مجلس مكافحة الفساد بالعراق يصطدم بملفات شائكة: تركة ثقيلة

مجلس مكافحة الفساد بالعراق يصطدم بملفات شائكة: تركة ثقيلة

05 مارس 2019
أغلب الملفات المطروحة تعود لحقبة ولايتي نوري المالكي(فرانس برس)
+ الخط -

يواجه المجلس الأعلى لمكافحة الفساد في العراق، الذي أعلن تأسيسه منذ أكثر من شهر، ملفات ثقيلة ومعقدة مرتبطة بأحزاب وشخصيات متنفذة. وفيما تؤكد مصادر حكومية أن أغلب هذه الملفات مرتبطة بحقبة رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي (2006-2014)، يطالب نواب بما يسمونها "صولة على الفاسدين" بدلاً من تشكيل المجلس "الذي لن يجدي نفعاً" بحسب رأيهم، ويكون حلقة أخرى تضاف إلى تشكيلات أخرى مثل ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة ومكاتب المفتش العام بالوزارات.

وأكد مسؤول عراقي رفيع، أن أكثر من سبعين ملفاً طرحت على طاولة المجلس الأعلى لمكافحة الفساد، مشيراً في حديث لـ "العربي الجديد" إلى وجود بعض الملفات الشائكة لارتباطها بشخصيات وأحزاب متنفذة.

وبيّن المسؤول أن أغلب الملفات المطروحة تعود إلى حقبة ولايتي نوري المالكي، 2006 - 2014، موضحاً أن المجلس يناقش قضايا فساد تسبب بفقدان عشرات المليارات من الدولارات.

وأوضح أن المجلس ناقش خلال جلساته الماضية صلاحياته، وسبل المضيّ بالإجراءات الفعلية لمكافحة الفساد، مؤكداً وجود تحديات كبيرة تضع المجلس الأعلى لمكافحة الفساد على المحكّ، "ولا سيما في ظل وجود جهات رقابية أخرى، فشلت في الحدّ من الفساد خلال السنوات الماضية".

يشار إلى أن المجلس الأعلى لمكافحة الفساد، الذي يضمّ مسؤولين ومختصين برئاسة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، يعدّ الجهاز الرقابي التنفيذي الرابع المعني بمكافحة الفساد، بعد هيئة النزاهة، ديوان الرقابة المالية، ومكاتب المفتشين العموميين في الوزارات، يضاف إلى ذلك الرقابة التي يمارسها مجلس النواب كجهة تشريعية رقابية.

ووجه المجلس الأعلى لمكافحة الفساد في العراق، في جلسته التي عقدها الأحد الماضي برئاسة عادل عبد المهدي، بمتابعة ملف التعيينات في مناطق جنوبية، أبرزها محافظات القادسية وواسط وذي قار.

وقرر في اجتماعه البدء برسم خريطة مكافحة الفساد في مختلف التشكيلات التابعة للدولة، بشكل يتيح معالجة كل ملف بمهنية، ومعرفة تامة بالآليات المتبعة التي يمكن أن تطوق الفساد، كما ناقش آلية اختيار المفتشين العموميين في الوزارات على أساس الكفاءة والنزاهة والاختصاص، بشكل ينسجم مع المهامّ الملقاة على عاتقهم.

وتعدّ الملفات التي يجب على المجلس الأعلى لمكافحة الفساد مناقشتها مهمة، وفقاً لما يراه رئيس "كتلة الإصلاح" في البرلمان العراقي صباح الساعدي، الذي قال إن على المجلس فتح الملفات الكبيرة المخفية التي لا يمكن لأحد كشفها.

وبيّن خلال مقابلة متلفزة، أن فتح هذه الملفات بالتعاون بين أعضاء مجلس مكافحة الفساد، والسلطة التشريعية سيؤدي إلى محاصرة الفاسدين.

إلا أن عضو مجلس النواب عن تحالف "الفتح" أحمد الكناني، لا يثق بالنتائج التي يمكن أن تتحقق من عمل مجلس مكافحة الفساد، موضحاً في تصريح صحافي أن عبد المهدي غير قادر على الوقوف بوجه حيتان الفساد في العراق.

ورجح الكناني أن يكون المجلس "مجرد خطوة مستهلكة لن تقدم شيئاً"، مبيناً أن الفساد في العراق لا يمكن أن ينتهي دون "صولة فرسان" على الفاسدين، "لأن المشكلة في محاربة الفساد سياسية"، واتهم بعض الأحزاب في العراق بأنها هي التي أوجدت الفاسدين، وتستمر بحمايتهم، وفق رأيه.

وأطلق مصطلح "صولة الفرسان" على الحملة الأمنية التي قامت بها القوات العراقية بمساعدة الأميركيين، للقضاء على المسلحين التابعين لمقتدى الصدر في البصرة ومناطق جنوبية أخرى عامي 2006 و2007.

دور البرلمان

إلى ذلك، أكد عضو البرلمان العراقي محمد كريم أن على السلطتين التشريعية والتنفيذية اتباع جميع السبل التي من شأنها محاسبة الفاسدين، واسترداد أموال الدولة التي نهبت خلال السنوات الماضية، موضحاً في حديث لـ "العربي الجديد" أن على البرلمان ممارسة دوره الحقيقي في حسم هذا الملف.

وبين كريم أن "استيلاء مسؤولين ومتنفذين على أموال هائلة في السابق زاد من معاناة العراقيين، ولا سيما الفقراء والمحرومين منهم"، مشدداً على ضرورة التعامل بجدية مع هذه القضية.

وأكد محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق، الإثنين، أن محاربة الفساد في العراق كانت من أهم أولويات البنك منذ عام 2014 (تولي حيدر العبادي رئاسة الوزراء حتى عام 2018).

وأوضح العلاق أن جهود قادة العراق بمساعدة الخبراء الدوليين والأميركيين، "بدأت بجني ثمارها"، موضحاً أن هذا الأمر "أكسبنا احترام المنظمات الدولية، وأفسح في المجال لفرص مالية دولية لدخول العراق".

ونقلت وسائل إعلام محلية عن العلاق، قوله إن عمل الفترة الماضية أفسح في المجال للتعامل مع المشاكل، لافتاً إلى إنشاء قاعدة بيانات من شأنها مكافحة غسل الأموال، والحدّ من سبل تمويل الإرهاب.

وعبّر العضو السابق في تحالف القوى محمد عبد الله، عن أمله أن تسفر جهود محاربة الفساد بالكشف عن الشخصيات، التي تسببت بانهيارات اقتصادية خلال السنوات الماضية، مستدركاً: "إلا أن هذا الأمر مستبعد في ظل وجود مافيات متنفذة يمكنها عرقلة أي جهد وطني لمحاربة الفساد".

وتابع: "على البرلمان والحكومة المضيّ بشكل جدّي بإجراءات مكافحة الفساد"، منتقداً في حديث لـ "العربي الجديد" "التغاضي عن قادة ووزراء ومسؤولين كبار ثبت بالدليل القاطع تورطهم بالفساد، واقتصار المحاسبة على صغار الموظفين الذين لا حول لهم ولا قوة".