البرلمان البريطاني يرفض اتفاق "بريكست": هزيمة قاسية لماي

البرلمان البريطاني يرفض مجدداً اتفاق "بريكست": هزيمة قاسية لماي

لندن

إياد حميد

إياد حميد
12 مارس 2019
+ الخط -
رفض مجلس العموم البريطاني، مساء الثلاثاء، اتفاق "بريكست" المعدل في هزيمة جديدة قاسية لرئيسة الوزراء، تيريزا ماي.

وصوت مجلس العموم البريطاني ضد الاتفاق بفارق 149 صوتاً بعدما رفضه 391 نائباً وأيده 242، وذلك رغم الضمانات القانونية التي حصلت عليها من الاتحاد الأوروبي مساء أمس.

وعقب التصويت، عبرت ماي عن خيبها أملها، معلنة أن مجلس العموم سيصوت الأربعاء على الخروج دون اتفاق، وفي حال رفض النواب ذلك أيضًا، فإنهم سيصوتون الخميس على طلب تمديد فترة التفاوض مع الاتحاد الأوروبي.

من جهتها، أعربت بروكسل عن أسفها لنتيجة التصويت. وقال المتحدث باسم المجلس الأوروبي، دونالد توسك، في بيان: "نأسف للنتيجة، ونحن محبطون لكون حكومة المملكة المتحدة غير قادرة على ضمان أغلبية لاتفاق الانسحاب".

وأضاف: "بالنسبة للجانب الأوروبي، فقد فعلنا كل ما بوسعنا لمساعدة رئيسة الوزراء (البريطانية) على إنجاز الاتفاق الذي تفاوضت بشأنه واتفقت عليه مع الاتحاد".

وتابع: "ليس بوسعنا أن نفعل أكثر من ذلك"، مشيراً إلى أن بروكسل ستواصل الاستعدادات لاحتمال خروج لندن بدون اتفاق.
كما قالت متحدّثة باسم رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر: "إذا قدّمت المملكة المتحدة طلباً مبرر الدوافع للتمديد، فإن الأعضاء الـ27 في الاتحاد الأوروبي على استعداد للنظر فيه واتّخاذ قرار بالإجماع".

من جانبه، قال زعيم حزب العمال البريطاني المعارض، جيرمي كوربين، في كلمة بمجلس العموم (الغرفة الأولى من البرلمان)، عقب التصويت، إن اتفاق ماي مع الاتحاد "أصبح ميتًا"، وأن الوقت حان لإجراء انتخابات عامة.

وأضاف أن حزبه سيقدم خطة جديدة بشأن الخروج، دون أن يحدد موعداً لذلك.

وفي وقت لاحق، أعربت فرنسا، في بيان لـ"الإليزيه"، عن أسفها لنتيجة التصويت. ولفت البيان إلى أن "حل الأزمة لا يمكن التوصل إليه سوى في لندن".

وجاءت جلسة التصويت بعد ساعات من إعلان ماي، مساء الإثنين، عن حصولها على ضمانات قانونية من الاتحاد الأوروبي بأن تكون خطة المساندة مؤقتة، بهدف طمأنة معارضي هذه الخطة في صفوف حزب المحافظين الحاكم، ودفعهم للتصويت لصالحها.

وخرج لقاء أمس بثلاث وثائق تعتبرها ماي ضمانات قانونية كافية، أولها آليات مشتركة بريطانية أوروبية تتعلق بالضمانات التي تقدم بها رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، وكبير المفاوضين الأوروبيين ميشيل بارنييه، في رسالة مشتركة إلى تيريزا ماي خلال يناير/ كانون الثاني الماضي.
ونصت الرسالة حينها على أن خطة المساندة لا يمكن أن تكون حلاً دائماً لقضية الحدود الإيرلندية، ويتم التعامل مع هذه الرسالة على أنها تحمل ذات الوزن القانوني لاتفاقية الانسحاب من الاتحاد الأوروبي.


أما ثاني هذه الوثائق فهي تصريح مشترك عن العلاقة التجارية المستقبلية بين الجانبين، وتنص على أن يقوما بمتابعة "ترتيبات بديلة" لخطة مساندة خلال الفترة الانتقالية الممتدة على 20 شهراً، وبنية حسنة.
أما الوثيقة الثالثة فهي صادرة عن الجانب البريطاني فقط، تؤكد أن بريطانيا ستتقدم بطلب إلى لجنة التحكيم المستقلة بإلغاء قوانين خطة المساندة إذا اعتقدت لندن بأن الاتحاد الأوروبي لا يبذل الجهود الكافية لإنهائها، وهو ما أكده يونكر خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع ماي بقوله إن الضمانات المضافة إلى اتفاق بريكست، والتي تؤكد الطبيعة المؤقتة لخطة المساندة، "تكمل اتفاق بريكست من دون إعادة فتحه".

وكان الهدف من الضمانات التي حصلت عليها ماي من الجانب الأوروبي دفع مجموعة الأبحاث الأوروبية والتي تشمل متشددي "بريكست" في حزبها، إضافة إلى نواب شريكها في البرلمان البريطاني "الحزب الاتحادي الديمقراطي" ذي النواب العشرة، إلى التصويت لصالح الاتفاق. ويبلغ مجموع نواب الكتلتين نحو 100 نائب.

