النواب البريطانيون يقرّون تعديلاً يمنحهم دوراً أكبر بشأن "بريكست"

البرلمان البريطاني يقرّ تعديلاً لمنح النواب دوراً أكبر بتحديد مسار "بريكست"

26 مارس 2019
قدم ثلاثة من أعضاء حكومة ماي استقالاتهم (فرانس برس)
+ الخط -
أقرّ مجلس العموم البريطاني، مساء الإثنين، تعديلاً يمنح النواب دوراً أكبر في تحديد مسار بريكست، في هزيمة جديدة تتلقّاها رئيسة الوزراء تيريزا ماي.

وبعد يوم افتتحته ماي باجتماع حكومي ساده القلق من إطاحتها من منصبها، وشهد استقالة ثلاثة من وزرائها، صوّت البرلمان بأغلبية 27 صوتاً لصالح عقد جلسة خاصة ببحث خيارات بريكست بديلة يوم الأربعاء، خلافاً لرغبة ماي.

ولم يكن البرلمان لينجح في تمرده على الحكومة من دون تصويت 29 نائباً عن حزب المحافظين ضد حكومتهم، ولتكون نتيجة التصويت 329 مقابل 302. وكانت استقالة الوزراء الثلاثة أليستر بيرت، ستيف براين، وريتشارد هارينغتون من الحكومة تمهيداً لتصويتهم ضدها، إذ إن موظفيها مجبرون على التصويت لصالح خط رئيسة الوزراء.

وبينما حذرت ماي من خطورة الخطوة التي اتخذها البرلمان بالقول إنها "تكسر التوازن بين مؤسساتنا الديمقراطية وتشكل سابقة خطيرة لا يمكن التنبؤ بعواقبها على المستقبل"، قال بيرت، وهو وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط في رسالة استقالته "الوقت ينفد للوصول إلى حل بديل، وإن خطورة احتمال الخروج من دون اتفاق وحالة عدم اليقين المستمرة والضارة تؤثران جداً على بريطانيا".

وأضاف "يجب أن يسعى البرلمان فوراً لإيجاد حل للوضع من خلال بحث البدائل بحرية، ومن دون تدخل القيادة الحزبية، ويجب على الحكومة تبني أية نتائج ممكنة كي نتمكن من السير إلى الأمام. لم أعتقد أن الحكومة ستقوم بذلك، ولذلك وجب أن أصوّت لضمان حصوله".

أما براين، وزير الدولة للصحة، فقال لـ"بي بي سي" صباح اليوم إن تصويت مساء أمس "قد يدفع متشددي بريكست إلى دعم خطة ماي عندما يرون أن البرلمان الذي يدعم بريكست مخففاً مستعد للتحرك". كذلك أشار إلى أنه في حال فشل البرلمانيين في الوصول إلى بديل، فيجب أن تكون "الخيارات جميعها على الطاولة"، بما فيها سحب طلب الخروج من الاتحاد والاستفتاء الثاني.


وبينما لم تصدر قائمة محددة بالخيارات البديلة، والتي سيصوت عليها البرلمان يوم غد في تصويت غير ملزم للحكومة، فإنه يمكن حصرها بسبعة احتمالات متاحة، أولها هو إعادة التصويت على خطة ماي، وثانيها الخروج من الاتحاد من دون اتفاق، وذلك رغم رفض البرلمان لهذين الخيارين مسبقاً. كما قد يشمل التصويت خياراً آخر حصل على دعم البرلمان سابقاً، ويطالب بإلغاء خطة المساندة المثيرة للجدل.

أما الخيارات الجديدة فستكون في أشكال من بريكست المخفف، والتي سعت ماي جاهدة لمنع التصويت عليه سابقاً كي لا يكون بديلاً لخطتها. وأحدها خطة العمال لبريكست، والتي تشمل البقاء في اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي. وثانيها النموذج النرويجي المعدل والذي يشمل بقاء بريطانيا في السوق المشتركة أيضاً.

وبينما قد يصوّت البرلمان على احتمال تبني النموذج الكندي، والذي يقوم على شكل معدل من قواعد منظمة التجارة العالمية، وبالتالي ينال دعم متشددي بريكست، قد يتم التصويت أيضاً على احتمال الاستفتاء الثاني على بريكست، والذي قد يشمل خيار البقاء في الاتحاد الأوروبي.

إلا أن حكومة ماي أعلنت على لسان رئيسة الوزراء وعدد من أعضائها أنها ليست على استعداد لقبول كل ما يخرج به البرلمان، مذكرة البرلمان بضرورة مراعاة موقف الاتحاد الأوروبي الرافض لإعادة التفاوض على خطة بريكست، والمهلة الزمنية المتاحة، وضرورة احترام نتيجة استفتاء عام 2016.

وقالت ماي "لا تمنح أية حكومة شيكاً على بياض للالتزام بنتيجة من دون أن تعرف ماهيتها. ولذلك لا أستطيع إلزام الحكومة بتطبيق نتيجة أي تصويت يعقده البرلمان. ولكني أتعهد بالانخراط البناء في هذه العملية". ولكنها عادت لتعزف على وتر أملها في نجاح صفقتها بالقول إنها ستستمر "في المناقشات مع الزملاء في البرلمان، بحيث يمكن أن تطرح الصفقة للتصويت هذا الأسبوع، وضمان بريكست".

إلا أن حليف ماي، الحزب الاتحادي الديمقراطي الأيرلندي، لا يزال على موقفه الرافض قطعاً لخطتها، لأن خطة المساندة قد تؤدي إلى فصل أيرلندا الشمالية عن بريطانيا. بينما يرهن متشددو بريكست في حزبها دعمهم لخطتها بقبول الحزب الأيرلندي بها.

ولكن داوننغ ستريت يأمل في أن يدفع تصويت الأربعاء بمعارضي خطة ماي لبريكست من حلفائها إلى العدول عن مواقفهم، مدفوعين بمخاوفهم من "بريكست بطيء" يشمل تمديداً طويل الأمد لموعد بريكست وتقارباً مع الاتحاد الأوروبي.

أما جيريمي كوربن، زعيم حزب العمال المعارض، فلم يفوت الفرصة لتوجيه اللكمات لرئيسة الوزراء بقوله "إن مقاربة الحكومة لبريكست قد أصبحت الآن إحراجاً وطنياً. في كل خطوة على هذا الطريق، رفضت الحكومة التواصل والإنصات والوصول إلى إجماع يمكن أن يمثل آراء البلاد بأجمعها، وليس حزبها فقط".

وتواجه بريطانيا مهلة زمنية قصيرة للتوصل إلى اتفاق، إذ وافق الاتحاد الأوروبي في قمته التي عقدت نهاية الأسبوع الماضي على تمديد موعد بريكست إلى 22 مايو/ أيار في حال نجاح ماي في تمرير صفقتها هذا الأسبوع، وإلا فإن الموعد سيكون في 12 إبريل/ نيسان، إذ يتوجب عليها العودة إلى بروكسل قبل ذلك الموعد والتقدم بخطة بديلة.