استياء أميركي من زيارة عون إلى موسكو

استياء أميركي من زيارة عون إلى موسكو

29 مارس 2019
بحث عون وبوتين ملفات نفطية وسياسية عدة(ميخائيل سفيتلوف/Getty)
+ الخط -

انتهى أسبوع الدبلوماسية اللبنانية الطويل، بما تضمنه من زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى لبنان وإعلانه الحرب على حزب الله من بيروت، ومن زيارة الرئيس اللبناني ميشال عون إلى روسيا للقاء رئيسها فلاديمير بوتين، بتكريس التراجع في العلاقة بين لبنان والولايات المتحدة، وتقدمها بينه وبين موسكو. ويأتي ذلك ضمن لعبة موازين جديدة بدأت تطل برأسها في لبنان، معيدة إياه إلى صراع أكبر، على قاعدة صراع محاور دولية لا إقليمية، وسط استياء أميركي واضح في لبنان.

في هذا السياق، كشفت مصادر نيابية لبنانية على علاقة بدوائر القرار في الولايات المتحدة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "ثمة استياء أميركي مما سمعه بومبيو في بيروت لجهة العجز عن مجاراة مطالب واشنطن، تحديداً تلك المتعلقة بحزب الله وسيطرته الضمنية على البلد، بعد أن خيّر وزير الخارجية الأميركي اللبنانيين بين المضي قدماً وبين استمرار السيطرة الإيرانية عبر حزب الله". وبحسب المصادر نفسها فإن "الاستياء تفاقم لاحقاً بسبب زيارة عون إلى موسكو، وما تضمنته من مواقف"، مشيرة إلى أن "دوائر القرار الأميركي بدأت تنظر رسمياً إلى لبنان بوصفه عضواً في المحور الروسي، لا حزب الله فقط".

مع العلم أن لبنان حاول مراراً تحييد نفسه عن صراع المحاور الإقليمية والدولية على السواء، منذ الحرب الباردة (1947 ـ 1991)، والانقسام بين حلف بغداد وحلف وارسو، والتي اعتمد فيها لبنان للمرة الأولى سياسة "النأي بالنفس"، التي كانت تعرف يومذاك بـ"الحياد الإيجابي" (باستثناء الصراع العربي ــ الإسرائيلي).

وكان بيان مشترك صدر عقب لقاء عون مع بوتين، حمل وجهة نظر شبه موحدة إزاء الملف السوري، والإيراني على وجه الخصوص، ما أكد عملياً أن لبنان أعاد تموضعه وبات في الحضن الروسي، لا في الحضن العربي ولا الفرنسي ــ الأوروبي ولا الأميركي.

وأشارت المصادر إلى "جملة من الملاحظات المهمة في البيان الصادر، خصوصاً النظرة إلى القضية السورية من المنظار الروسي، وتبنّي كل الطروحات الروسية، التي تختلف مع الطروحات الدولية، وصولاً إلى الحديث عن إمكانية مشاركة لبنان في مؤتمر أستانة بصفة مراقب، أو الحديث عن مؤتمر دولي للاجئين في بيروت بمشاركة ايرانية وروسية وسورية، إضافة إلى الإشارات المتكررة لمؤتمر سوتشي وتجنب الإشارة إلى مؤتمر جنيف".



ولم يقتصر التقاطع اللبناني ــ الروسي على الشق السياسي، بل إن الزيارة أسست لمرحلة مقبلة سيكون الحضور الروسي خلالها وازناً، خصوصاً أنه تم الحديث عن تفعيل الاتفاقات الصناعية والاقتصادية والسياحية، والتبادل التجاري، إضافة إلى البحث في الاستثمارات، وملف النفط والغاز، باستثناء الحديث عن التسلح الذي يبدو معلقاً نظراً لاعتماد لبنان على السلاح الأميركي عبر هبات تقدم له، ما يصعب الارتكاز على أي سلاح آخر يتطلب التعامل معه أو صيانته خبرات مختلفة عن الموجودة في لبنان.

وبحسب المصادر فإنه "يتعين الآن انتظار القمة العربية المقبلة (في تونس يوم الأحد المقبل) التي ستبرز بوضوح مجدداً التباعد بين لبنان الذي بات يسير في الفلك الروسي، وبين الدول العربية التي تتلاقى مع الولايات المتحدة وأوروبا في النظرة إلى الملف السوري، ومن ضمن ذلك ملف اللاجئين، الذي يريد لبنان الانتهاء منه بلا حل سياسي وسريعاً، بينما يريده المجتمع العربي والدولي، مرفقاً بحل سياسي وشروط أخرى متعلقة بالعلاقات الإيرانية ــ السورية. مع العلم أن هذه الشروط تحدث عنها أيضاً الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي أخيراً، في إطار الحديث عن العودة الممكنة للنظام السوري إلى الجامعة العربية".
في موازاة ذلك، فإن كلام الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله، يوم الثلاثاء الماضي، الذي أعقب زيارة بومبيو إلى بيروت وزيارة عون إلى روسيا، أظهر ارتياح الحزب إلى مآل الأمور في لبنان، خصوصاً أن نصرالله عبّر عن شكره لعون ووزير الخارجية جبران باسيل ورئيس مجلس النواب نبيه بري على مواقفهم خلال زيارة بومبيو، إضافة إلى "القوى التي لا تتجاوب مع دعوات التحريض"، في إشارة لافتة إلى رئيس الحكومة سعد الحريري شخصياً.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد" فإن "هذا الأمر لن يمر مرور الكرام في الإدارة الأميركية، التي حذّرت لبنان مراراً من البيئة الحاضنة سياسياً واقتصادياً. وهو التحذير الذي سمعه المسؤولون اللبنانيون من بومبيو وقبله من مستشاره ديفيد ساترفليد".

وترى الولايات المتحدة، وفق المصادر نفسها، أن "الجمود الحالي في لبنان يخدم الحزب، الذي يريد استقراراً داخلياً سياسياً وحكومياً واقتصادياً، في ظل الحرب التي تشنها الإدارة الأميركية مالياً على إيران والحزب". وبحسب ما تنقل المصادر عن دوائر صنع القرار الأميركية، فإنه "على الرغم من سماع بومبيو في بيروت كلاماً واضحاً عن التزام لبنان بالقوانين الدولية، وأن الحزب لا يستغل الدولة، يسود اعتقاد بأن الحزب سيلجأ عاجلاً أم آجلاً إلى الدولة اللبنانية، لتمرير مصالحه بما أن عملية تضييق الخناق عليه ستستمر وتتصاعد".



المساهمون