محاولات لتطويق الانتهاكات في عفرين

محاولات لتطويق الانتهاكات في عفرين

03 مارس 2019
حملة الانتهاكات تفاقمت في الفترة الأخيرة (بولنت كيليك/فرانس برس)
+ الخط -

لا تزال منطقة عفرين شمال غربي حلب ساحة انتهاكات من قبل فصائل محسوبة على المعارضة السورية المسلحة، بحقّ أهالي المنطقة والمهجرين إليها من مناطق سورية، تحديداً من ريف دمشق، فيما تحاول الحكومة التركية والجيش الوطني التابع للمعارضة السورية تطويق هذه الانتهاكات. وذكرت مصادر محلية لـ "العربي الجديد" أن "بعض الفصائل تواصل الانتهاكات، من سرقة ونهب لأملاك المدنيين داخل مدينة عفرين وريفها"، مضيفة أن "المدنيين الأكراد في عفرين عرضة لكل التجاوزات، ويدفعون ثمناً قاسياً بسبب سيطرة الوحدات الكردية على المنطقة سابقاً". وأوضحت المصادر أن "فصائل في المعارضة فشلت في إدارة المنطقة، وهو ما أدى إلى شرخ كبير بين المكوّنين الكردي والعربي؛ يجب أن تُبذل جهود من المعارضة السورية من أجل تفادي ذلك".

وسيطرت فصائل "الجيش السوري الحرّ" والجيش التركي، في منتصف مارس/آذار من عام 2018، على كامل مدينة عفرين وريفها، شمال غربي حلب، بعد انسحاب عناصر "وحدات حماية الشعب الكردية" من المدينة إلى مناطق سيطرة قوات النظام، وذلك بعد شهرين من المعارك في إطار عملية "غصن الزيتون" التي أعلنها الجيش التركي. وتعتبر منطقة عفرين مركز ثقلٍ سكانيٍ للأكراد السوريين، وكانت قد سيطرت عليها "الوحدات الكردية" في عام 2012 بتواطؤ مع النظام السوري، من أجل محاصرة الحراك الثوري الكردي في سورية. وكان وجود الوحدات الكردية في عفرين يعد مصدر قلق دائم للجانب التركي الذي يخشى من قيام إقليم ذي صبغة كردية في شمال سورية، وهو ما دفعه للقيام بالحملة العسكرية التي أفضت إلى طرد الوحدات الكردية من المنطقة برمتها. وأشارت المصادر إلى أن "مجموعات في فصائل الجيش السوري الحر المسيطرة على المنطقة، تتعامل مع المدنيين الأكراد وكأنهم أعضاء في الوحدات الكردية"، مضيفة: "كان المدنيون الأكراد ضحايا للوحدات أثناء وجودها في المنطقة وبعد طردها منها على يد الجيش التركي. وتتراوح الانتهاكات ما بين ممارسة الاعتقال التعسفي، والخطف مقابل دفع الفدية، ونهب موسم الحنطة، والآن نهب موسم الزيتون الذي يعد العمود الفقري للاقتصاد في عفرين".

وتُتهم فصائل في الجيش السوري الحر بـ"السطو على محصول الزيتون والتصرّف به لحسابها، إذ تتصدر عفرين بمدينتها وبلداتها المرتبة الأولى في سورية بعدد أشجار الزيتون، المقدّرة بنحو 22 مليون شجرة، وهي مصدر دخل سكانها الأساسي". وكان الجيش الوطني التابع للمعارضة السورية أطلق في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي حملة عسكرية واسعة النطاق للقضاء على مجموعات امتهنت على مدى أشهر إرهاب المدنيين، وسرقة ممتلكاتهم، وطردهم من منازلهم ومحالهم التجارية. ووصلت في تعدياتها إلى حد لم يعد يستطيع السكان احتماله. وطرد الجيش الوطني مجموعات مسلحة عدة من عفرين وريفها، إلا أن التعديات لم تتوقف "لكنها باتت أقل وطأة"، وفق مصادر محلية.

وهُجّر إلى عفرين عدد كبير من سكان ريف دمشق ومن ريف حمص الشمالي، من قبل قوات النظام، وهم اليوم أيضاً عرضة لانتهاكات من قبل مجموعات تعمل خارج القانون. وأكد مسؤول في المجلس المحلي لمنطقة عفرين، لـ"العربي الجديد"، أن "الانتهاكات كثيرة بحق أهالي عفرين والمهجرين إليها من قبل مجموعات تهدف إلى نشر الفوضى والفلتان الأمني"، مضيفاً أن "على الشرطة العسكرية والمدنية التابعتَين للمعارضة السورية المسلحة والمنتشرتَين في المدينة وريفها تطويق هذه الانتهاكات والتجاوزات والحدّ منها". وتابع أنه "عندما كانت الفصائل المسلّحة موجودة، حصلت انتهاكات بحق منازل ومزارع وأراضٍ، ومعاصر الزيتون للأهالي ولكن الآن الوضع أفضل".

ولمواجهة التعديات بحق المدنيين في منطقة عفرين، ووضع حدّ لها، التقى يوم الأربعاء الماضي، وفد من مجلس إدارة "رابطة المستقلين الأكراد السوريين" مع نائب وزير الخارجية التركي في العاصمة التركية أنقرة. وذكرت الرابطة في بيان أن "الوفد الذي ترأسه عبد العزيز التمو رئيس الرابطة، تحدث عن الوضع الكردي السوري، تحديداً الأوضاع في عفرين"، مطالباً بـ"وضع حدّ للفلتان الأمني وخروج كافة المظاهر المسلحة من المدن وقرى عفرين وتفعيل دور القضاء والشرطة المحلية، للتمكّن من فرض الأمن والاستقرار وعودة أهالي عفرين المهجرين إلى بيوتهم وأراضيهم". كما طالب الوفد بـ"العفو عن كل من لم يرتكب جرائم وغير منتسب إلى منظمات حزب العمال الكردستاني، خصوصاً الأطفال الذين تم تجنيدهم بشكل إجباري للقتال في صفوف هذه المنظمة الإرهابية، وكذلك العمل على تنمية منطقة عفرين اقتصادياً من أجل تأمين فرص عمل وعودة أبناء عفرين إلى بلدهم". وأوضحت الرابطة أن "تحسّن الأوضاع في عفرين سينعكس إيجاباً على منطقتي منبج وشرق الفرات"، مشيرة إلى أن "نائب وزير الخارجية وعد بالعمل على حلّ جميع هذه الإشكالات مع الجهات المختصة".