الشرطة الجزائرية تطلق قنابل مسيلة للدموع ضد متظاهرين

الشرطة الجزائرية تطلق قنابل مسيلة للدموع ضد متظاهرين وسط العاصمة

الجزائر
60244E7B-773C-460F-B426-426EBC60D89E
عثمان لحياني
صحافي جزائري. مراسل العربي الجديد في الجزائر.
12 ابريل 2019
+ الخط -

أطلقت قوات الأمن الجزائرية القنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين، مساء اليوم الجمعة، لتفريق المتظاهرين وسط العاصمة الجزائرية، في تطور لافت يؤشر على رغبة السلطات في إنهاء الحراك الشعبي.  

واندلعت مواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن وسط العاصمة الجزائرية، عندما حاولت مجموعة من المشاغبين محاصرة سيارة شرطة كان بها عناصر من الأمن اعتقلت لصاً قام بسرقة هاتف أحد المتظاهرين وأحرقتها، واعتدت على عون أمن وحاولت الضغط على مجموعة الشرطة لإطلاق سراح الشاب الموقوف بتهمة السرقة.  

وقال مصدر أمني لـ"العربي الجديد" إن "مجموعة من المشاغبين كانت وسط المتظاهرين تسببت في حدوث المواجهات بعد مهاجمتها لأعوان شرطة مكلفين بحماية الأمن العام والممتلكات"، مشيراً إلى أن "قوات الأمن العام تدخلت لاستعادة الأمن العام ومنع تغول مجموعات المشاغبين".   

واستقدمت السلطات تعزيزات أمنية، وحاولت قوات الشرطة ملاحقة المجموعة المشاغبة ودفع المتظاهرين إلى مغادرة ساحة أودان وإنهاء المسيرات، لكن المتظاهرين رفضوا ذلك وتمسكوا بحقهم في التظاهر.

وشوهد عناصر الأمن من قوة خاصة تدعى "كوسوب" وهم يطلقون القنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين، في ساحة صغيرة قرب البريد المركزي، كما استخدمت قنابل صوتية كان يسمع دويها عن بعد. 

ولاحق أعوان الأمن المتظاهرين حتى شارع عميروش والبريد المركزي، بدون أن يفلح الأمن في دفع المتظاهرين إلى المغادرة.

وقال حسين بن ساسي، أحد المتظاهرين، إنه يستغرب لجوء قوات الأمن إلى استعمال القنابل المسيلة ضد المتظاهرين، برغم السلمية التي يتميز بها المتظاهرون منذ الصباح، وقال "ليس لي إلا أن أدعو الله أن ينصرنا ويلهم بلادنا السلام".

لكن المتظاهرين عادوا بعد ذلك إلى التجمع في ساحة البريد، كإشارة منهم على الإصرار التام على استكمال الحراك الشعبي.

وكانت العاصمة الجزائرية قد شهدت، صباح اليوم، احتكاكاً طفيفاً بين قوات الأمن والمتظاهرين، أطلقت فيه قوات الأمن خراطيم المياه على المتظاهرين، لكن الأمور هدأت، في وقت لاحق، قبل أن تتجدد المناوشات مساء.

ومنذ مساء أمس، كان واضحاً وجود تشديد أمني في العاصمة الجزائرية، يؤشر على قرار بإنهاء الحراك الشعبي ووقف المسيرات الشعبية في العاصمة والمدن الجزائرية، بسبب طول فترة الحراك الشعبي وخوفاً من انزلاقات محتملة.  

وأعلن بيان لمديرية الأمن العام أن 27 شرطيا أصيبوا، بينهم أربعة في حالة خطرة، خلال "اعتداءات بالحجارة وأدوات حديدية حادة من قبل منحرفين مندسين، في شارعي محمد الخامس وديدوش مراد وسط العاصمة الجزائرية، تسببت في تحطيم عدد من المركبات التابعة للأمن الوطني". 

وأكد البيان توقيف 108 أشخاص إلى حد الآن من بين المعتدين، مشيرا إلى أن التحريات متواصلة من قبل مصالح الأمن التي تحوز على تسجيلات وصور فيديو قيد الاستغلال لتحديد هوية المتسببين الآخرين في أعمال الشغب لتوقيفهم وتقديمهم أمام الجهات القضائية.