إلا أن المباحثات البرلمانية التي جرت اليوم فشلت في إقناع أغلبية حلفاء ماي المتمردين في العدول عن رأيهم، وخاصة بعد أن أدلى المدعي العام جيفري كوكس، والذي تعتمد الحكومة استشارته الاختصاصية في الشؤون القانونية، بشهادته أمام البرلمان البريطاني، قائلاً إن التعديلات المطروحة لا تضمن إمكانية انسحاب بريطانيا من خطة المساندة الخاصة بالحدود الإيرلندية من دون موافقة الجانب الأوروبي.

ويعارض متشددو "بريكست" والحزب الإيرلندي الفقرة المتعلقة بخطة المساندة الإيرلندية لكونها غير محدودة زمنياً، وتفصل إيرلندا الشمالية عن بقية بريطانيا تنظيمياً، وهو ما يعتبرونه تبعية بريطانية للاتحاد الأوروبي، وتخلياً عن إيرلندا الشمالية لصالح الاتحاد.

إلا أن عدداً من نواب الكتلة المتمردة على الخط الحكومي قد صوتوا لصالحها على خلاف التصويت السابق لاعتقادهم بأن الهزيمة الحالية ستؤدي إلى "بريكست" مخفف ومؤجل وربما خروج قرار الانسحاب برمته من يد الحكومة إلى يد البرلمان. وتوجد في البرلمان أغلبية بين الأحزاب المعارضة وعدد من نواب المحافظين لصالح "بريكست" مخفف يشمل عضوية في الاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي.

وكانت ماي قد حاولت إقناع البرلمان بالتصويت لصالح صفقتها خلال كلمة ألقتها في مجلس العموم، محذرة من انحدار البلاد إلى طريق تسوده الفوضى، بحيث قد تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، أو قد يُلغى "بريكست" برمته.

وحذرت ماي أيضاً من توجيه اللوم إلى الآخرين بقولها "إذا حدث أي من هذه الاحتمالات، فلن نستطيع لوم الاتحاد الأوروبي. المسؤولية تقع على عاتق هذا المجلس". وأضافت "حانت اللحظة وحان الوقت، وقت نجتمع فيه سوية، وندعم هذه الصفقة، ونحقق هذا الاتفاق".

وكانت ماي قد وعدت البرلمان البريطاني بالتصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق في حال هزيمتها اليوم، في موعد أقصاه مساء غد. وفي حال هزيمة ذلك المقترح أيضاً، فسيكون للبرلمان التصويت على تأجيل موعد "بريكست" في موعد أقصاه مساء يوم الخميس.


ويتوقع أن توجد أغلبية برلمانية لصالح تأجيل موعد "بريكست"، لكونه يبعد احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، ذي تبعات كارثية على بريطانيا واقتصادها.

ولا يعد تأجيل موعد "بريكست" أمراً تلقائياً، بل يحتاج موافقة دول الاتحاد الأوروبي، والتي ستجتمع في قمة يومي 21-22 مارس/ آذار، أي قبل أسبوع من موعد خروج بريطانيا من الاتحاد.

وفي حال تمديد موعد "بريكست"، قد تتجه بريطانيا إلى انتخابات عامة تأتي ببرلمان جديد يدعم شكلاً من أشكال "بريكست" أو قد تتجه إلى استفتاءٍ ثانٍ يُخيَّر فيه الناخب البريطاني بين صفقة ماي أو البقاء في الاتحاد الأوروبي.

ومن غير الجلي طبيعة الخطوات التي سيتخذها البرلمان بعد يوم الخميس، ولكن الاعتقاد السائد أنه قد يدفع بشكل مخفف جداً من "بريكست"، يشمل شكلاً معدلاً من النموذج النرويجي، والذي يحظى بدعم قوي بين أعضائه.

ويبقى أخيراً احتمال أن يفاجئ الاتحاد الأوروبي الجميع، وأن يمنح ماي التعديلات التي تحتاجها خطتها لنيل أغلبية برلمانية في تصويت ثالث قبل موعد "بريكست".

ذات صلة

الصورة

سياسة

أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الخميس، بأن بريطانيا اشترطت على إسرائيل السماح بزيارة دبلوماسيين أو ممثلين عن منظمة الصليب الأحمر عناصر النخبة من حماس المعتقلين.
الصورة
ناشطة بريطانية تتلف لوحة بورتريه للورد بلفور بسبب فلسطين (إكس)

منوعات

أعلنت منظّمة بريطانية مؤيدة لفلسطين، الجمعة، أن ناشطة فيها أتلفت لوحة بورتريه معروضة لآرثر بلفور السياسي البريطاني الذي ساهم إعلانه في إنشاء إسرائيل.
الصورة

سياسة

أغلق محتجون مؤيّدون للفلسطينيين اليوم السبت طرقاً خارج البرلمان البريطاني في لندن، مطالبين بوقف فوري للحرب على غزة.
الصورة
تظاهرة تضامنية مع فلسطين وغزة في كتالونيا 26/11/2023 (روبرت بونيت/Getty)

سياسة

منذ صباح 7 أكتوبر الماضي بدا الاتّحاد الأوروبي، أو القوى الكبرى والرئيسية فيه، موحدًا في الاصطفاف إلى جانب إسرائيل، ورفض عملية طوفان الأقصى ووصمها بالإرهاب