الحراك الشعبي بالجزائر يتواصل: تأكيد السلمية بوجه التعزيزات الأمنية

الحراك الشعبي في الجزائر يتواصل: تأكيد السلمية في وجه التعزيزات الأمنية

18 ابريل 2019
شددت السلطات الجزائرية الإجراءات الأمنية على مداخل العاصمة(العربي الجديد)
+ الخط -

شددت السلطات الجزائرية الإجراءات الأمنية على مداخل العاصمة، ونشرت للأسبوع الثاني على التوالي حواجز للدرك عند مداخل العاصمة خاصة من الناحية الشرقية، للحد من دخول أعداد من المتظاهرين للمشاركة في الجمعة التاسعة من الحراك الشعبي، والتي تتزامن مع ذكرى الربيع الأمازيغي (20 أبريل 1980)، الذي تتناغم مطالبه في الديمقراطية والعدالة والحريات مع نفس روح مطالب الحراك الشعبي.

وحفاظاً على سلمية الحراك، توجهت مجموعة من الشباب الجزائري الناشط إلى تنفيذ مبادرة شبابية لتأطير وحماية الحراك الشعبي خلال مسيرات الجمعة التاسعة، وتحضير سترات برتقالية مكتوب عليها "سلمية سلمية"، بهدف تثبيت السلوك السلمي ومنع أية انزلاقات ورصد مجموعات من المنحرفين باتت تتسلل إلى قلب الحراك الشعبي وتثير فوضى في نهاية مسيرات كل جمعة، خاصة في العاصمة الجزائرية.

ويقود الناشط والإعلامي توفيق عمران مبادرة "السترات البرتقالية" التي تهدف بحسب تصريحه لـ"العربي الجديد" إلى منع أي احتكاك أو صدام بين المتظاهرين ورجال الأمن.

وأثار نشر قوات إضافية من الدرك على تخوم العاصمة الجزائرية واقتحام وحدة أمنية مساء أمس الأربعاء كلية الحقوق ببن عكنون في العاصمة الجزائرية دون ترخيص من إدارة الكلية وبما يخالف قوانين الحرم الجامعي، وقبلها اعتقال ناشطين وسط العاصمة واقتيادهم إلى مركز أمني بعيد، وإطلاق القنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين الجمعة الماضية، أسئلة في الجزائر حول طبيعة الدور والجهة التي تدير المؤسسة الأمنية المستمرة في سلوكيات تصفها القوى السياسية والمدنية والهيئات الحقوقية بالمستفزة، عشية الجمعة التاسعة من الحراك الشعبي التي ستشهدها الجزائر.

ونفت إدارة كلية الحقوق ببن عكنون في أعالي العاصمة الجزائرية اليوم الخميس منحها أي ترخيص لأي قوة أمنية للدخول إلى باحة الكلية، وأكدت أنه لم يرد إليها أي اتصال من أية جهة أمنية لطلب الدخول، وأعلنت أنها أبلغت الجهات المعنية بهذا التجاوز لاتخاذ ما تراه مناسباً من الإجراءات القانونية.

وفيما ذكر شهود عيان أن القوة الأمنية كانت تحاول ملاحقة طلبة يعتقد أنهم ناشطون في الحراك الشعبي، لم تكشف قيادة الأمن العام عن سبب اقتحام العناصر الأمنية المؤسسة الجامعية، وعن مبررات عدم اتخاذ الإجراءات القانونية الخاصة بالعمل الأمني داخل الحرم الجامعي في حال كانت المسألة تخص قضية أمنية أو غيرها.

ويثير تراكم عدد من الأحداث الكثير من التساؤلات باستمرار المؤسسة الأمنية في نفس السلوكيات الضاغطة على الشارع والفضاءات الأخرى، برغم الحراك الشعبي الذي أطاح بالرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة وعدد من الشخصيات السياسية والأمنية التي كانت تستخدم المؤسسة الأمنية لقمع المجموعات المعارضة، كسعيد بوتفليقة شقيق الرئيس المستقيل، ورئيس الحكومة الأسبق أحمد أويحيى ووزير العدل الطيب لوح ومدير جهاز المخابرات بشير طرطاق.