وأوضح بيان الشرطة أنه يتم التكفل بعناصر الشرطة المصابين في المستشفى المركزي للأمن.

كشف عن "مخطط إرهابي" 

وفي سياق متصل، أعلنت الأجهزة الأمنية الجزائرية، مساء اليوم الجمعة، كشف "مخطط إرهابي" لتنفيذ عمليات إرهابية أثناء الحراك الشعبي في العاصمة الجزائرية. 

وكشفت المديرية العامة للأمن الوطني، في بيانها اليوم، أنه "تم الكشف عن هوية أجانب وتوقيفهم جاءوا خصيصاً من أجل تحويل الحراك عن سلميته والانزلاق به، وتوقيف جماعة إرهابية كانت تخطط لتنفيذ أعمال إرهابية أثناء الحراك". 

وقال المصدر إن الأجهزة الأمنية وضعت حداً لـ"مشاريع إجرامية واسعة النطاق، على غرار قيامها إلى جانب مصالح الجيش الوطني الشعبي بتوقيف مجموعة إرهابية مدججة بالأسلحة والذخيرة، والتي كانت تخطط للقيام بأعمال إجرامية ضد المواطنين، مستغلة الكثافة البشرية الناجمة عن التعبئة". 

ولفت البيان إلى أن "التحريات المنجزة سمحت بالتوصل إلى أن بعض الأسلحة التي كان يحوزها هؤلاء المجرمون تم استعمالها في جرائم اغتيال في حق بعض منتسبي مصالح الأمن خلال العشرية السوداء". 

وشددت مديرية الأمن الجزائرية على أن الشرطة "تعمل على حماية الأشخاص المعرضين للخطر"، مؤكدة أنه "خلال هذه الأسابيع تم تحديد هوية أجانب، تم توقيفهم والكشف عن مخططاتهم، ممن جاءوا خصيصا لإذكاء التوترات ودفع الشباب للجوء إلى أنماط متطرفة في التعبير، قصد استغلال صورهم عبر وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. كما تم توقيف البعض وبحوزتهم تجهيزات حساسة، وغيرهم يتوفرون على عقاقير مهلوسة بكميات معتبرة، والذين كانوا ينشطون في إطار شبكات وضمن نقاط محددة". 

وأضافت أنه "خلال كل الأسابيع، وكل يوم، تم توقيف جانحين وأشخاص مغرضين، كانوا موجودين بين المتظاهرين، ينشطون بين جماعات إجرامية، بعضهم كان يحاول بيع ممنوعات أو سرقة المواطنين، وحتى التحرش بهم أو الاعتداء عليهم".

وأوضح البيان "بعض المحرضين من ذوي النوايا الماكيافيلية، لم يكن لهم من غرض سوى الزج بالأطفال في أتون الأحداث وسط حشود تتشكل من أطفال أبرياء في سن مبكرة جداً، وحتى تلاميذ وأشخاص ضعفاء متقدمين في السن ومعاقين، على حساب حقوقهم الأساسية، عبر توقيف دراستهم وتعريضهم لكل الأخطار التي يمكن أن تنجم عن مثل هذه الحالات". 

كذلك، تؤكد المديرية أن كثيراً من المواطنين يشتكون من استغلال الحراك للطرقات وصعوبة التنقل، و"رغم المجهودات المبذولة من طرف مصالح الشرطة، لتسهيل السير على الطريق العام، فإن العديد من مستعمليه ما زالوا يشتكون من أوضاع الحركة المرورية والتنقل، بعد أن أدى التجمهر الدائم الى غلق المسارات، وأثر سلبا على شروط حياتهم الطبيعية، كما أثر على تجارتهم وسكينتهم وانشغالاتهم". 

وفي سياق ذي صلة، قال البيان إن "مواقع التواصل الاجتماعي والحوارات بين المواطنين صارت عرضة للتسميم الفكري من طرف مستغلي التطرف الأيديولوجي ومجندي شبكات الإرهاب العابر للأوطان، الباحثين عن مجندين جدد من خلال استغلال حالات الاستياء الاجتماعي لاستعمالها كذريعة لمسار التطرف والتشدد". 

