السودان: مجلس سيادي مختلط من المعارضة والعسكر

السودان: مجلس سيادي مختلط من المعارضة والعسكر

28 ابريل 2019
دخل الاعتصام أمام مقر الجيش أسبوعه الرابع(أشرف الشاذلي/فرانس برس)
+ الخط -
يتجه السودان إلى مفترق جديد، قد يمهّد لحل الأزمة القائمة منذ الإطاحة بعمر البشير في 11 إبريل/ نيسان الحالي، وما تبع ذلك من خلافات بين المجلس العسكري الانتقالي والمعارضة، ممثلة بـ"تحالف الحرية والتغيير"، عبر الإعلان عن الاتفاق على مجلس سيادي مختلط بين الطرفين، بدا حلّاً وسطاً بين سعي المجلس العسكري لإبقاء وجود له في الحكم، وبين المعارضة التي تسعى لتسليم السلطة إلى مجلس المدني.

هذا التطور جاء بعد مفاوضات بدأت السبت في القصر الرئاسي في الخرطوم، تميزت بأجواء إيجابية، وقاربت سريعاً وجهات النظر المتعارضة بين الطرفين. وبقيت المعارضة متمسكة بالورقة الرابحة في يدها، وهي الشارع، إذ أكد "تحالف الحرية والتغيير" استمرار الاعتصامات داخل وخارج الخرطوم، وذلك فيما دخل الاعتصام الشعبي أمام مقر قيادة الجيش السوداني، أمس السبت أسبوعه الرابع، منذ بدايته في السادس من الشهر الحالي.

وانتهت الجولة الأولى من المفاوضات بين المجلس العسكري و"تحالف الحرية والتغيير"، بتفاؤلهما بالتوصل لنتائج إيجابية حول تشكيل مجلس سيادي مدني ومدة الفترة الانتقالية، قبل الإعلان ليل السبت الأحد الاتفاق على تشكيل مجلس سيادي مختلط، يكون على رأس هيكلية الحكم في الفترة الانتقالية. وكان المتحدث الرسمي باسم المجلس العسكري الفريق شمس الدين الكباشي، قد أكد في تصريحات صحافية، أن المفاوضات سادتها روح إيجابية، واتسمت بشفافية عالية، وإعلاء لقيمة الوطن.

من جهته، قال المتحدث باسم "إعلان الحرية والتغيير" مدني عباس مدني، قبيل الإعلان عن الاتفاق، إن "الاجتماع الأول للجنة التفاوض، ناقش النقاط التي هناك اختلاف في وجهات النظر حولها". وأضاف: "في أقرب فرصة ممكنة، ننتظر الوصول إلى نتائج إيجابية تلبي تطلعات الشعب السوداني".

وكان "تحالف الحرية والتغيير" أعلن في بيان قبل اللقاء، تمسكه بقيام سلطة مدنية انتقالية لمدة 4 سنوات، تتكوّن من مجلس سيادي مدني بتمثيل عسكري محدود، وبرلمان انتقالي يمارس كافة السلطات التشريعية والرقابية، وحكومة مدنية بصلاحيات تنفيذية كاملة، تضم كفاءات وخبرات وطنية مشهوداً لها بالنزاهة والأمانة. ويوم الأربعاء الماضي، اتفق المجلس و"تحالف الحرية والتغيير" على تشكيل لجنة مشتركة لحل الخلاف على نقطتين مختلف فيهما؛ أولاهما مطالبة التحالف بتشكيل مجلس سيادة مدني بتمثيل محدود للعسكريين، والثانية مدة الفترة الانتقالية التي يريد المجلس العسكري أن تكون سنتين، بينما يطالب التحالف بأربع سنوات.

وتعهد بيان التحالف أمس بعدم التراجع عن تلك المطالب، مؤكداً أن جداول الاعتصام سوف تستمر داخل وخارج الخرطوم، مشيراً إلى أن التفاوض لن يكون حبيس الغرف المغلقة بل ستعرض نتائجه علناً.


في غضون ذلك، برز ما ذكره القيادي في "تحالف الحرية والتغيير" إبراهيم طه أيوب يوم السبت، من أن القائم بالأعمال الأميركي في الخرطوم ستيفن كوتسيس، اقترح تقصير الفترة الانتقالية إلى ما بين 12 و18 شهراً، في اجتماع ضم المعارضة والمبعوثة الأميركية إلى البلاد ماكيلا جيمس. وبحسب قناة "الجزيرة"، قال أيوب إن القائم بالأعمال علل مقترحه بأن المجتمع الدولي يريد حكومة منتخبة كي يتمكن من دعمها بوجه كامل. وكشف أن الاجتماع الذي تم في مقر السفارة الأميركية، جاء بعد لقاء ماكيلا جيمس ووفدها برئيس المجلس العسكري الانتقالي عبد الفتاح البرهان في اليوم نفسه.

في سياق آخر، أطلق رئيس حزب "الأمة" القومي الصادق المهدي، موقفاً جديداً أمس بإعلان تأييده للمحكمة الجنائية الدولية، وللاستجابة لمطالبها، وهي التي أصدرت مذكرتي توقيف دوليتين في حق البشير. وقال المهدي في مؤتمر صحافي أمس، إن حزبه ظل يؤيد المحكمة التي وقّع السودان على معاهدتها عام 1998، "ولكن عندما كان أحد المطلوبين للمحكمة رئيساً للدولة، كنا ننادي بالتوفيق بين العدالة الجنائية والاستقرار في السودان، أما الآن فلا مانع من الاستجابة لمطالبها، وينبغي فوراً الانضمام لها، ولكن هذا الموقف يجب أن يُنسّق مع المجلس العسكري".

على صعيد آخر، دعا المهدي إلى التعامل بحكمة ومن دون انفعال مع المجلس العسكري، منوهاً بأن المطلوب الآن هو قيام مجلس سيادة، ومجلس أمن قومي، ومجلس وزراء مدني فيه أصحاب خبرة وتجارب بلا مشاركة حزبية في المجلس التنفيذي، ومجلس تشريعي تتمثل فيه كل "قوى الحرية والتغيير" والقوى السياسية الأخرى، التي عارضت النظام المُباد.

ودعا المهدي إلى تجريد حزب "المؤتمر الوطني" والأحزاب المتحالفة معه "من كافة الامتيازات غير المشروعة التي حصلوا عليها، ومحاسبتهم على الجرائم والسرقات التي ارتكبوها". وأشار إلى أن "تحالف الحرية والتغيير" متفق على مسائل عشر، أهمها هندسة مدنية للمرحلة الانتقالية، وبسط الحريات وتحقيق السلام، وألا يكون لرموز النظام المباد مشاركة في المرحلة الانتقالية. وأكد أن "ما حدث في السودان ليس انقلاباً عسكرياً، بل هو امتناع قواتنا عن سفك دمائنا وانحيازهم للمطالب الشعبية".

من جهة أخرى، ومع استمرار الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش، أعلن ضباط في الشرطة السودانية، يوم السبت، دخولهم في إضراب شامل عن العمل منذ اليوم الأحد، بحسب بيان نشرته صفحة تجمع المهنيين السودانيين المعارض على "فيسبوك"، ونسبته إلى ضباط الشرطة من رتب نقيب وما دون.

بالتوازي مع ذلك، أعلن حزب "المؤتمر الشعبي" أن عشرات المحتجين هاجموا السبت اجتماعاً لهيئة شورى الحزب في الخرطوم، ما أدى إلى إصابة 30 شخصاً على الأقل من الحزب.