هل تنتج معركة طرابلس حلاً سياسياً بعد المراوحة العسكرية؟

هل تنتج معركة طرابلس حلاً سياسياً بعد المراوحة العسكرية؟

11 مايو 2019
معارك طرابلس تراوح مكانها(Getty)
+ الخط -

تتّجه أنظار القادة الليبيين، أخيراً، إلى العواصم الإقليمية والدولية من أجل دعم مواقفهم عقب المتغيرات التي أنتجها الهجوم المسلّح للواء المتقاعد خليفة حفتر على العاصمة طرابلس، ودخول المعارك في مرحلة المراوحة العسكرية من دون تحقيق أي نتيجة.

وبعد جولة أوروبية انتهت، مساء الخميس الماضي، زار خلالها رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فائز السراج، إيطاليا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا، توجّه من جهته حفتر لزيارة القاهرة، بينما ينتظر أن يزور روما خلال الأيام المقبلة.

وفي هذا الصدد، كشف مصدر مقرّب من حفتر أنّ الأخير تلقى دعوة رسمية من الحكومة الإيطالية لزيارة روما لبحث مستجدات الأوضاع في ليبيا وإمكانية وقف القتال واستئناف المسار السياسي.

وأكّد المصدر ذاته، لـ"العربي الجديد"، أنّ "حفتر قبِل بوقف إطلاق النار، وأعلنت عن ذلك عواصم تدعمه في مقدمتها باريس"، مستدركاً في الوقت ذاته أنه "في المقابل غير مقبول من حفتر التراجع عن مواقع سيطرته خصوصاً عن جنوب طرابلس".

ولفت المصدر في هذا السياق، إلى أن "القاهرة تسعى إلى إقناع الأطراف الدولية الفاعلة في المشهد الليبي بأن الحوار السياسي سيكون أكثر فاعلية في وجود حفتر على تخوم طرابلس، وبأن تماس قوات الطرفين سيمكن طاولة المفاوضات من إنجاز حل واقعي".

وفيما يكاد الموقف الدولي ينسجم مع رأي القاهرة، بحسب المصدر، إلا أن بعض الدول تختلف رؤيتها لحفتر، موضحاً أن "بعض الدول ومنها الولايات المتحدة الأميركية ترى أن الزج بحفتر في معركة على تخوم طرابلس، لم يكن يتصورها، سيجعل مواقفه أكثر ليونة، وقد يرغم على القبول بأي حلول تخرجه من ورطته".

وعلى خلاف ما نقلته تقارير إعلامية عن مصادرها، من أن حكومة الوفاق طلبت الضغط على حفتر لقبول وقف إطلاق النار، يؤكد المصدر ذاته أن "قادة الحكومة رفضوا مقترحاً فرنسياً يحث طرفي القتال على إعادة المسار السياسي ووقف الحرب"، مبيناً أنّ "رد الحكومة كان دبلوماسياً إذ علقت قبولها بالدعوة الفرنسية بإرجاع حفتر قواته إلى قواعدها بعيداً عن طرابلس".

وبعد أقل من أسبوعين من بدء عملية حفتر باتجاه طرابلس، التي انطلقت في الرابع من إبريل/نيسان الماضي، تمكّنت قوات حكومة الوفاق من استعادة الكثير من المواقع التي سيطرت عليها قوات اللواء المتقاعد، كما بات القطاع الجنوبي في يدها باستثناء أجزاء من منطقتي وادي الربيع وقصر بن غشير.

ودفع الوضع الميداني الذي تغير لصالح قوات الحكومة إلى تغير مواقف الكثير من الدول، التي أكّدت استمرار اعترافها بحكومة الوفاق كونها الجهة الشرعية في البلاد، كما شددت على ضرورة الحل السياسي واستبعاد الحل العسكري.

ويرى أستاذ العلوم السياسية بالأكاديمية الليبية بطرابلس، عبد الحفيظ الناجي، أنّ "المجتمع الدولي لم يغير موقفه بشكل كبير، بل كان يدفع الطرفين إلى مزيد من الاقتراب"، متسائلاً: "كيف لدول تؤكد رفض الحل العسكري، في حين تغض الطرف عن هجوم حفتر على العاصمة؟ إلا إذا كانت تعرف أنه لن يحسم المعركة".

ورجّح في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "أطرافاً دولية كالولايات المتحدة أرادت من ذلك أن يعرف حفتر حقيقة حجمه وقوته ويقف على قناعة تامة باستحالة حسمه الأمر عسكرياً".

وأكّد أن "معركة طرابلس كشفت كل الأطراف حتى المختبئة وراء حفتر، كما كشفت زيف إمكانية قبول الشارع العربي بعودة الحكم العسكري وحكم الفرد بعد موجات الربيع العربي"، مرجحاً في هذا السياق إمكانية استمرار المعارك جنوب طرابلس.

وأوضح أن "غالبية المبادرات والمقترحات التي تطرح في كواليس العواصم ذات الثقل في الملف الليبي لن تخرج بنتيجة، وأن أقرب السيناريوهات هو استمرار الحرب لفترة قد تطول لأشهر"، معتبراً أن "قناعة طرفي القتال بعد طول فترات الحرب هي التي سترغمهما على اللجوء إلى حل سياسي".

إلى ذلك، دعا مجلس الأمن الدولي، أمس الجمعة، "كافة الأطراف إلى العودة سريعاً للوساطة السياسية للأمم المتحدة والتعهد باحترام وقف لإطلاق النار"، معتبراً أنّ "خفض التصعيد يساعد في نجاح وساطة الأمم المتحدة".

كما أعرب المجلس، خلال جلسة خاصة بليبيا، عن قلقه "العميق إزاء عدم الاستقرار في طرابلس، وتدهور الوضع الإنساني الذي يهدد حياة المدنيين الأبرياء، ويهدد احتمالات التوصل إلى حل سياسي".