أوهام "الممانعة"

أوهام "الممانعة"

02 مايو 2019
دمّر النظام السوري مخيّم اليرموك (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -
قضى تحت التعذيب في سجون نظام بشار الأسد نحو 590 فلسطينياً، عدا عمن أعدمهم أخيراً في سجن صيدنايا. وهؤلاء من بين آلاف المعتقلين الفلسطينيين في سجون النظام، ممن وثقتهم "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية"، والذين من بينهم 107 نساء.

لا تختلف ظروف هؤلاء عن واقع عشرات آلاف المعتقلين من السوريين. لكن المثير إصرار خطاب "الممانعة"، السياسي والبروباغندي، طيلة سنوات التدمير والتهجير، على الاستهزاء بالحقائق، وباعتبار فلسطين ستاراً لتبرير كل موبقات وجرائم حرب النظام، بمشاركة حلفائه ومرتزقته.

ولعلّ أفضل الأمثلة الأخيرة على أوهام الممانعين، من الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين، انكشاف تفاصيل ما سُمي بـ"صفقة تبادل"، قضت بتسليم نظام الأسد رفات الجندي الإسرائيلي زخاريا باومل إلى الاحتلال برعاية روسية، والتي كانت في الحقيقة عبارة عن هدية انتخابية من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو.

وفي هذا السياق المخزي، ألقى أحد قياديي الفصيل الفلسطيني المشارك في سحب جنود الاحتلال، زخاريا باومل وتسفي فيلدمان ويهودا كاتس، إلى مخيم اليرموك، بعد معركة السلطان يعقوب في لبنان عام 1982، بقنبلة دخانية للتعمية على الحقيقة، متهماً "مجموعات إرهابية" بتهريب الجثة من المخيم، رغم أنّ حدث تسليم رفات باومل في موسكو موثّق.

إلى جانب ذلك، يبدو أنّ البعض الفلسطيني الآخر، المصنّف يسارياً، مصرّ على إيهام نفسه، واعتبار حليف نتنياهو، فلاديمير بوتين، وريثاً لفلاديمير لينين، هذا فضلاً عن الارتزاق على بوابات طهران ووكلائها في المنطقة.

ورغم تعرّي نظام الأسد في تعاطيه الدموي مع الفلسطينيين في سورية، لا تزال بعض الفصائل الفلسطينية، يساراً ويميناً، تجبن صمتاً أمام إمعانه في استخدام فلسطين كورقة توت. فمخيم اليرموك، الذي توعده آرييل شارون عام 1982، لم تدمره وتهجّر سكانه في السنوات الأخيرة الأشباح أو الطائرات المجهولة. كل ذلك حصل تحت سمع وبصر حلفاء طهران، الذين بلعوا ألسنتهم خلال فضيحة تسليم الدبابة التي كانت قد أسرت خلال معركة السلطان يعقوب نفسها، ثمّ الرفات أخيراً، وربما سيواصلون بلع ألسنتهم أمام "هدايا بوتين" المنتظرة في الفترة المقبلة، والتي قد تشمل جثة إيلي كوهين (الجاسوس الذي أعدم في دمشق عام 1965)، ورون أراد (الطيار الإسرائيلي الذي أسقطت طائرته في لبنان عام 1982 خلال الاجتياح الإسرائيلي وتم أسره، واختفى أثره بعد ذلك)، وغيرهما، تنفيذاً لتبادلية "الأمن"، التي بشّر بها رأس النظام عبر رامي مخلوف عام 2011.

وتظلّ المأساة الأكبر، وسط إمعان معسكر "الممانعة" في الأوهام وهروب بعض أطرافه، وبالأخص فلسطينيين ولبنانيين، من الإجابة عن سؤال: هل من مارس ويمارس جرائم حرب، بحقّ السوريين والفلسطينيين، حريص حقاً على فلسطين والمقاومة والأسرى والعروبة والسيادة؟

المساهمون