة عسكرية مشتركة نظمها الجيشان الإسرائيلي واليوناني تمت عام 2008. وذكرت أن المناورة التي شاركت فيها 100 طائرة عسكرية إسرائيلية هدفت في حينه إلى تمكين سلاح الجو الإسرائيلي من التدرب على قصف أهداف في العمق الإيراني.

وأشار معدا الدراسة إلى أنه منذ هذه المناورة نظم الجيشان عددا كبيرا من المناورات المشتركة، وأن سلاح الجو الإسرائيلي استغل مناورة مشتركة مع سلاح الجو اليوناني داخل اليونان نظمت عام 2018 للتدرب على قصف أهداف داخل قطاع غزة.

وحسب الدراسة، فقد عمدت إسرائيل واليونان عام 2014 إلى تعيين ملحقين عسكريين في أثينا وتل أبيب لتنظيم أنماط التعاون العسكري والأمني بين الجانبين، لافتة إلى أنه في عام 2015 وقّع وزيرا الدفاع اليوناني والإسرائيلي على اتفاق يسمح بتواجد جنود إسرائيليين ويونانيين على أرض اليونان وإسرائيل، بهدف المشاركة في التدريبات والمناورات العسكرية المشتركة.

ووفق الدراسة، فقد دشنت كل من إسرائيل واليونان في 2019 منظومة رادار ومراقبة بحرية، لفحص المخاطر الأمنية في البحر الأبيض المتوسط.

وعلى الصعيد الاقتصادي، ذكرت الدراسة أن مظاهر التعاون بين إسرائيل واليونان تشمل مجال الطاقة، مؤكدة أن كلا من تل أبيب وأثينا ونيقوسيا اتفقت من ناحية مبدئية على تدشين أنبوب لنقل الغاز الذي يتم استخراجه من الحقول التي اكتشفتها إسرائيل في حوض البحر الأبيض المتوسط عبر المياه القبرصية واليونانية إلى إيطاليا، ومنها إلى أوروبا.

وأشارت الدراسة إلى أنه على الرغم من أن الخبراء يرون أن تدشين هذا الأنبوب غير قابل للتحقيق، فإن ممثلي الحكومات الثلاث يواصلون التشاور حول جدوى بدائل أخرى، بهدف تجاوز إمكانية اضطرار إسرائيل إلى تصدير غازها إلى أوروبا عبر تركيا، وذلك بسبب طابع العلاقة الإشكالية التي تربط تل أبيب وأنقرة في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان.



ولفتت إلى أن كلا من إسرائيل واليونان وقبرص اتفقت على ربط شبكات الكهرباء بينها عبر كابل تحت الماء، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي وافق على تمويل المشروع بـ1.5 مليار يورو.

وعلى صعيد السياحة، تعاظم عدد السياح الإسرائيليين الذين يتوجهون لقضاء الإجازات في اليونان، وذلك بعد تدهور العلاقات مع تركيا.

وذكرت الدراسة أن التحول الكبير على طابع العلاقة اليونانية الإسرائيلية جاء نتيجة مبادرة أقدمت عليها مجموعة من الباحثين اليونانيين وباحث إسرائيلي، حيث عمدوا إلى التوسط بين القيادات السياسية في كل من تل أبيب وأثينا. مشيرة إلى أنه نتاج عمل هذه المجموعة، التي أطلق عليها "مجموعة الكاترا"، اتصل وزير الحرب الإسرائيلي في ذلك الوقت إيهود براك برئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو، وهو ما قاد إلى اتصال نتنياهو بباباندريو.

وأشارت الدراسة إلى أن اللقاء الأول الذي جمع نتنياهو بباباندريو، في فبراير/شباط 2010، في قهوة "فوشكين" في موسكو، مثّل الخطوة الأولى التي أسست لحدوث الانقلاب على مسار العلاقة اليونانية الإسرائيلية، موضحة أن باباندريو قام بزيارة إسرائيل، في يوليو/تموز 2010، والتي كانت أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء يوناني إلى تل أبيب منذ 30 عاما.

ولفتت الدراسة إلى أنه منذ عام 2012 تم تدشين علاقات ثلاثية تربط إسرائيل بكل من اليونان وقبرص، وهو ما أسفر عن تنظيم أول قمة تجمع قادة هذه الدول، في يناير/كانون الثاني 2016.