مقترحات لتعديل قانون الأحزاب العراقية: خشية من القيود

مقترحات لتعديل قانون الأحزاب العراقية: خشية من القيود

23 فبراير 2019
شاركت الأحزاب بالانتخابات من دون معرفة مصادر التمويل(فرانس برس)
+ الخط -

تبذل قوى سياسية عراقية منذ أيام جهوداً من أجل التوافق على طرح تعديل جديد لقانون الأحزاب المعمول به في البلاد، منذ عام 2015، وذلك من خلال كتلها السياسية داخل البرلمان، بسبب ما تعتبره "هفوات" داخل القانون تسمح لكثير من الأحزاب باستغلالها. وفي الوقت ذاته، تؤكد رئاسة البرلمان وجود تضارب في الآراء بشأن التعديلات، في ظل وجود مؤيدين ومعارضين لها، بحسب مصالح الأحزاب نفسها، وهو ما يعني، بحسب مراقبين، معركة مرتقبة داخل الكتل السياسية.

ووفقاً لآخر إحصائية أصدرتها مفوضية الانتخابات العراقية فإن عدد الأحزاب والحركات السياسية والتنظيمات السياسية المسجلة لديها بلغ أكثر من 200. وتكشف الإحصائية أن نحو 85 في المائة من هذه الأحزاب دينية وقومية ومناطقية، وتتشابه في الطروحات والأفكار، وتبدو في غالبها بحكم المنسوخة أو المكررة بين حزب وآخر. وأكد النائب الأول لرئيس البرلمان حسن الكعبي، لـ"العربي الجديد"، وجود مطالبات كثيرة تخص قانون الأحزاب رقم 36 لسنة 2015 و"الذي ولد في مخاض عسير"، مشيراً، في الوقت ذاته، إلى وجود اعتراضات من كتل سياسية لا ترغب في تأطير عملها الحزبي والسياسي بقانون، لأن السنوات السابقة شهدت مساحة مكرسة للعمل الحزبي والسياسي والمشاركة في الانتخابات من دون مراقبة ومحاسبة من أجل معرفة مصادر التمويل. وشدّد على "ضرورة التعامل مع القانون النافذ حالياً برؤية سياسية واعدة من أجل توسيع المشاركة السياسية واستقطاب أكبر عدد من المواطنين والسياسيين عبر تسهيل تأسيس الأحزاب وعدم التعسف في استخدام الإجراءات القانونية أو تعقيدها".

وشددت عضو اللجنة القانونية في البرلمان عالية نصيف على ضرورة تعديل قانون الأحزاب، مؤكدة، لـ"العربي الجديد"، أن "خروج أعضاء مجلس النواب عن الخضوع لأوامر القوى السياسية قد يؤدي إلى وجود قانون أحزاب ناضج". واعتبرت أنه "إذا سارت الأمور بخلاف ذلك، فلن تأتي التعديلات بشيء جديد"، موضحة أن "التعديلات، إن كانت من دون ضغوط سياسية، فإنها قد تلزم مزدوجي الجنسية عدم الترشح للمناصب السيادية". وأشارت إلى أن "بعض الكتل ستحاول إرضاء الجهات السياسية التابعة لها في قانون الأحزاب"، مشددة على "أهمية وجود قانون للأحزاب قادر على محاسبة القوى السياسية التي تقوم بصرف أموال كبيرة خلال فترة الانتخابات، وأيضاً يكشف عن الأموال ومصادرها لدى الأحزاب العراقية".


وفي السياق، أكد مصدر برلماني مطلع أنه ستتم صياغة عدد من الأمور المهمة في قانون الأحزاب على شكل تعديلات، وعرضها على اللجنة القانونية البرلمانية، موضحاً، لـ "العربي الجديد"، أن "عدة أمور يجب أن تعدل في قانون الأحزاب، من بينها تمثيل النساء في الأحزاب، ومشاركة الشباب، ومسألة التمويل والترويج لأفكار حزب البعث". من جهته، أكد علي السالم، وهو أحد ممثلي الكيانات السياسية في مفوضية الانتخابات العراقية، أن "التعديلات الجديدة، في حال تم تمريرها، ستكون مهمة على مستوى العمل السياسي في العراق، وتنهي فوضى تشكيل الأحزاب وحلها ثم إعادة تشكيلها، حتى بات تأسيس حزب أسهل من فتح دكان في حي سكني". واعتبر أن "التعديلات ستكون مهمة من ناحية تنظيم العمل الحزبي، بما يؤدي إلى استقرار، ولو بسيطاً، في العملية السياسية في العراق". وأشار عضو منظمة حقوق الإنسان فاضل الغراوي إلى أنه تم تشريع قانون الأحزاب على الرغم من احتوائه على الكثير من الثغرات، مؤكداً، لـ"العربي الجديد"، وجود مؤشرات تتعلق بمسألة الشفافية في التعامل مع الكيانات السياسية. وشدد على "ضرورة تنظيم قضية منح الإجازات للأحزاب السياسية، مع الأخذ بنظر الاعتبار منح فرصة للشباب وتمكين النساء".

وكان البرلمان قد أقرّ القانون رقم 36 لسنة 2015، وهو أول قانون للأحزاب في العراق بعد الاحتلال الأميركي في عام 2003، إلا أن هذا القانون تعرض لانتقادات كبيرة بسبب عدم قدرته على الحد من ارتباط بعض الأحزاب بالخارج، فضلاً عن استمرار غموض مصادر تمويلها. وهذا ما دفع أستاذ العلوم السياسية علي حسين الجبوري إلى القول إن "قانون الأحزاب حقق الغاية الدعائية التي أقر من أجلها، إلا أنه فشل فشلاً ذريعاً في تقييد مخالفات الأحزاب"، مؤكداً، لـ"العربي الجديد"، أن "الغاية من أي قانون للأحزاب هي إنهاء ارتباط هذه الأحزاب بالخارج، والكشف عن مصادر تمويلها، ومنح جميع القوى السياسية فرصاً متكافئة عند المشاركة في الانتخابات". وأضاف "ما حدث بعد إقرار قانون الأحزاب عكس ذلك تماماً، إذ سيطرت قوى سياسية محدودة على المشهد السياسي، مع استمرار الاتهامات بفساد الأحزاب المالي". وتابع "بعض التصريحات لمسؤولين تذهب إلى أبعد من ذلك، حين تتحدّث عن مافيات لأحزاب تسيطر على قصور للنظام السابق (نظام صدام حسين)، وتهيمن على المنافذ الحدودية، وبعض واردات المبيعات النفطية".

المساهمون