ويدخل في سياق هذه المؤشرات منع الناشط الحقوقي والمحامي مصطفى بوشاشي مساء الثلاثاء من إلقاء محاضرة حول الحراك الشعبي في جامعة البليدة قرب العاصمة الجزائرية، كان سيلقيها أمام الطلبة، تحت ضغط أمني مورس على إدارة الجامعة، وقبلها منع المظاهرات عدا أيام الجمعة والتضييق على الطلبة في الشارع واعتقال 10 ناشطين الأربعاء الماضي كانوا بصدد تنظيم مظاهرة وسط العاصمة الجزائرية، تم اقتيادهم دون أي مبرر إلى مركز أمني بعيد في الضاحية الجنوبية للعاصمة الجزائرية، وأثيرت خلال ذلك مسألة التفتيش وتجريد أربع ناشطات من ملابسهن، رفعت بشأن ذلك شكوى قضائية ضد مدير المركز الأمني ومدير الأمن العام ووزير الداخلية.

وخلفت هذه الحادثة إدانة سياسية وشعبية وإعلامية واسعة، حيث أصدرت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان بياناً وصفت فيه ما حدث للناشطات "بالتصرف الذي ليس له مبرراً ويعد مساساً بكرامة النساء الناشطات وانحرافا خطيرا يستوجب من السلطات القضائية المختصة فتح تحقيق حوله".

لكن أكثر ما أثار حفيظة القوى السياسية والمدنية وطرح مخاوفها من وجود سلطة غير متجاوبة مع الحراك الشعبي وأطراف موالية محسوبة على مجموعة الرئيس المستقيل بوتفليقة، تدفع بالمؤسسة الأمنية إلى الانزلاق في المواجهة مع الشارع وارتكاب تجاوزات، كان إطلاق قوات الأمن الجزائرية الجمعة الماضية لخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين وسط العاصمة الجزائرية، دون وجود مبررات لذلك.

وتبع هذه الحادثة إطلاق القنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين داخل النفق الجامعي، ما أثار حالة من الخوف والهلع في صفوف المتظاهرين خاصة النساء، وبرغم محاولة قيادة الأمن العام نفي ذلك، في بيان جاء فيه أن "منهاج العمل في مجال حفظ النظام العام، الذي تضطلع به قوات النظام، وعلى عكس ما يروجه البعض، سواء عن جهل أو عن قصد، ليس في جوهره قمعياً ولم يكن في يوم من الأيام موجهاً ضد المواطن الذي يبقى في صلب اهتمام العمل الشرطي، بل هو ثمرة المهمة الدستورية النبيلة التي تتمثل في حماية المواطن وضيوفه الأجانب، من كل خطر يهدد سلامتهم وسلامة ممتلكاتهم"، إلا أن الناشطين والقنوات المستقلة بثوا عددا معتبرا من الفيديوهات التي تثبت قيام أفراد الأمن بإطلاق القنابل المسيلة للدموع داخل النفق الجامعي، دون أن يكون هناك ما يبرر هذا السلوك الأمني.

وكان لافتاً انتباه تكتل أحزاب المعارضة إلى تغير السلوك الأمني وتوجهه إلى حالة قمعية، حيث أخذ ذلك حيزاً من النقاش في الاجتماع الثامن لقوى المعارضة الثلاثاء الماضي، وخصته في بيانها بإدانة "لجوء قوات الأمن إلى أشكال العنف ضد المتظاهرين، لا سيما التجاوزات التي حدثت في مسيرات سابقة، وتثمين التزام المتظاهرين بالسلمية".

وبرغم الالتزامات السياسية التي أعلنها رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، وجددها في خطابه الثلاثاء الماضي، بشأن حرص الجيش على حماية المسيرات وتأمين المتظاهرين، وإصداره تعليمات بذلك، فإن المتابعين يعتقدون أن هناك غموضاً في سلطة القرار الأمني.

ويقول الناشط عبد الوكيل بلام إن "هناك فجوة بين خطاب قائد الجيش وتعهداته، وبين السلوك الأمني الميداني لقوات الشرطة التي تتبع وزارة الداخلية"، فيما ترجح تقديرات أخرى أن يكون "هناك توزيع أدوار بين الجيش والقوى الأمنية"، حسب ما يذهب إليه المحلل السياسي مروان لوناس، خاصة في علاقة بتثبيت قوات الدرك، وهي قوات تابعة للجيش لحواجز على مداخل العاصمة مساء كل خميس لمنع المتظاهرين من ولايات أخرى من الوصول إلى العاصمة.

المساهمون