صراع النفوذ يدفع الموصل نحو سيناريو الحاكم العسكري

صراع النفوذ يدفع الموصل نحو سيناريو الحاكم العسكري

26 مارس 2019
مطالبة نيابية بحل مجلس محافظة نينوى (زيد العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -

تنذر الأوضاع السياسية في محافظة نينوى بمزيد من عدم الاستقرار، خاصة في عاصمتها المحلية مدينة الموصل، التي ما زالت تعيش وقع نكبة العبارة في نهر دجلة، واستمرار عمليات البحث عن الضحايا الغارقين حتى الآن، رغم مرور خمسة أيام على الفاجعة.

فبعد إقالة البرلمان العراقي محافظ نينوى نوفل العاكوب، والسعي إلى إقالة حكومتها المحلية، تندفع المحافظة نحو الفراغ الدستوري، الأمر الذي يؤشر على خطورة الموقف، في ظل وجود جهات متنفذّة تمتلك سلطة المال تعمل حاليا لاستثمار المناصب المهمة وتعيين تابعين لها، لتحافظ على نفوذها ومكاسبها الكبيرة، الأمر الذي بدأ يفتح الباب أيضا أمام الحكم العسكري للمحافظة وإعلان حالة الطوارئ.

وتحاول قوى سياسية عدة في الموصل طرح أسماء جديدة لمنصب المحافظ، ليست لها ارتباطات بـ"الحشد الشعبي" أو القوى السياسية القريبة من طهران، وهو ما عدّه مراقبون "صعبا للغاية، في ظل تنافس محموم على المنصب".

وفي كواليس مجلس المحافظة، جرى طرح أسماء جنرالات سابقين في الجيش العراقي من أهالي الموصل، وكذلك أطباء وأكاديميين لشغل المنصب، الذي لا يتوقع أن يدوم أكثر من عام واحد في أفضل الأحوال، بسبب الاتفاق على إجراء الانتخابات المحلية نهاية العام الجاري.

ووفقا لمسؤول محلي في المحافظة، إن الصراع على منصب المحافظ حاليا بسبب مصالح سياسية واقتصادية في نينوى لأطراف مختلفة، بينها ما يتعلق بالمكاتب الاقتصادية لفصائل "الحشد"، وأخرى تتعلق بعقود الإعمار وعمل المنظمات الأجنبية، وجوانب سياسية تتعلق بالوضع بين نينوى والأراضي السورية، وورقة حزب "العمال الكردستاني" في سنجار والأراضي المتنازع عليها مع أربيل، وملفات أخرى سيكون للمحافظ دور الفصل بها وفقا للقانون.

وأوضح المسؤول ذاته، لـ"العربي الجديد"، أنّ "كل هذه المكاسب لا يمكن أن تترك، ولو كان المنصب في محافظات أخرى كالأنبار أو صلاح الدين لما احتدم الصراع"، كاشفا عن أن هناك طروحات، منذ ليلة أمس، تتحدث عن سيناريو الطلب من رئيس الوزراء عادل عبد المهدي تعيين حاكم عسكري على المحافظة إلى حين إجراء الانتخابات، والإبقاء على خلية الأزمة لتسيير أمور المحافظة، و"هذا يبدو مقبولا مقارنة بسيناريو إيصال شخصية سياسية إلى منصب المحافظ تمرر أجندات أطراف عدة على حساب السكان". 

وتسلّم رئيس البرلمان، في جلسة السبت، طلبا موقعا من 121 نائبا يتضمن حل مجلس محافظة نينوى وإحالة أعضائه إلى القضاء، وتمت إحالة الطلب إلى الدائرة القانونية والمستشار القانوني في البرلمان لغرض النظر به، على أن يتم عرضه لاحقاً على البرلمان.

من جهته، قال النائب عن الموصل فلاح حسن زيدان، في تصريح متلفز، إنّ "المشكلة تكمن في وجود المكاتب الاقتصادية التابعة لـ"الحشد" والأحزاب التي تمتلك السلاح بالمحافظة. الحل يكمن بتنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق بالموصل".

وأكد: "نحن نؤيد إعلان حالة الطوارئ في نينوى، وندعم ذلك، وأن يتم تعطيل حتى القوانين.. لدينا الثقة بأن يكون هناك حاكم عسكري لنينوى لفترة انتقالية في الموصل".

وتتمسك مليشيات "الحشد" بنفوذها في الموصل، وبدأت تحريك أذرعها من سياسيين ومن نواب وذوي نفوذ في الموصل، وربطت مساعي إخراجها من الموصل بأنّها "محاولات أميركية".

وقال النائب عن مليشيا "العصائب" حسن سالم، في تصريح صحافي: "هناك أجندة أميركية وراء اتهام (مليشيات)"الحشد" وزج اسمها بقضية عبارة الموصل، ومحاولة تشويهها"، مؤكدا أن "الحشد" هي التي حررت الموصل وساهمت في إرجاع الأمن إليها، وهي بعيدة كل البعد عن هذا اللغط".

واتهم سالم "بعض السياسيين" بـ"المتاجرة بأرواح المواطنين، الذين كانوا بالأمس مع "داعش"، ويحاولون الآن إخراج "الحشد" من نينوى".

ووفقا لقانونيين، إنّ للبرلمان صلاحية حل الحكومة المحلية للموصل.

في السياق، قال الخبير بالقانون الدستوري شامل اللهيبي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الآلية الدستورية لحل الحكومات المحلية تندرج ضمن قانون مجالس المحافظات رقم 21 لسنة 2008، والذي أجريت عليه تعديلات كثيرة"، مبينا: "وفقا للقانون يحق للبرلمان أن يقيل أي مجلس محافظة بالغالبية المطلقة بطلب من المحافظ أو من ثلث أعضاء البرلمان، عدا ذلك فلا يمكن حل المجلس".


وأشار إلى أنّ "الحال في نينوى مختلف، خاصة مع إقالة المحافظ، فانحصرت الدائرة بالنواب، فإذا قُدّم طلب من الثلث عند ذاك ستكون هناك إمكانية لعرض الطلب للتصويت"، مشيرا إلى أنّ "الموضوع بدأ يخضع للتوافقات والمصالح السياسية، وهناك جهات تحاول التأخير والمماطلة بهذا الطلب، لتتكشف الملامح السياسية الجديدة، أي في حال ضمان حصول تلك الجهات على منصب المحافظ ستسعى لحل الحكومة المحلية، وفي حال عدم حصولها ستعطل موضوع حل المجلس".

وأضاف: "وفقا لقانون المجالس، إذا حل المجلس تتم إدارتها من قبل المحافظ أو مدير الناحية والقائممقام، واليوم المحافظ مقال، فإذا تمّ حل المجلس فالموصل تواجه فراغا دستوريا وقانونيا خطيرا، وهو ما يعني التوجه نحو حالة الطوارئ".

وأكد أنّ "الجهات المسيطرة على الموصل، وتحديدا "الحشد"، تتلاعب بكل أوراق اللعبة في المحافظة".

ويأتي كل ذلك على خلفية فاجعة عبّارة الموصل، والتي راح ضحيتها أكثر من 100 مواطن، بينهم أطفال ونساء، والتي كشفت حجم الفساد والتنافس والصراع على المكاسب في المحافظة، التي سيطر عليها تنظيم "داعش" لأكثر من ثلاث سنوات.