تفاصيل حراك أميركي لبلورة اتفاق نهائي للأزمة الليبية قريباً

تفاصيل حراك أميركي لبلورة اتفاق نهائي للأزمة الليبية قريباً

20 مارس 2019
فرنسا وأميركا تحاولان وضع حد للنفوذ الروسي (فرانس برس)
+ الخط -
تعيش طرابلس الأيام الأخيرة لولادة اتفاق نهائي بين كافة الأطراف الليبية للخروج إلى مشهد سياسي جديد مظهره نهاية أزمة الانقسام السياسي والأمني، وفق تصريح لمسؤول رفيع المستوى مقرب من المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، موضحا أن شخصية أميركية رفيعة زارت طرابلس يوم أمس للقاء رئيس حكومة الوفاق، فايز السراج وأطراف ليبية أخرى، لتسريع إنجاز الاتفاق.

المسؤول الليبي قال، متحدثا لـ"العربي الجديد"، إن "واشنطن قالت كلمة صراحة لليبيين بكون الاتفاق النهائي يجب أن يوقع قبل نهاية الشهر الجاري لتوحيد مؤسسة الجيش وخضوعها لسلطة مدنية تتشارك في تشكيلها كل الأطياف الممثلة في المشهد السياسي الحالي"، مؤكدا أن الولايات المتحدة أشرفت منذ فترة على وفاق دولي لبلورة رؤية للحل في ليبيا وتقريب وجهات النظر بين متنافسين دوليين في الملف الليبي.

واعتبر المسؤول أن التنسيق الأميركي الفرنسي الجديد له علاقة بمستجدات المنطقة ككل؛ فترْك باريس للساحة السورية وقضايا أخرى في الشرق الأوسط له علاقة بموافقة أميركية لتوليها الملف الليبي وإفساح المجال لها لقيادته، قطعا لخيوط علاقة خفية تحاول روسيا نسجها مع دول كمصر والإمارات والأردن للوجود بشكل أكبر في شمال أفريقيا.

وعن شكل الاتفاق الليبي المقبل قال إنه "يقضي بتولي السراج السلطة السياسية في أعلى مستوياتها في مجلس رئاسي يشاركه في عضويته ممثلان، أحدهما للتيار الإسلامي والآخر من التيار المدني، بينما يتولى شخص مقرب من سيف الإسلام القذافي (نجل المطاح به معمر القذافي) رئاسة الحكومة الخاضعة لسلطة المجلس الرئاسي ويتولى (اللواء المتقاعد خليفة) حفتر الجانب العسكري لفترة انتقالية جديدة"، مؤكدا أن البعثة الأممية سيقتصر عملها على ترتيب الملتقى الوطني الجامع المناط به أمر الانتخابات وموعد إنجازها.

وأكد أن واشنطن أرادت أن تقول صراحة لحفتر "كفى مراوغة"، مشددة على ضرورة تحييد طرابلس، وأشار إلى أن إعلان واشنطن أمس عن تقديمها منحة مالية لوزارة الداخلية لـ"شراء أسلحة غير فتاكة" لتعزيز أمن طرابلس رسالة ضمنية لحفتر بعدم الاقتراب من طرابلس.

وشهدت طرابلس مساء أمس إجراءات أمنية مشددة حول قاعدة بوستة البحرية التي يتخذها السراج مقرا مؤقتا له، حيث ظهرت مروحيات تحوم في محيط المنطقة بينما حطت طائرة من نوع V-22 Osprey في مدرج القاعدة، وسط انتشار كبير لجنود المارينز.

وبينما تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع مرئية للطائرة الأميركية المعروفة بتأمين المهام الخاصة، وهي تحط داخل القاعدة، وأعلن المكتب الإعلامي للسراج أن الأخير التقى السفير الأميركي لدى ليبيا، بيتر بودي، وقائد قوات الافريكوم، توماس والدهاوزر.

لكن المسؤول الليبي أكد أن الطائرة كانت تقل شخصية أميركية رفيعة لم يعلن عنها، لافتا إلى أن بودي ووالد هاوزر زارا طرابلس عدة مرات دون أن تصاحب زياراتهما السابقة كمّ الإجراءات المشددة التي شهدتها القاعدة أمس.

ونقل المكتب الإعلامي للسراج تأكيد السفير الأميركي، دعم بلاده إجراء انتخابات عامة يمهد لها الملتقى الوطني الجامع، مضيفا أن السراج أكد للجانب الأميركي "قرب وجود توافق وطني من خلال لقاءاته بجميع الأطراف الليبية الرئيسية والتي كان آخرها لقاء أبو ظبي لوضع تصور للخروج من الأزمة الحالية يعتمد على توحيد المؤسسة العسكرية والمؤسسات السيادية الأخرى".

وكان السراج قد التقى الإثنين وزير الخارجية الفرنسي، جون إيف لودريان، حيث كشف مسؤول ليبي مقرب من خارجية حكومة الوفاق لـ"العربي الجديد" في وقت سابق أن السراج أبلغ الجانب الفرنسي انزعاجه الشديد من تحركات حفتر العسكرية في الغرب الليبي، وأن زيارة لودريان مرتبطة بمحاولة فرنسية لحلحلة بعض الخلافات الناجمة عن خطوات اتخذها حفتر في الآونة الأخيرة، إلا أنه لفت إلى أن السراج أبلغ الجانب الفرنسي بضرورة وجود ضمانات حقيقية لالتزام حفتر بمخرجات الملتقى الوطني الجامع، وعدم نكثه بوعوده.

وأعلنت وسائل إعلام محلية مقربة من حفتر عن زيارة لودريان له مساء أمس في قاعدته بالرجمة شرق البلاد، حيث أكد لودريان ضرورة الحل السياسي حاليا ورفض الحل العسكري، لكنه في الوقت ذاته اعتبر أن التقدم الحاصل على صعيد حل الأزمة الليبية جاء بعد "التقدم الكبير لقوات الجيش (قوات حفتر) في الجنوب ومحاربة الإرهاب فيه".

وتتوالى الإشارات حول اقتراب عقد اتفاق ليبي جديد يفضي لمرحلة جديدة، فبينما أكد وزير داخلية حكومة الوفاق، فتحي باشاغا، تعليقا على الاجتماع الموسع الذي أجراه السفير الأميركي، وقائد قوات الافريكوم، مساء أمس، معه برفقة وزراء بالحكومة ورئيس قسم التحقيقات بمكتب النائب العام الصديق الصور، أن "ليبيا مقبلة على اتفاق سياسي يشمل كافة الأطراف السياسية، الأمر الذي سيجنب البلاد العديد من المشاكل"، بحسب المكتب الإعلامي للوزارة في منشور له ليل البارحة.

ومن جهته، كشف لودريان النقاب عن اتفاق السراج وحفتر على "تشكيل هيئة تنفيذية انتقالية"، خلال تصريح صحافي مساء أمس، موضحا أن الهيئة ستتولى تقديم الخدمات العامة والتحضير لإجراء انتخابات قبل نهاية العام الجاري. 

المساهمون