فلول مبارك وأذرع السيسي "إيد واحدة" في تعديل الدستور

فلول مبارك وأذرع السيسي "إيد واحدة" في تعديل الدستور

20 مارس 2019
تضمّنت قائمة البرلمان عناصر استفزازية للمجتمع القانوني والسياسي(العربي الجديد)
+ الخط -
اختار مجلس النواب المصري عدداً من فلول نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك على رأس الشخصيات العامة الذين سيحضرون "الحوار المجتمعي" حول تعديل الدستور، والذي سيبدأ اليوم الأربعاء، بدلاً من الإثنين الماضي، إذ تم تأجيله لوجود عدد كبير من أعضاء البرلمان في المنتدى العربي الأفريقي الذي عقده الرئيس عبد الفتاح السيسي في مدينة أسوان. وستكثف اللجنة من جلساتها بعقدها يومي الأربعاء والخميس من الأسبوع الحالي، وأيام السبت والأحد والثلاثاء والأربعاء من الأسبوع المقبل.

وأبرز الشخصيات أستاذ القانون والمحامي الشهير أحمد فتحي سرور، الذي تولّى رئاسة مجلس الشعب عقدين كاملين، فضلاً عن وزيرة الشؤون الاجتماعية الشهيرة في عهد المخلوع آمال عثمان، وآخر أمين عام لمجلس الشورى قبل إلغائه فرج الدري، والمستشار عبد الرحيم نافع. وإلى جانب هذه الشخصيات المباركية، أعيد استدعاء شخصيات ابتعدت عن المشهد لأسباب مختلفة، أبرزها وزير الشؤون القانونية والنيابية السابق مجدي العجاتي، وأستاذ القانون الدستوري إبراهيم درويش. وخلف هذه الشخصيات تم اختيار 3 آخرين من أعضاء لجنة الخبراء، هم نائب رئيس المحكمة الدستورية سابقاً المستشار محمد الشناوي، ومساعد أول وزير العدل الحالي المستشار محمد عيد محجوب، وأستاذ القانون الدستوري في جامعة المنصورة صلاح فوزي، المعروف بتأييده المطلق للسيسي وإحدى الشخصيات التي تعمد الاستخبارات لإرشاد الإعلام للحديث معها عن الدستور.

وتضمّنت قائمة "الحوار المجتمعي" عناصر استفزاز واضحة للمجتمع القانوني والسياسي، ممثلة في 3 قضاة معروفين بمواقفهم السلبية من الحقوق والحريات وتنكيلهم بمعارضي النظام، هم محمد شيرين، وحسن فريد، ومحمد ياسر أبو الفتوح. كما تضم القائمة مدير مكتبة الإسكندرية مصطفى الفقي، ووكيل كلية الحقوق في جامعة القاهرة رجب محمود طاجن، ورئيسة لجنة الشؤون التشريعية في مجلس الشعب السابق فوزية عبد الستار، ونائب رئيس محكمة النقض فتحي المصري، ورئيس محكمة استئناف القاهرة جابر المراغي، ونائب رئيس هيئة قضايا الدولة محمد العيسوي، ونائب رئيس هيئة النيابة الإدارية عبد الرؤوف موسى. ومن المقرر أن يحضر أولى الجلسات 30 من رؤساء وأعضاء هيئة التدريس في الجامعات والمعاهد الحكومية والخاصة، و30 آخرين من طلاب الجامعات والمعاهد المختارين من قبل رؤسائها، و30 مشاركاً عن مشيخة الأزهر والكنيسة الأرثوذكسية، و30 من رؤساء مجالس إدارات وتحرير الصحف، ومقدمي البرامج الإذاعية والتلفزيونية في الإعلام الرسمي والخاص، بترشيح من رئيس المجلس اﻷعلى لتنظيم الإعلام.

