التهديد عبر الهاتف.. رسائل لوقف جهود محاربة الفساد بالعراق

التهديد عبر الهاتف.. رسائل لوقف جهود محاربة الفساد بالعراق

02 ابريل 2019
مواجهة الفساد من أهم مطالب الشارع (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

أعاد الإعلان عن تلقي مسؤول عراقي في محافظة البصرة رسالة تهديد بالقتل في حال استمراره بالكشف عن ملفات فساد والتحقيق فيها، ملف التهديدات والمخاطر التي تواجه موظفي ومسؤولي الدولة العراقية الذين يقررون التصدي لملفات الفساد، وتفكيك ما بات يعرف بـ"مافيات الدولار" في بلاد الرافدين.


ويقول مسؤولون عراقيون في بغداد إن عدد المتصدين للفساد سيرتفع أضعافا في حال أوجدت طريقة عملية لحمايتهم، خاصة مع وجود تاريخ سيئ لأشخاص تصدوا للمهمة وتم اغتيالهم بطرق مختلفة.
وبحسب موظف رفيع في الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي، فإن الحكومة تتلقى كثيراً من التقارير حول الفساد من مسؤولين لا يذكرون أسماءهم خوفا على أنفسهم من مافيات الفساد، التي باتت هي "الدولة العميقة" بالفعل وليس أي جهة أخرى.
وأكد أن حادثة تهديد مسؤول في البصرة أعادت الجدل حول أهمية خلق أو تأسيس برنامج كامل يحمي الموظف الذي يتطوع في الكشف عن ملفات الفساد أو يساعد في إيقاف الهدر المالي، وهو ما يرحب به رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، لكنه أوضح أنه على مستوى موظفين ورؤساء أقسام، وهم العيون الأهم في كشف مواضيع الفساد، فهؤلاء يخافون من الدخول بمشاكل لا طاقة لهم بها.
وأمس الاثنين تلقى مسؤول في وزارة النفط العراقية، تهديدا من قبل جهة مجهولة قال عنها إنها تطلق على نفسها اسم "الدولة العميقة". وقال مدير هيئة المنتوجات النفطية في جنوب العراق، حيدر البطاط، في تصريح صحافي، "وردت رسالة تهديد إلى هاتفي من جهة تطلق على نفسها اسم الدولة العميقة، كما وردني تهديد آخر عبر البريد الإلكتروني من الجهة نفسها"، مبينا أنّ "التهديد ورد بعد مطالبتي بإعادة تأهيل مستودع نفطي، بالاستفادة من مواد متاحة ولا يحتاج لاستيراد من الخارج". ودعا رئيس الحكومة إلى "توفير الحماية الشخصية له ولأفراد عائلته"، مؤكدا "نحن في خطر شديد وقد يقتل أو يخطف أحدنا".
وعلى إثر الإعلان قالت هيئة النزاهة إنها باشرت التحقيق في القضية، إلا أن المسؤول لاذ بعشيرته كآخر خطوط الحماية له حيث قال رئيس عشيرة المسؤول ذاته، الشيخ علي أبو الحسن، إن "العشيرة على استعداد لتوفير 250 شخصا لحماية المسؤول من أي تجاوز، في حال عجزت القوات الأمنية عن ذلك"، مشددا "نحن نتضامن من عشيرة المسؤول (البطاط) ضد كل من ينهج نهج العصابات والمليشيات ويهدد رجال الدولة".
عضو لجنة النفط والطاقة البرلمانية، عدي عواد، قال في بيان صحافي، إنه "تم توجيه كتب رسمية إلى قاضي التحقيق في محكمة البصرة وهيئة النزاهة لأجل فتح تحقيق بالموضوع خاصة فيما يتعلق بالفساد في ملف المشتقات النفطية".
أما عضو التيار المدني العراقي، أحمد عبد السلام، فقال إن البرلمان والحكومة مطالبان بتأسيس جبهة قوية ضد الفساد كجبهة الحرب على الإرهاب، وإلا فإن العراق سيبقى مشلولا لعقود طويلة.
ودعا إلى تشريع قوانين وبناء منظومة ثقة بين الحكومة والموظف أو المسؤول وتخصيص أرقام للاتصال، والتكتم على هوية المتصل الذي يدلي بأي معلومات وتجريم أي حزب أو جهة تحمي أو تتورط بحماية مسؤولين فاسدين وتنظيم عملية إحالة العقود والمناقصات، بحيث تكون بلجنة مرتبطة بالحكومة وتخضع لشروط وضوابط ومنع عقود الباطن والوسطاء والمقاولين الثانويين، واعتماد التوثيق الإلكتروني بدلا من الأرشيف الحالي الذي ما زال مستعملا اليوم، ويعود لما قبل الإنترنت.



ولفت عبد السلام إلى أن التهديدات التي يتلقاها المسؤولون مستمرة، وكثير من تلك الرسائل الصغيرة أجهضت محاولات وقف سرقة واستنزاف أموال العراقيين، فـ"الموظف بالنهاية له أطفال وزوجة وأهل يخاف عليهم وإذا ما صار التهديد يمسهم يتنازل عن كل شيء"، على حد تعبيره.