استفتاء السيسي: لجان خاوية وارتباك إعلامي واستمرار الرشى

استفتاء السيسي: لجان خاوية وارتباك إعلامي واستمرار الرشى

القاهرة

العربي الجديد

العربي الجديد
22 ابريل 2019
+ الخط -
لليوم الثالث على التوالي، تتواصل الانتهاكات والخروقات الانتخابية في محيط لجان الاستفتاء على تعديلات الدستور المصري، وسط حالة من التعتيم على وسائل الإعلام المحلية، ومنع مراسلي الصحف من نشر التجاوزات المستمرة، والتي يتصدرها توزيع السلع الغذائية على الناخبين مقابل التصويت بـ"نعم" على التعديلات، وكذا تهديد أجهزة الأمن للعاملين في الجهات الحكومية والخاصة لدفعهم قسراً للتصويت.

ورصد "العربي الجديد" خلو أغلب لجان الاستفتاء من الناخبين، وانتشار العناصر الأمنية في محيط لجان الوافدين، والتي يصوت فيها الناخبون في لجان عوضاً عن مقارهم الانتخابية الأصلية، لتوقيف سيارت الأجرة، وإرغام الركاب فيها على النزول والتصويت في الاستفتاء، فضلاً عن استمرار حشد حزب "مستقبل وطن" (يُدار بمعرفة الأمن) للبسطاء والفقراء، ونقلهم إلى اللجان الانتخابية للتصويت مقابل الحصول على "كرتونة" سلع غذائية.

وبحسب مصدر مطلع في وزارة كهرباء، فإن جميع موظفي الحكومة أرغموا على الذهاب إلى لجان الاقتراع والمشاركة في اليوم الأخير للاستفتاء، بعد تهديدهم بعقوبات مالية وإدارية في حالة عدم التزامهم بالتعليمات، فضلاً عن اتهامهم بالانتماء إلى جماعة "الإخوان" المعارضة، مشيراً إلى أن التعليمات اشترطت التقاط الموظفين للصور بعد غمس أصابعهم في الحبر الفسفوري، ونشرها على صفحاتهم الشخصية بموقع "فيسبوك".

اعتراف حكومي

واعترف "المجلس القومي لحقوق الإنسان" التابع للحكومة، بوقائع الرشى الانتخابية، قائلاً إن "غرفة العمليات المركزية بالمجلس تلقت العديد من الشكاوى في اليوم الثاني للاستفتاء، ما دفعه إلى إيفاد 18 بعثة ميدانية لتفقد العديد من المراكز والمقار الانتخابية بالمحافظات، من أجل الوقوف على سير إجراءات عملية التصويت، ورصد مدى انتظام عملية التصويت، وتيسير كافة الإجراءات ذات الصلة".

وأضاف مجلس حقوق الإنسان، في بيان، الإثنين، أن بعثاته الميدانية رصدت عدداً من الملاحظات، تمثلت في "انتشار اللافتات الدعائية التي تشير إلى توجيه إرادة الناخبين نحو اختيار بعينه، وصعوبة وصول بعض الناخبين إلى المقار الانتخابية لتعديل البيانات الخاصة بهم بقاعدة البيانات، وتوزيع بعض الأشخاص الذين يحملون شارات وعلامات خاصة بعدد من الأحزاب السياسية، سلعاً غذائية على الناخبين أمام مقار بعض اللجان".



كما أشار البيان إلى "استخدام عدد من السيارات التي تحمل شارات لبعض الأحزاب السياسية، وعبارات من شأنها توجيه إرادة الناخبين، في النقل الجماعي للناخبين من العمالة الوافدة إلى مقار اللجان"، مشيراً إلى حرص المجلس على التواصل المستمر مع مسؤولي الهيئة الوطنية للانتخابات من أجل الوقوف على حقيقة تلك الشكاوى، وبحث سبل معالجتها، وتذليل العقبات أمام الناخبين لتمكينهم من ممارسة حقهم في المشاركة.

أكاذيب أمنية

على صعيد الإعلام، وزع جهاز الأمن الوطني، من خلال إدارة الإعلام بوزارة الداخلية، تقريراً مفبركاً نشرته غالبية المواقع الإلكترونية الموالية للنظام، حكومية وخاصة، بالصيغة والمفردات ذاتها، يزعم أن حزباً موالياً لجماعة "الإخوان" (لم يسمه التقرير) اشترى "كرتونات" سلع غذائية مملوءة ببضاعة رخيصة الثمن، بغرض توزيعها أمام اللجان الانتخابية، ونسبها زوراً إلى أجهزة الدولة.

وأضاف التقرير أن هذا الحزب يحضر حالياً لعقد مؤتمر صحافي يكشف فيه توزيع هذه "الكرتونات" بواسطة أحزاب مؤيدة للتعديلات الدستورية، وأجهزة الدولة، لحشد المواطنين للمشاركة في الاستفتاء، واتهام النظام بالتورط في وقائع تقديمها إلى المواطنين من أجل التصويت بـ"نعم" على التعديلات، بتمويل ودعم من جماعة "الإخوان"، بحجة أن الحزب هو أحد أحزاب المعارضة الموالية للجماعة سراً، ويقدم نفسه على أنه حزب ديمقراطي.

