نفوذ المليشيات والأحزاب والعشائر يعيق عمل الشرطة جنوب العراق

نفوذ المليشيات والأحزاب والعشائر يعيق عمل الشرطة في جنوب العراق

24 ابريل 2019
التحرك قضائياً ضد جهات هددت الأمن (حيدر علي/فرانس برس)
+ الخط -

يواجه ضباط وعناصر الأمن العراقي في مدن عراقية عدة، تتميز باتساع نفوذ المليشيات المسلحة والسطوة العشائرية، ضغوطا كثيرة خلال أداء عملهم اليومي، تجعلهم في كثير من الحالات يطلبون الانتقال إلى مدن أخرى، أو إعفاءهم من مهامهم.

وفتحت حادثة تهديد ضابط عراقي في محافظة البصرة، الأسبوع الماضي، بـ"قلع عينيه" من قبل زعيم إحدى المليشيات، بعد اعتقاله رجل دين متهم بالتهريب، النقاش بشأن ما يتعرض له ضباط وعناصر الشرطة العراقية من تهديدات وابتزاز من قبل أطراف مليشياوية وأخرى عشائرية بسبب ممارسة عملهم اليومي.

واليوم، الأربعاء، قال مسؤول عراقي بوزارة الداخلية في بغداد إن الوزارة بصدد توجيه كافة مفاصلها في مدن جنوب العراق ووسطه بعدم التهاون مع أي تهديد أو اعتداء "حتى لو كان لفظيا على عناصر وأفراد الأمن، سواء كانوا ضباطا أو منتسبين عاديين"، مبينا أن "الوزارة تحركت قضائيا ضد جهات هددت عناصر أمن، بينها عشيرة قاومت عملية تفتيش في مناطقها، وكذلك زعيم مليشيا (المختار)، واثق البطاط، إثر تهديده لضابط في شرطة البصرة".

وأكد المسؤول العراقي أن "تحرك وزارة الداخلية جاء كضرورة ملحة لحماية عناصرها الذين يواجهون صعوبات في عملهم اليومي بمدن عدة في البلاد، بمن فيهم شرطة المرور والنجدة وشرطة الضبط القضائي".

وبحسب المسؤول ذاته، فإن "أفراد الأمن يواجهون مضايقات وعرقلة لعملهم من قبل فصائل مسلحة محسوبة على مليشيات (الحشد الشعبي)، وأيضا عشائر مختلفة، فضلا عن أشخاص يزعمون انتسابهم إلى مكاتب أحزاب وكتل سياسية، وهو ما دفع أخيرا لإصدار توجيه لكافة التشكيلات الأمنية بالتعامل مع أي تهديد أو عرقلة لعملهم بشكل حازم". 

وقال (س. خ)، وهو ملازم في شرطة البصرة، لـ"العربي الجديد"، إن "الواجبات الأمنية في البصرة تكون علينا أصعب مما لو قيل لنا ادخلوا بمعركة مع الإرهابيين في الأنبار أو نينوى"، مضيفا "للأسف عندما نذهب لتنفيذ مذكرات اعتقال أو تفتيش مناطق مشكوك بوجود مخدرات أو أسلحة أو مواد ممنوعة أو عصابات تهريب نفط فيها، نكون في وضعية خطر"، لأن "كل هذه الممارسات مدعومة من فصائل مسلحة أو أحزاب أو ممن لديهم عشائر متنفذة، لذا يكون كل من يشترك بهذا الواجب في خطر الملاحقة العشائرية، أو التهديد بالاغتيال في ما بعد، لذا تجد أن بعضنا يذهب وهو يرتدي قناعا أو لثاما حتى لا يعرفه أحد ويترصد به إذا ما عاد بإجازة لأهله"، مبينا أن "إجراءات الوزارة الأخيرة لحماية منتسبي الأمن غير كافية، ويجب أن تكون مباشرة ضد من يهدد أفراد الأمن مستغلا الحزب أو العشيرة أو الحشد". 

من جهته، قال عضو التيار المدني العراقي في بلدة الكوت، جنوبي العراق، رياض عباس شويلي، لـ"العربي الجديد"، إن "عدم اتخاذ الحكومة العراقية موقفا حازما ضد من هددوا الضابط في البصرة وأفراد قوته قبل أيام، بقتلهم وأسرهم وسحلهم في الشوارع، سيكون له تأثير سيئ على عمل جميع أجهزة الشرطة في المدن العراقية"، مشددا على أن "الضابط أو الشرطي يجب أن ينزل إلى الشارع وهو يعلم أنه يمثل القانون، ولا سلطة لأي مليشيا أو حزب أو عشيرة عليه".

وذكر شويلي أن "بعض الضباط اليوم يخشون تنفيذ مذكرات قبض بحق متهمين في مدن عدة، خوفا مما سيترتب على ذلك بحقهم من تهديد". 

وحذر خبراء أمنيون من انعكاس ذلك على مستوى الأمن في البلاد، وأنّه "سيمنح الجهات الخارجة عن القانون والعصابات فرصة للعبث بأمن العراق والتسلط على سلطة القانون".


وقال الخبير الأمني محـمد الرديني، لـ"العربي الجديد": "هذه الأجواء التي يعيشها ضباط الأمن في البلاد غير مناسبة للعمل، وستنعكس على مستوى أدائهم"، مبينا أنّ "اعتقال الضابط وترك زعيم المليشيا الذي هدده، سيمنع الضباط بشكل عام من تطبيق الأمن في البلاد".

وحذّر من "مغبة استمرار هذه الحالة، وعدم توفير حماية لمن يطبق القانون"، مؤكدا أنّ "كل ذلك سينعكس على أمن البلاد عامة وسترتفع الجرائم المنظمة، خاصة من قبل الجهات المرتبطة بالمليشيات والجهات ذات النفوذ".

وأشار إلى أنّ "أي جهة تطبق القانون تحتاج اليوم إلى الحماية اللازمة، وعدم توفير الحماية لها يعني هدم القانون في البلاد".

يشار إلى أنّ الحكومة العراقية لم تتخذ أي إجراءات بحق زعيم مليشيا المختار، الذي هدد بقتل الرائد علي شياع وأسرته، لاعتقاله رجل دين متهم بتهريب الزئبق، بينما أحالت الجهات الأمنية الضابط وأفراد قوته إلى التحقيق بعدما زجته في السجن على خلفية الحادثة، بتهمة التشهير والتقاط صور لرجل الدين خلال عملية اعتقاله.