وكشفت مصادر برلمانية مطلعة، لـ"العربي الجديد"، أن اللجنة وضعت جدولاً لست جلسات "حوار مجتمعي" تعقد في تمام الرابعة عصراً بالتوقيت المحلي، وتخصيص كل جلسة لفئة من فئات المجتمع، على أن تُخصص اللجنة أسبوعاً للمناقشة والمداولة حول الاقتراحات المقدمة على الدستور عقب انتهاء جلسات الحوار، وأسبوع آخر لإعداد الصياغة النهائية لتقريرها، إيذاناً بطرح التعديلات للتصويت النهائي في الجلسة العامة. وقالت مصادر حكومية إن اختيار عدد من رموز نظام مبارك في هذه الفعاليات يهدف إلى رسم صورة دعائية أمام الرأي العام ودوائر السلطة التنفيذية والجامعات بأن الدستور يتم تعديله بالاستعانة بعناصر خبرة قانونية واسعة، فضلاً عن اتقاء انتقادات هذه الشخصيات للتعديلات في مناسبات رسمية أو أكاديمية. ودعت اللجنة في الجلسة الثانية لـ"الحوار المجتمعي" 30 من وكلاء الوزارات الحكومية، و30 آخرين من القيادات التنفيذية والشعبية في المحافظات، و30 مشاركاً بترشيح من المجالس القومية للمرأة، وشؤون الإعاقة، والطفولة والأمومة، وحقوق الإنسان، و30 بترشيح من البنك المركزي، والجهاز المركزي للمحاسبات، وهيئتي الرقابة الإدارية والمالية. وحددت اللجنة أسماء 90 مشاركاً عن الجهات والهيئات القضائية لحضور الجلسة الثالثة، علاوة على 30 ممثلاً عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة والمجلس الأعلى للشرطة، و80 مشاركاً لممثلي النقابات المهنية في الجلسة الرابعة، بالإضافة إلى 40 ممثلاً عن شركات القطاع الخاص، ورؤساء وقيادات البنوك، واتحاد الصناعات، والغرف التجارية. وخصصت لجنة الشؤون التشريعية في البرلمان الجلسة الخامسة لقيادات الأحزاب الموالية للنظام، بواقع 120 مشاركاً يُرشحهم رؤساء الأحزاب، مع تخصيص الجلسة السادسة بإجمالي 80 مشاركاً لأساتذة القانون، والشخصيات العامة، والمثقفين، والرياضيين، ومؤسسات المجتمع المدني، والمصريين في الخارج.




وكشفت مصادر مطلعة في اللجنة، لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق، أن "رئيس اللجنة بهاء الدين أبو شقة تلقى تعليمات من دائرة السيسي بعدم دعوة أي معارضين لتعديلات الدستور في جلسات الحوار المجتمعي، لغلق المجال الرسمي أمام أي أصوات رافضة لمبدأ تعديل الدستور"، مشيرة إلى أن "دعوات اللجنة تجاهلت جميع الأحزاب التي تتخذ موقفاً مناوئاً من التعديلات، وفي مقدمتها الدستور، والتحالف الشعبي، وتيار الكرامة، علاوة على المحافظين، والإصلاح والتنمية، اللذين يضمان نواباً تحت القبة". ووفقاً للمصادر، فإنه ومع عقد أولى جلسات "الحوار المجتمعي" ستنطلق حملة إعلامية واسعة النطاق لإبراز الآراء المؤيدة للتعديلات من دون غيرها، وتجاهل مطالب بعض الأحزاب المعارضة بإعطاء فرصة مساوية لها في الظهور عبر القنوات الفضائية قبل تصويت البرلمان على تعديل الدستور، وطرحه للاستفتاء الشعبي في الأسبوع الأخير من إبريل/ نيسان أو الأسبوع الأول من مايو/ أيار المقبل.

أبرز 10 وجوه مشاركة في "الحوار المجتمعي":

1 ـ أحمد فتحي سرور

تم حبس سرور في عدة قضايا (تيم سلون/Getty)
على رأس فلول نظام مبارك الذين سيشاركون في "الحوار المجتمعي" أستاذ القانون والمحامي الشهير أحمد فتحي سرور الذي تولّى رئاسة مجلس الشعب عقدين كاملين في عهد مبارك، والذي شارك في صياغة وتمرير التعديلات الدستورية لعام 2005 التي أجريت على أساسها أول انتخابات تعددية في تاريخ مصر، ثم تعديلات 2007 التي كانت تهدف إلى قصر الرئاسة على جمال مبارك، والتي مهّدت الطريق واقعياً للغضب الشعبي الواسع في السنوات الأخيرة من عهد مبارك ثم اندلاع ثورة يناير/ كانون الثاني عام 2011. وتم حبس سرور في عدة قضايا، منها "فساد مالي وكسب غير مشروع" بعد الثورة ثم أطلق سراحه وعاد لممارسة عمله على نطاق واسع في عهد السيسي، وأعلن تأييده له مراراً، محاولاً التقرب مرة أخرى من دائرة الثقة الرئاسية، شأن زميله القديم الوزير الأسبق مفيد شهاب. لكن هذه المرة الثانية فقط التي يتم استدعاء سرور فيها إلى محفل رسمي على هذا المستوى، بعد مشاركته في اجتماعات وزارة العدل حول تعدلات القوانين الجنائية العام الماضي.


