تعهدات مؤتمر بروكسل الثالث: مساعدة السوريين دون دعم النظام

تعهدات مؤتمر بروكسل الثالث: مساعدة السوريين دون دعم النظام

14 مارس 2019
ثمة حاجة لتوفير 3.3 مليارات دولار لتلبية حاجات سورية(الأناضول)
+ الخط -
تمكن مؤتمر بروكسل الدولي الثالث حول دعم سورية والمنطقة، الذي اختتم اليوم الخميس، من تقديم تعهدات بمساعدات مالية تقدر بـ 7 مليارات دولار لعام 2019، ونحو 2.5 مليار دولار لعام 2020 والسنوات الموالية؛ ثلثا المبلغ من تمويل أوروبي.

وتقول الأمم المتحدة إن ثمة حاجة لتوفير 3.3 مليارات دولار لتلبية حاجات سورية من المساعدات، بالإضافة إلى 5.5 مليارات دولار أخرى لدعم البلدان المجاورة مثل الأردن ولبنان وتركيا، التي لجأ إليها الكثير من السوريين.

وكما قال كريستوس ستيليانيديس، المفوض الأوروبي المكلف بالمساعدات الإنسانية، في ختام المؤتمر: "شكراً على هذه التعهدات القياسية. ولكن التعهد جيد والإيفاء به أفضل. لذا فعلى هذه التعهدات بالتمويل أن تتحول إلى عمل على أرض الواقع بشكل فعّال وشفّاف لمساعدة السوريين المحتاجين أينما كانوا".

وكشف تقرير نُشر الأسبوع الماضي، عن التقدم المحرز في الوفاء بتعهدات مؤتمر 2018، أن "المجتمع الدولي قد تجاوز ما نسبته 40 في المائة من المساعدات التي تم التعهّد بها. وساهمت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ومؤسسات الاتحاد الأوروبي بمبلغ 4.7 مليارات دولار في عام 2018، وهو ما يساوي زيادة بنسبة 56 في المائة على تعهداتهم الأصلية".

 وتعهد المجتمع الدولي آنذاك بتقديم تمويل بقيمة 4.3 مليارات دولار لدعم الأنشطة الإنسانية، وتحقيق الاستقرار والتنمية لعام 2018 في سورية والمنطقة، فضلاً عن تقديم 3.5 مليارات دولار لعام 2019-2020. كذلك أعلنت المؤسسات المالية الدولية والجهات المانحة قروضاً بقيمة 21.2 مليار دولار خلال الفترة بين عامي 2018 و2020.

ووفر المؤتمر أيضاً "مساحة للنقاش السياسي". ومكّن المؤتمر من زيادة الاتصالات مع المجتمع المدني والجهات الفاعلة الإقليمية. وتم بالخصوص تأكيد "دور المرأة".

 

مساعدة السوريين

ويوافق مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي التقته "العربي الجديد"، على أنه كان "اختياراً مدروساً بالعمل على إنقاذ السوريين دون دعم النظام"، عندما تقرر استقبال بروكسل للمؤتمر الدولي الثالث المكرس "لدعم مستقبل سورية والمنطقة"، الذي نظمه كل من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.

فالاتحاد لا يعمل، بحسب المسؤول الكبير، على تعزيز النظام السوري، بعد ثماني سنوات من بداية العنف. وبينما قوات بشار الأسد ومؤيدوها، الروس والإيرانيون، يكتسحون الأراضي السورية، "يعتمد الاتحاد الأوروبي خيار الالتزام، ولكنه يتوخى الحذر الشديد لضمان أن كل ما نفعله لا يفيد النظام أو أتباعه"، يقول المسؤول الأوروبي.

ويضيف: "يمكننا القول بأنه إذا فعلنا شيئاً من أجل الناس، فإنه يقوي النظام. لكن إذا أغلقنا أعيننا، فهذا يتعارض مع مبادئنا الإنسانية"، وخاصة أنه في الوقت الذي تراجعت أعمال العنف في بعض المناطق، فإن القتال مستمر في جهات أخرى، إذ لا يزال يتعين على الآلاف من السوريين الفرار. فالصراع لم ينته بعد.

