صمت فرنسا حيال أزمة الجزائر: حيادٌ يتماهى مع المصالح

موقف خجول لفرنسا من أزمة الجزائر: تأثرٌ بتعبئة الشباب...وحيادٌ يتماهى مع المصالح

04 مارس 2019
يرفض الجزائريون مستقبلاً يحدده النظام دون إرادتهم(Getty)
+ الخط -

يحمل كل يوم جديداً في ما يخص الأزمة المتصاعدة في الجزائر، وهو جديد يستوجب القراءة المتأنية، وآخر تفاصيله ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة، مع تقديم وعد بألا يستمر في السلطة طويلاً، وأن تجري انتخابات ديمقراطية في وقت قريب، من دون مشاركته.

وبالرغم من أن السلطات الفرنسية تعرف أن للأزمة الجزائرية انعكاسات لا مفر منها على الداخل الفرنسي، وهي رغم صمتها، تراقب الوضع، لكن صحيفة "لو فيغارو"، تكتب أن الموقف الفرنسي يبقى "متردداً"، وهو يتأرجح "بين التدخل واللامبالاة".

وبحسب الصحيفة، وكاتبة المقال مادلين ميتيير، فإن "مجريات الأمور مقلقة بالنسبة إلى فرنسا، لأنّ أيّ مسؤول فرنسي يجرؤ على إعطاء موقفه، يخشى أن يتهم بالسقوط في ما بعد الكولونيالية. وتنقل الصحيفة عن ديبلوماسي فرنسي، تفسيره موقف باريس منذ بداية الاحتجاجات، بقوله "علينا أن نؤمّن استمرار العلاقات الثنائية، وفي الوقت ذاته، من حق الشعب الجزائري أن يتنفس ويعبّر عن رأيه".

وترى الصحيفة أن الحكومة الفرنسية "تفضّل ألا تستحضر إمكانية تدهور الأوضاع في الجزائر، لأن المخاطر في مثل هذه الحالة كثيرة، منها تدفق أمواج من المهاجرين، وألّا يكون بإمكان فرنسا الاعتماد على الجزائر في مكافحة الإرهاب، وأخيراً، هناك إمكانية الخسارة المادية، لأن فرنسا تستورد 10 في المائة من الغاز الطبيعي من الجزائر".

ويرى مدير التحرير المساعد للصحيفة، إيف تريار، أن "التاريخ المرتبط بشكل حميمي بين البلدين، يدفع فرنسا إلى استخدام المفاهيم اللائقة من أجل التعليق على الوضع في الجزائر، خوفاً من تُهَم النيو-كولونيالية، لكن فرنسا تتنفس الصعداء، لأن البديل الذي يشدد على أن الحل هو بوتفليقة أو الفوضى، لا يَصمُد، وأن فرنسا يجب عليها أن تنظر إلى الواقع الذي أمامها، فهي، من الآن فصاعداً، في الخط الأول".

وفي حين واصل مختلف المسؤولين الحكوميين التزام الصمت حول ما يحدث في الجزائر، خرج أحدهم من الصمت الطويل، فعبّر عن موقفه مما يجري في هذا البلد.

ويتعلق الأمرُ بغابرييل أتّال، سكرتير الدولة لدى وزير التربية الوطنية والشباب الفرنسي، الذي صرّح لإذاعة "فرانسا-أنفو"، صباح اليوم الإثنين، بأن "الجزائر بلدٌ ذو سيادة، وتوجد الآن أسئلة تطرح حول ما سيجري مستقبلاً، حول الانتخابات الرئاسية". ورأى أتال أن "الجزائر هي بصدد أخذ زمام أمورها بيدها واختيار مصيرها"، لافتاً إلى أنه "باعتباري وزيراً في حكومة فرنسية، ليس لي أن أعطي رأيي حول ما يجري".

وأشار المسؤول الفرنسي إلى أنه على اتصال بأصدقاء جزائريين "لا يريدون نصائح من أيّ كان، ولا أن يُقال لهم ما يجب فعله، ولا يجب أن نظهر بمظهر من يمنح النصائح والأوامر حول ما يجب فعله. إن الشعب الجزائري شعبٌ سيد نفسه وهو بصدد أخذ زمام أموره بيده". واعترف بـ"تأثره بتعبئة الشباب الجزائري"، قائلاً: "نعم، لديّ حساسية تجاه ما يشعر به الشباب الجزائري، خاصة حين يُطرَح موضوع التجديد السياسي"، ليختم بالقول: "إننا منتبهون لما يحدث في الجزائر، كل هذا يتم تتبعه عن كثب، وهذا لا يعني أن لدينا أوامر يمكننا إعطاؤها للشعب الجزائري".


إلى ذلك، يبدو أن الوضع في الجزائر لا يستقر على حال، ومفتوح على كل الاحتمالات، وهذا ما جعل الباحثة والمؤرخة الجزائرية، مليكة رحال، تكتب في صحيفة "لوموند"، محللة الوضع في بلادها: "إذا نظرنا إلى الإيقاع الذي تسير إليه الأمور، فإن كل ما نقوله ونكتبه، بما فيه هذه الكلمات، يمكن أن يصبح لاغياً خلال الساعات المقبلة".

وشددت مليكة رحّال على أن المتظاهرين لا يتحدثون في شعاراتهم ومطالبهم عن "ثورة"، ولا عن "غد زاهر"، بل يعبّرون فقط عن "رغبة في إفشال مستقبل فوري يراد تحقيقه، من قبل النظام، ومن دون إرادتهم".​