عثمان معروفة بتزوير الانتخابات (العربي الجديد)

2 ــ آمال عثمان
آمال عثمان، أستاذة القانون ووزيرة الشؤون الاجتماعية الشهيرة في عهد مبارك والنائب عن دائرة الدقي والعجوزة لعقود طويلة، والمعروفة بتاريخها الطويل في تزوير الانتخابات التشريعية، والتي كان أبرزها إعلان فوزها بانتخابات مجلس الشعب في عام 2005، بعدما خسرت في الفرز أمام القيادي الإسلامي حازم صلاح أبو إسماعيل. اختيارها في هذا "الحوار المجتمعي" أعادها إلى الواجهة بعد أن ابتعدت تماماً عن المشهد منذ ثورة يناير.

3 ــ فرج الدري

فرج الدري هو آخر أمين عام لمجلس الشورى قبل إلغائه، وأحد أقرب المقربين لرئيس المجلس الأسبق صفوت الشريف وقرينة الرئيس المخلوع سوزان مبارك. وهو أحد رجال الظل والعلاقات العامة المشهورين في كواليس الأنظمة المتعاقبة منذ مبارك وحتى الآن، وله حظوة كبيرة لدى إدارة مجلس النواب الحالية بسبب العلاقات الشخصية التي تربطه بمسؤولين كثر على رأسهم رئيس المجلس علي عبد العال. ورغم ذلك فإن اختياره يأتي مفاجأة لأنه ليس شخصاً معروفاً بإبداء الرأي في أي قضية، فهو تنظيمي وإداري أكثر من كونه صاحب رأي، وكانت آخر مهامه تنظيم عمل لجنة الخبراء العشرة لكتابة دستور 2014 المقرر تعديله.

4 ــ عبد الرحيم نافع

تولى نافع منصب محافظ دمياط وقنا (كونا)

تولى المستشار عبد الرحيم نافع منصب المحافظ في دمياط وقنا لسنوات طويلة في عهد مبارك، نظراً لعلاقاته الوطيدة بقيادات الحزب "الوطني" المنحل كقاضٍ بالاستئناف قبلها. وفي آخر سنوات مبارك عُين وكيلاً لمجلس الشورى باختيار شخصي من صفوت الشريف، وكانت آخر مهامه رئاسة لجنة تسوية قضية بطلان عقد "مدينتي" للالتفاف على حكم الإدارية العليا الصادر في عام 2010، والذي مثل آنذاك شهادة هي الأولى من نوعها بفساد نظام مبارك.

5 ــ مجدي العجاتي

العجاتي منفذ قانوني للقيادة السياسية (العربي الجديد)

مجدي العجاتي هو وزير الشؤون القانونية والنيابية السابق، والذي كان قبل توليه الوزارة رئيساً لقسم التشريع في مجلس الدولة وعضواً بلجنة الخبراء لكتابة الدستور الحالي، والذي كان من أسباب استبعاده من الوزارة إدلاؤه بتصريحات ترفض توجه بعض النواب منذ عامين إلى اقتراح تعديل الدستور لزيادة فترة مدة الرئاسة والتقليل من أهمية تلك التحركات، إذ ارتأت دائرة السيسي أنه يتجاوز الدور المرسوم له، ويتحدث بلسان المدافع عن الدستور. لذلك يبدو منطقياً استدعاء العجاتي لمثل هذا الحوار حالياً، لكن الواقع أنه منفذ قانوني جيد لما تطلبه منه القيادة السياسية.

