"معتقلو الريف" في المغرب يواجهون الترحيل

"معتقلو الريف" في المغرب يواجهون الترحيل: تنديد واحتجاج ودعوات للتضامن

11 ابريل 2019
ارتفعت دعوات للتضامن مع معتقلي الريف (Getty)
+ الخط -

بعد مضيّ أيام على تأييد محكمة الاستئناف في مدينة الدار البيضاء المغربية للأحكام الصادرة في حق معتقلي "حراك الريف"، قررت مديرية السجون في المغرب ترحيل المعتقلين القابعين في سجن عكاشة بالمدينة، إلى عدد من المؤسسات السجنية الواقعة شمال البلاد.

وأفادت المديرية العامة للسجون، في بلاغ صدر عنها اليوم الخميس، بأن قرار الترحيل "يأتي غداة صدور أحكام استئنافية في حق مجموع النزلاء المعتقلين على خلفية أحداث الحسيمة، وفي إطار تقريب هؤلاء النزلاء ما أمكن من ذويهم، والحفاظ بذلك على روابطهم الأسرية والاجتماعية".

وأورد البلاغ أن المندوبية العامة للسجون اعتمدت في هذا التوزيع على معايير تنظيمية تخص مدة العقوبة المحكوم بها على كل واحد من المعتقلين، والتصنيف المعمول به للمؤسسات السجنية من حيث مدد العقوبة، مع مراعاة بعض الحالات الخاصة المرتبطة بالطابع الأسري والاجتماعي.

وتوزعت ردود الأفعال حيال هذا القرار المفاجئ، بين من اعتبره قراراً إنسانياً يروم تقريب مكان سجن المعتقلين من عائلاتهم وذويهم، حتى لا يتحملوا عبء السفر من الحسيمة في قلب الريف، إلى الدار البيضاء، ومنهم من وجده سياسة تهدف إلى تشتيت جهود التضامن مع المعتقلين، وحتى تشتيت التواصل بين النشطاء المعتقلين أنفسهم.

وفي هذا الإطار، قال أحد أفراد عائلة معتقل على ذمة "أحداث الحسيمة"، ومدان بالسجن 10 سنوات، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن ترحيل قريبه من سجن عكاشة إلى مؤسسة سجنية في تطوان شمال المملكة، "سيريح بلا شك من عناء التنقل كل أسبوع إلى البيضاء مع طول المسافة، وأحياناً البحث عن المبيت ووسائل النقل". لكنه رأى أن "القرار في ظاهره الرحمة وفي باطنه العذاب"، شارحاً أن الترحيل "يبدو ظاهرياً بهدف أنسنة السجن ورفع المعاناة عن الأسر، لكنه سوف يعمل على قطع الصلة بين المعتقلين الذين كانوا مجتمعين في سجن واحد، ما يعني محاولة إخماد احتجاجات قوية من قبيل الإضراب عن الطعام أو خياطة الفم".

في السياق، علم "العربي الجديد" من مصادر مقربة من معتقلي الريف، أن ناصر الزفزافي بمعية المعتقل محمد حاكي، أزالا خياطة فميهما، نزولاً عند رغبة عدد من المعتقلين والأسر والنشطاء، وأنهما تلقّيا إسعافات طبية في هذا الصدد، لكنهما يظلان متمسكين برفقة عدد من المعتقلين الآخرين، بالإضراب عن الطعام إلى حين إشعار غير محدد.

وأخرجت الأحكام الصادرة مؤخراً ضد معتقلي "حراك الريف"، مساء أمس، نشطاء إلى الاحتجاج في شوارع بعض مدن المملكة، مثل الرباط والدار البيضاء وأغادير، ضمن وقفات وصفها البعض بأنها "محتشمة من حيث العدد"، فيما اعتبرها آخرون بداية إيجابية لإعادة الروح والتوهج إلى هذا الملف. 

ولا تقف وراء تنظيم هذه الوقفات جهة بعينها، فقد جاءت استجابة لدعوات نشطاء حقوقيين ونشطاء سابقين من حركة 20 فبراير، في الوقت الذي ارتفعت فيه دعوات جديدة لتنظيم مسيرة صامتة يوم 21 إبريل الحالي في الدار البيضاء، ليس فقط تضامناً مع معتقلي الريف، ولكن أيضاً مع معتقلي مدينة جرادة، ومع ملف الأساتذة المتعاقدين.

وعلى صعيد ذي صلة، توالت مواقف هيئات حقوقية وسياسية بشأن الأحكام الصادرة، حيث نددت فيدرالية اليسار الديمقراطي بما سمته "عودة المقاربة الأمنية في تدبير ملف معتقلي الريف"، داعية الحكومة والدولة المغربية إلى أن "تتحمّل مسؤولياتها كاملة في ما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع".

وشددت فيدرالية اليسار، في بيان جديد لها، على "ضرورة الاستجابة للمطالب الاجتماعية المستعجلة، وإطلاق ورش الإصلاح الشامل ومحاربة الفساد، في إطار الربط الحقيقي للمسؤولية بالمحاسبة والتوزيع العادل للثروة، لضمان شروط التنمية الشاملة، ومن ثم أمن البلاد واستقرارها".

من جهتها، انتقدت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الأحكام الصادرة في حق معتقلي الريف، باعتبار أن المحكمة "اعتمدت اعترافات المدعى عليهم كأدلة، ورفضت نفيهم ما نسب إليهم من تصريحات".