وأشارت الأكاذيب الأمنية، التي طاولتها موجةٌ من الهجوم والسخرية من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أنه من المرتقب تقديم بلاغات للنائب العام ضد هذا الحزب، والتحقيق مع قياداته بتهمة "تشويه الدولة المصرية" و"ترديد الشائعات عن عملية الاستفتاء"، إيذاناً بحله قضائياً بناءً على قرار من لجنة شؤون الأحزاب بعد فحص أوراقه، بعدما ثبت عمله على تشويه صورة الدولة المصرية أمام الخارج.



التهليل لموسى

هللت "الأذرع الإعلامية" للنظام بمشهد إدلاء رئيس لجنة إعداد دستور 2014، عمرو موسى، بصوته في الاستفتاء على التعديلات الدستورية، برفقه زوجته، وتصريحاته التي قال فيها إنه "يعتبر نفسه جزءاً من الحركة الوطنية المصرية، التي من حقها، وواجبها، أن تتعامل بإيجابية مع المواقف المختلفة التي ترتبط بحياة وحاضر ومستقبل الناس في مصر، وعلى رأسها التعبير عن موقفها من التطورات المصرية بكل أمانة، وصراحة، وحس وطني".

وشدد موسى على أهمية الذهاب إلى لجان الاستفتاء على التعديلات الدستورية، قائلاً: "يستوي في التعبير عن مواقف المصريين من يقول نعم في استفتاء الدستور عن اقتناع، ومن يقول لا عن اقتناع"، مستطرداً "الاقتناع يجب أن يكون مبنياً على الثقة في الذات المصرية، والفهم الصحيح للمصلحة الوطنية... والاستقرار والتقدم اللذين نرجوهما لمصر وشعبها، يستلزمان استقرار الدستور، واحترام أعمدته، وأركانه، وسيادة القانون".

العصور الوسطى

دعا عضو مجلس النواب، أحمد الطنطاوي، إلى نزول المصريين في آخر أيام التصويت في الاستفتاء على الدستور والتصويت برفض التعديلات، على الرغم من اعترافه بأن الاستفتاء الذي يُجرى في مصر حالياً هو الأسوأ في تاريخ البلاد، بالقول: "الجميع يعلم أن المشهد بائس جداً، ولكن على الشباب رفع العبء الأخلاقي عن الشعب المصري، وذلك بعد شراء إرادة الناس من خلال البون والكرتونة (السلع الغذائية)".

وأضاف الطنطاوي، في كلمة مسجلة بثها على صفحته الرسمية بموقع "فيسبوك"، مخاطباً الشباب: "شاركت أو لم تشارك، قرار التصويت ها يُعلن عنه بأصوات الشعب الذي شارك... وفر الكراهية إلى من فعل هذا في مصر، اليوم نقول (لا) بعد أن أصبح كل شيء أسوأ على كل المستويات، حيث الحكم مدى الحياة، وبصلاحيات مطلقة... وكلمتي هذه لأنني ممنوع من الظهور في التلفزيون الحكومي والفضائيات المصرية، منذ قضية تيران وصنافير".

وتابع الطنطاوي، الذي هاجم الرئيس عبد الفتاح السيسي تحت قبة البرلمان ما أكسبه تعاطفاً شعبياً، أن "استفتاء الدستور عنوانه شراء الأصوات، وتوزيع الاتهامات"، مستدركاً "هذا النظام أفقر الناس حتى يستغل حاجتهم المرة، ويزيف ويشتري إراداتهم... لنوفر مشاعر الكراهية لمن وعد الشعب بأنه بعد عامين سيبدأ جني الثمار، وبعد 8 أعوام سيكون المشروع قد اكتمل... موافقة الأغلبية على تعديل الدستور يجعله أمر واقع، ويعود بمصر إلى العصور الوسطى لنظم الحكم".



وركزت التعديلات الدستورية على مد ولاية السيسي من أربع إلى ست سنوات، وتطبيق المد بأثر رجعي لتنتهي في عام 2024 بدلاً من عام 2022، مع السماح بترشحه مجدداً لفترة ثالثة تنتهي في عام 2030، فضلاً عن إنشاء مجلس أعلى للهيئات القضائية برئاسته، ومنحه سلطة تعيين النائب العام، ورئيس المحكمة الدستورية، وإضافة "حماية مدنية الدولة" و"صون الدستور والديمقراطية" إلى اختصاصات المؤسسة العسكرية.

ذات صلة

الصورة
الدرس انتهى لموا الكراريس

منوعات

أحيا مصريون وعرب على مواقع التواصل الذكرى الـ54 لمذبحة مدرسة بحر البقر التي قصفها الاحتلال الإسرائيلي يوم 8 إبريل/نيسان عام 1970 في مدينة الحسينية.
الصورة
المؤرخ أيمن فؤاد سيد (العربي الجديد)

منوعات

في حواره مع " العربي الجديد"، يقول المؤرخ أيمن فؤاد سيد إنه لا يستريح ولا يستكين أمام الآراء الشائعة، يبحث في ما قد قتل بحثاً لينتهي إلى خلاصات جديدة
الصورة
مئات يترقبون انتشال المساعدات على شاطئ بحر غزة (محمد الحجار)

مجتمع

يواصل الفلسطينيون في قطاع غزة ملاحقة المساعدات القليلة التي تصل إلى القطاع، وبعد أن كانوا يلاحقون الشاحنات، أصبحوا أيضاً يترقبون ما يصل عبر الإنزال الجوي.
الصورة

سياسة

نقلت وكالة "رويترز"، اليوم الجمعة، عن أربعة مصادر أن مصر بدأت تمهيد منطقة على الحدود مع قطاع غزة يمكن استخدامها لإيواء لاجئين فلسطينيين.