6 ــ إبراهيم درويش

 درويش يهاجم ما لا يشارك فيه (العربي الجديد)

أستاذ القانون الدستوري إبراهيم درويش، المختفي عن الساحة السياسية والقانونية منذ 2013 عندما كان يظهر بشكل شبه دائم في الإعلام لمهاجمة دستور 2012 الذي صدر في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي. والمعروف عنه أنه يهاجم ما لا يشارك فيه، إذ كانت آخر مهامه في مصر المشاركة في اللجنة التي شكلها مبارك لتعديل دستور 1971 قبيل خلعه بأيام معدودة. وعندما تم استبعاده من اللجنة التالية التي شكلها المجلس العسكري، برئاسة المستشار طارق البشري، أطلق العنان لمعارضته التعديلات، رغم تضمينها أفكاراً كان هو يطالب بها من قبل.

7ــ محمد شيرين فهمي

المستشار محمد شيرين فهمي، رئيس الدائرة 11 إرهاب بمحكمة جنايات القاهرة وصاحب الأحكام المشددة على قيادات جماعة الإخوان المسلمين، وعلى رأسهم محمد مرسي، في قضايا عديدة مثل "التخابر مع قطر" والذي ينظر حالياً في قضيتي "التخابر مع حماس" و"اقتحام السجون". برز اسمه للمرة الأولى في أعقاب انقلاب 2013 باعتباره قاضي التحقيق الذي أعد قرارات الاتهام التي تسببت في عزل معظم قضاة تيار الاستقلال، وأبرزهم زكريا عبد العزيز ومحمد ناجي دربالة وعاصم عبد الجبار والنائب العام الأسبق طلعت عبد الله من القضاء. كان معروفاً بعلاقته الوطيدة بوزير العدل السابق أحمد الزند.


8 ــ حسن فريد

يلقب فريد بقاضي الإعدامات (Getty)

المستشار حسن فريد، الملقب بـ"قاضي الإعدامات" وصاحب الأحكام المشددة في قضايا شهيرة بعد 2013 مثل "اعتصام رابعة" و"اغتيال النائب العام". أسندت إليه منذ 2013 معظم قضايا العنف والإرهاب ذات الطابع السياسي. كان أول قاضٍ يتجاهل النص القانوني الذي يُلزم المحاكم بإنهاء فترة الحبس الاحتياطي في حالة عدم الحكم بعد انقضاء عامين، ورفض دفوع المحامين ببطلان حبس المعتقلين بعد انتهاء تلك الفترة. وإزاء تعسفه المفرط اتخذ المحامون في قضايا عدة وحالات تجديد حبس قراراً جماعياً بمقاطعته وعدم الحضور أمامه.

9 ــ محمد ياسر أبو الفتوح
المستشار محمد ياسر أبو الفتوح هو رئيس لجنة التحفظ والإدارة والتصرف في أموال جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الإرهابية، وصاحب قرارات مصادرة أموال أكثر من 2000 شخص بحجة تمويلهم لـ"الإخوان" بناءً على تحريات أمنية غير محققة قضائياً بالمخالفة للدستور. اختارته الأجهزة الأمنية أميناً عاماً للجنة لدى تأسيسها للمرة الأولى مطلع عام 2014. يعتبر المسؤول الأول عن منع تطبيق أكثر من 700 حكم أصدرها القضاء الإداري ببطلان التحفظ على أموال المتهمين، ومنهم لاعب كرة القدم الشهير محمد أبو تريكة، وهو مهندس عملية الالتفاف عليها بنقل اختصاص نظرها لمحكمة الأمور المستعجلة.

10 ــ مصطفى الفقي

الفقي معروف بقربه من الأسر الحاكمة بالخليج (فيسبوك) 

نجح مدير مكتبة الإسكندرية مصطفى الفقي بمهارة في إيجاد مكان له مع النخبة الحاكمة بعد حل "الحزب الوطني" الذي كان عضواً فيه، بتقديمه برنامجاً عن سلبيات عهد مبارك الذي شهد تصعيده ليصبح سكرتير رئيس الجمهورية للمعلومات 7 سنوات، وعضواً بمجلس الشورى ثم مجلس الشعب عام 2005 على حساب مرشح "الإخوان" جمال حشمت في انتخابات فضحت تزويرها المستشارة نهى الزيني. معروف بعلاقته الوطيدة بشخصيات عسكرية في مصر، ومن الأسر الحاكمة في دول الخليج. وكان من أبرز مؤيدي ومبرري التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير.