أزمة تعز بمفترق طرق: ما بعد خروج كتائب "أبوالعباس"

أزمة تعز في مفترق طرق: ما بعد خروج كتائب "أبو العباس"

27 ابريل 2019
معارك نفوذ داخل تعز (Getty)
+ الخط -

دخلت الأزمة المتفجرة بين تشكيلات عسكرية وأمنية منضوية في إطار الشرعية في محافظة تعز مفترق طرق، بعد أن تمكنت الحملة الأمنية من إجبار كتائب القيادي السلفي عادل فارع المكنى بـ"أبو العباس"، المدعوم إماراتياً، من الموافقة على مغادرة المدينة عقب مواجهات متقطعة راح ضحيتها قتلى وجرحى من الطرفين ومن المدنيين منذ أسابيع.

ويأتي ذلك في إطار معارك النفوذ داخل المدينة، في وقتٍ ما يزال فيه مسلحو جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) يسيطرون على أجزاء غير قليلة من المحافظة.


وأكدت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" أن مسلحي كتائب "أبو العباس"، المنضوية في إطار "اللواء 35 مدرع" في قوات الشرعية، غادروا خلال الـ24 ساعة الماضية المدينة القديمة التي كانوا ينتشرون فيها بتعز، صوب منطقة الكدحة، وهي الوجهة التي انتقلت إليها الكتائب، باعتبارها المنطقة الخاصة بتمركز اللواء.

وجاءت المغادرة برفقة عشرات الأطقم من ألوية الحماية الرئاسية، حضرت إلى تعز للإشراف على الخطوة الخاصة بنزع فتيل المعارك داخل تعز.

وتأتي موافقة كتائب "أبو العباس"، وهو قيادي سلفي برز أثناء الحرب مع الحوثيين كقائد للجبهة الشرقية في مدينة تعز، بناءً على اتفاق رعته لجنة وساطة شكلها محافظ تعز نبيل شمسان، حيث قضى الاتفاق بتسليم هذه الكتائب مطلوبين للسلطات الأمنية في المدينة ومغادرة العناصر الأخرى في القوة إلى الكدحة، لتطوى بذلك صفحة ما يقرب من عامين من الأزمة المتفجرة بالصراع داخل مدينة تعز بين قوات عسكرية وأمنية يصنفها البعض بأنها قريبة من حزب "التجمع اليمني للإصلاح" وبين "أبو العباس"، الذي يمثل إحدى أبرز الأذرع المدعومة إماراتياً في المدينة.

وتعد الانتكاسة التي انتهت إليها معركة أبو العباس في مدينة تعز حصيلة جملة عوامل، أبرزها الاتهامات والمعلومات المتواترة عن وجود متطرفين منضوين في صفوف القوة التي يقودها. ففي أكتوبر/ تشرين الأول 2017، صنفت الولايات المتحدة وحلفاؤها "أبو العباس" في قوائم المتهمين بدعم تنظيم "القاعدة".

وعلى الرغم من رفض الجانب اليمني للاتهامات واستمرار الأخير كأحد أبرز القيادات في المدينة إلا أن القضية بمجملها ألقت بظلالها على معركة النفوذ وعلى الدعم الذي يحصل عليه من جانب الشرعية والتحالف السعودي الإماراتي في الآونة الأخيرة على الأقل.

في الجانب الآخر، لا تنظر بعض القوى اليمنية إلى ما يدور في تعز، سوى باعتباره حرب نفوذ بين "الإصلاح" والسلفيين من تيار "أبو العباس"، ووفقاً لهذا الرأي، فإن فرض التشكيلات العسكرية والأمنية المعروفة بقربها من "الإصلاح" لا يمثل سوى حلقة من صراع قد يتخذ أوجهاً عدة داخل المدينة، بما في ذلك، مع الناصريين، الذين تعتبر تعز من أبرز معاقل انتشارهم. وكان موقف التنظيم الوحدوي الناصري واضحاً خلال الأزمة الأخيرة، باعتبار الحملة التي استهدفت الكتائب في إطار تصفية حسابات سياسية مع "رفاق المقاومة"، والنظر إليها كتمرد عسكري على المحافظ شمسان، الذي رفض شمول الحملة الأمنية ضد "أبو العباس" وأكد على حصرها ضد "المطلوبين أمنياً".

الجدير بالذكر أن الانقسام إزاء تقييم الموقف في تعز ما يزال سيد الموقف، حتى يوم الخميس الماضي، إذ أقر اجتماع للسلطة المحلية واللجنة الأمنية ترأسه وكيل محافظ تعز عبد القوي المخلافي، منح مهلة لمن وصفهم بـ"الخارجين عن القانون"، (من أتباع أبو العباس)، مهلة لتسليم المطلوبين، إلا أن شمسان، بوصفه المسؤول الأول في المحافظة، وجّه رسالة إلى المخلافي تنصل فيها من الاجتماع وقراراته وحمّل الوكيل المسؤولية عن كل ما يترتب على القرارات التي اتخذها الاجتماع.

ومع النتيجة التي حققتها الحملة بإجبار "أبو العباس" على الانسحاب لا تزال الضبابية تخيم على مواقف العديد من الشخصيات والتيارات، إذ ينظر إلى ما جرى البعض باعتباره تقدماً أمنياً طوى صفحة الصراع الدامي داخل مدينة تعز بين "أبو العباس" وخصومه. 

وفي الوقت ذاته، يختلف تقييم الموقف بين النظر إليها كانتصار لـ"الدولة ومؤسساتها" ضد جماعات مسلحة أو أنه لصالح قوة سياسية، "الإصلاح" تحديداً، والذي فرض حلفاؤه أو القادة العسكريون المحسوبون عليه الأمر الواقع أخيراً، على نحوٍ يجعل الباب مفتوحاً على جميع الاحتمالات، بما فيها تطبيع الحياة في المدينة بناءً على النتائج أو بقاء الصراع وعودته مجدداً وإن بعناوين ومعادلة مختلفة.