وأكد البيان أن "منهاج العمل في مجال حفظ النظام العام، الذي تضطلع به قوات النظام، وعلى عكس ما يروجه البعض، سواء عن جهل أو عن قصد، ليس في جوهره قمعياً، ولم يكن في يوم من الأيام موجهاً ضد المواطن الذي يبقى في صلب اهتمام العمل الشرطي، بل هو ثمرة المهمة الدستورية النبيلة التي تتمثل في حماية المواطن وضيوفه الأجانب، من كل خطر يهدد سلامتهم وسلامة ممتلكاتهم". 

وأشار البيان إلى أن "تطورات الوضع تثبت، يوماً بعد يوم، أن أعداء الشعب وأعداء تاريخه ومكتسباته حريصون على دفع الشارع نحو الانزلاق، لتنفيذ مخططاتهم المغرضة، التي تستهدف الوحدة الوطنية، إذ إن البعض منهم المعروفين بتهويلهم اللاعقلاني لم يترددوا في تشويه التدخل القانوني والمنسجم لقوات النظام افتراء، لإعطائه طابعاً قمعياً غير صحيح". 

ودعا بيان الأمن الجزائري إلى "التحلي بالفطنة والحكمة الذي عرف منذ بداية المظاهرات السلمية"، التي "لا يمكنها أن تتم على حساب حرية الحركة وسلامة الأشخاص والممتلكات واستمرارية المرفق العام والمصلحة العامة للمواطن، كيف يثبت حبه لوطنه وارتباطه بمؤسساته".

وحث البيان "وسائل الإعلام الوطنية بالاحترافية والشعور بالمسؤولية للعائلات الجزائرية الحريصة على مصير أبنائها، والتي عليها أن تحذر مما يحاك في الخفاء خلف الحراك المواطناتي الحقيقي". 

ويوم الأربعاء الماضي أكد قائد أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح إحباط مخططات وصفها بـ"الخبيثة لمنظمات أجنبية غير حكومية لها عملاء في الداخل كانت مكلفة بتوجيه المسيرات الشعبية واختراقها"، وقال "ولإحباط محاولات تسلل هذه الأطراف المشبوهة، بذلنا في الجيش كل ما بوسعنا، من أجل حماية هذه الهبة الشعبية الكبرى من استغلالها من قبل المتربصين بها في الداخل والخارج، مثل بعض العناصر التابعة لبعض المنظمات غير الحكومية التي تم ضبطها متلبسة، وهي مكلفة بمهام اختراق المسيرات السلمية وتوجيهها، بالتواطؤ والتنسيق مع عملائها في الداخل، هذه الأطراف التي تعمل بشتى الوسائل لانحراف هذه المسيرات عن أهدافها الأساسية وركوب موجتها لتحقيق مخططاتها الخبيثة، التي ترمي إلى المساس بمناخ الأمن والسكينة الذي تنعم به بلادنا". 

ذات صلة

الصورة
	 في طوكيو: "أوقفوا العدوان على غزة" (ديفيد موروي/ الأناضول)

منوعات

"وحيدا وبصمت"، هكذا يصف الياباني فوروساوا يوسوكي احتجاجه المتواصل على العدوان الإسرائيلي المستمر لقطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
الصورة

مجتمع

تلقى النائب العام المصري محمد شوقي عياد، اليوم الأربعاء، نحو 30 بلاغاً من أسر شباب معتقلين يفيد باختفاء أبنائهم قسرياً عقب القبض عليهم بالتظاهرات التي اندلعت الجمعة الماضي دعماً لقضية فلسطين ونصرة قطاع غزة في مواجهة عدوان الاحتلال الإسرائيلي الممنهج
الصورة
احتجاجات السويداء 2 (العربي الجديد

سياسة

تبدو احتجاجات السويداء تحدياً غير مسبوق للنظام السوري، ذلك أن معارضة الأقلية الدرزية تمثّل انقلاباً على تكتيكات النظام الذي حمل خطاب "تخويف" موجّه للأقليات مفاده: أن "خطراً وجودياً قد يحدق بها في حال خسر النظام السلطة".
الصورة
احتجاجات المعلمين في الضفة الغربية (العربي الجديد)

مجتمع

عادت احتجاجات المعلمين المطلبية في الضفة الغربية، اليوم الأربعاء، لكنّ أجهزة الأمن الفلسطيني كانت لها بالمرصاد، وعرقلت تحرّكات المحتجين.