ويوجه الاتحاد الأوروبي مساعداته إلى سورية، عبر المنظمات غير الحكومية أو شبكة الصليب الأحمر أو المجتمع المدني أو الأمم المتحدة، في المناطق التي يسيطر عليها النظام كما في الجيوب التي لا تزال في أيدي المعارضة. ويعتبر الأوروبيون أن شروط عودة اللاجئين إلى البلد، وهو هدف رئيسي، غير متوفرة. فلن تكون هناك عودة طوعية أو آمنة. وقد تم تسجيل 40 ألف عائد فقط في العام الماضي.

 وتريد الدول المجاورة أيضاً إعادة السوريين إلى بلادهم، بينما ترفض دمجهم. "لكن في النهاية، تخبرنا هذه الدول، كما فعلت ذلك بشكل واضح في هذا المؤتمر، بعدم قطع المساعدة"، يقول المصدر الأوروبي، الذي يشدد بأن كرامة اللاجئين، في هذه الأثناء، لها الأسبقية على أي اعتبارات أخرى. مشيراً إلى أن "المساعدات لا تفيد اللاجئين فقط، ولكن أيضاً المجتمعات المحلية".

وقد تعهد المشاركون في المؤتمر بأن "الهدف الرئيسي هو الاستمرار في دعم الحاجات الإنسانية للسكان السوريين في سورية وخارجها. لأن الاهتمام ركز كثيراً على الصراع، لا على السوريين أنفسهم".

ويضاف إلى اللاجئين في الخارج، نحو ستة ملايين نازح داخل سورية. وهو ما يعني أن نحو 12 مليون سوري يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية. لكن المنظمات الإنسانية تجد صعوبة بالغة في الوصول إلى المحتاجين.

لا للتطبيع

وقد تمثل الخط الرسمي للاتحاد الأوروبي، قبل وخلال هذا المؤتمر، برفض تطبيع العلاقات مع دمشق، بالنظر إلى الجرائم المرتكبة ضد المواطنين. كما يرفض الاتحاد أيضاً المشاركة في إعادة إعمار البلاد، بما أنّ الانتقال السياسي، الذي يتم التفاوض عليه لدى السوريين أنفسهم، لن يكون مقبولاً، وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254، الذي اعتمد بالإجماع في عام 2015 والذي لا يزال حبراً على ورق.

 وكما تذكر كيارا دي فيليشي، الخبيرة في الشؤون الأوروبية، لـ"العربي الجديد"، فإنه "رغم أن هذا هو الخط الرسمي للاتحاد إلا أن العديد من الدول الأعضاء، مثل إيطاليا أو بولندا، لا تخفي معارضتها له ومحاولة تقربها من السلطات السورية. وهو ما قد يغري بلداناً أخرى كدول الخليج مثلاً لتطبيع علاقاتها مع الأسد".

وبحسب المسؤول الأوروبي: "نحن على اتصال بالدول التي تسعى إلى التطبيع، لأنه بالنسبة لنا الوقت ليس مناسباً على الإطلاق لذلك". مشيراً إلى أنه لم تتم دعوة ممثلي الحكومة السورية، ولا أعضاء المعارضة لحضور مؤتمر بروكسل.

 وكما تصر كيارا دي فيليشي، فإنه "يجب على الاتحاد الأوروبي رغم هذه الخلافات بين دوله حول مسألة التطبيع، العمل على تجنب جيل ضائع، ينطوي على خطر التطرف. وعلينا دائماً تذكر عام 2015 في أوروبا. فمع انخفاض الدعم للمنطقة، شهدت القارّة العجوز وصول مليون لاجئ سوري، وما شكله ذلك من توتر في سياسات الهجرة"، مشددة على أن "المؤتمر كان فرصة لخدمة المصالح الخاصة... للأوروبيين".