وزير داخلية "الوفاق" في مواجهة مليشيات طرابلس... ما الجديد؟

وزير داخلية حكومة "الوفاق" في مواجهة مليشيات طرابلس... ما الجديد؟

21 فبراير 2019
لم تنفذ بعد خطة الترتيبات الأمنية لطرابلس(Getty)
+ الخط -

جدد وزير الداخلية في حكومة الوفاق الليبية، فتحي باشاغا، هجومه على عددٍ من المليشيات في طرابلس، معتبراً أنها سببٌ رئيسي في فشل تنفيذ خطة الترتيبات الأمنية
، في وقت علم "العربي الجديد" أن الأخير حصل على وعود أميركية بمساعدته في ضبط الأمن في طرابلس، وتحييد أطراف دولية تقدم الدعم لهذه المليشيات.

وكانت حكومة الوفاق بطرابلس قد أعلنت، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عن بدء تنفيذ خطة الترتيبات الأمنية للسيطرة على الأوضاع في طرابلس، بالتنسيق مع البعثة الأممية في ليبيا، وذلك على خلفية المواجهات المسلحة الكبيرة التي شهدتها العاصمة الليبية، بين عدد من مليشياتها ومليشيات "اللواء السابع"، القادم من ترهونة.

وتعتبر خطة الترتيبات الأمنية استئنافاً لجهود البعثة لتنفيذ بند الترتيبات الأمنية، المنصوص عليه في اتفاق الصخيرات، الذي جاء بحكومة الوفاق إلى طرابلس في مارس/آذار 2016.

واشتد الصراع بين المليشيات المسلحة في العاصمة الليبية ووزارة الداخلية التي كانت قد شرعتها في السابق، إثر قرار الوزارة بتكليف "اللواء السابع" في ترهونة بتأمين محيط مطار طرابلس القديم، وهو القرار الذي أزعج أبرز أربع مليشيات تسيطر على طرابلس، هي "قوة الردع الخاصة" و"كتيبة ثوار طرابلس" و"كتيبة النواصي" و"قوة الردع" و"التدخل السريع"، والتي أعلنت إثر تمكنها من طرد "اللواء السابع" من طرابلس، منتصف الشهر الماضي، عن تكوين جسم مسلح موحد عرف بـ"قوة حماية طرابلس".

وأعلنت "قوة حماية طرابلس"
أكثر من مرة تمردها على الحكومة بعدم اعترافها بقرارتها، وسط اتهامات متبادلة بين المليشيات والوزارة، كاتهام الأولى لباشاغا بــ"محاولة الزج بالعاصمة في أتون حرب دموية"، ليرد وزير الداخلية عليها بـ"عجز الوزارة عن التعامل مع المليشيات المسلحة في طرابلس، حتى باتت مهيمنة على القرار السياسي والاقتصادي بالدولة". وأكد باشاغا أن هذه المليشيات هي مصدر الفوضى الأمنية، لرفضها الامتثال لتعليمات كافة المؤسسات الحكومية من استخبارات ومباحث ووزارة داخلية، وخرقها لاتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعت عليه في سبتمبر/ أيلول الماضي برعاية الأمم المتحدة.

وهاجم وزير الداخلية بحكومة الوفاق المليشيات، للمرة الأولى بشكل صريح، خلال مؤتمر صحافي تعليقاً على هجوم نفذه تنظيم "داعش" استهدف مقر وزارة الخارجية في نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، معتبراً أن المليشيات هي السبب في هشاشة الوضع الأمني في العاصمة، بل قال إنها "المعرقل الرئيسي لتنفيذ الترتيبات الأمنية"، برفضها الانخراط فرادى في أجهزة الوزارة الأمنية والشرطية.

ولا يزال الوزير الليبي مصراً على السعي لتقويض دور المليشيات، فرغم اعترافه بدورها في ضبط الأمن خلال الفترات الماضية عندما كانت البلاد تعاني من فراغ أمني، عاد ليهاجمها خلال لقاء صحافي عقده أمس، الأربعاء، مؤكداً أنها "تستعمل شعار وزارة الداخلية دون الالتزام بالخضوع والامتثال لقواعد القانون ومعايير الانضباط والمهنية، مستخدمة ما لديها من قوة لإرهاب الدولة والمسؤولين والمواطنين لممارسة السطوة والنفوذ، وفي بعض الأحيان، تنفيذ أجندات بعض المسؤولين والسياسيين"، مشدداً على أنها "لن تكون جزءاً من العمل الأمني بأي حال من الأحوال، لأن أفرادها فقدوا أهم الشروط القانونية ومعايير الانضباط والسلوك القويم".

لكن رغم هذا الهجوم، أشار باشاغا ضمنياً إلى إمكانية الاستعانة ببعض المليشيات ضد بعضها الآخر عبر احتوائها، مجيباً عن سؤال متداول بشكل كبير عن شكل القوات التي ستعتمد عليها الوزارة ضمن خطة الترتيبات الأمنية، لا سيما أنه اعترف في السابق بعدم وجود قوات نظامية يمكن له أن يتعمد عليها.

وقال باشاغا في اللقاء الصحافي، إن "
مجموعات مسلحة أخرى مارست العمل الأمني بشكل تطوعي، وبمرور المدة، استطاعت أن تحقق بعض النتائج الإيجابية على صعيد مكافحة الجريمة والإرهاب، وبالتعاون مع خبرات أمنية محترفة، وبمعرفة ضباط أكفاء، وهناك قضايا عدة تحال إلى النيابة العامة من تلك المجموعات التي تتبع كذلك للدولة، ولكن لا أستطيع أن أصفها بالنظامية"، لافتاً إلى إمكانية استعانة الوزارة بهم، بقوله إن "الكرة في ملعب هؤلاء، ومصيرهم بين أيديهم، إما خضعوا للقانون وامتثلوا لسلطة وزارة الداخلية والدولة عموماً وسلموا أمرهم للقانون وقواعد الانضباط لغرض تقويمهم وتأهيلهم، وإما استمروا في الكبر والعناد، وسيكون مصيرهم كالنوع الأول".

وتعليقاً على تطورات الأوضاع في طرابلس، علم "العربي الجديد" أن الوزير حصل على وعود أميركية بمساعدته في ضبط الأمن في طرابلس وتحييد أطراف دولية تقدم الدعم لهذه المليشيات، ومن بينها "كتيبة ثوار طرابلس"، التي يقودها هيثم التاجوري، المعروف بعلاقته بالإمارات.

وكانت وزارة الداخلية بحكومة الوفاق قد أعلنت، من خلال نشرات متتالية على صفحتها الرسمية، عن لقاء الوزير بعدد من مسؤولي الحكومة الأميركية، من بينهم مسؤولون كبار في البنتاغون، خلال الزيارة التي قام بها الأسبوع الماضي إلى الولايات المتحدة.

وقالت مصادر مقربة من الوزارة، لـ"العربي الجديد"، إن الدعوة التي تلقاها باشاغا لزيارة واشنطن تؤشر إلى رغبة أميركية في التعاون معه بجدية، وسوف تمنحه الكثير من القوة للتحرك بحرية، مشيرة إلى أن مسؤولاً أميركياً بارزاً التقى، يوم أمس الأربعاء، في العاصمة تونس، كلاً من التاجوري، وعبد الرؤوف كاره، قائد "قوة الردع الخاصة".

وفيما رجحت المصادر أن اللقاء على علاقة بمساعي الوزير للحدّ من سلطة المليشيات، أكدت أيضاً أن خطط الوزير المقبلة ستكون معلنة بشأن قبول أفراد المليشيات بالانخراط في دورات تدريبية في المجالين الأمني والشرطي ضمن مدة زمنية محددة، بالتزامن مع خطط لوزارة العمل والتأهيل، لتسهيل انخراط أفراد آخرين في مجالات العمل المدني وتجريدهم من السلاح بعد إجراءات عدة، من بينها قطع مرتبات ومزايا مالية يحصل عليها مسلحو المليشيات.

وبيّنت المصادر أن الخطة التي عاد الوزير حاملاً إياها ستتضمن إجراءات أخرى، من بينها المجاهرة بالأمن من خلال إعادة فتح مراكز الشرطة والشرطة القضائية والحرس البلدي والبحث الجنائي ومديرية الأمن التي ستعلن عن إشرافها على تأمين مواقع حيوية واستراتيجية في العاصمة، بالتزامن مع الإبقاء مؤقتاً على سيطرة بعض المليشيات المتلزمة نسبياً بإجراءات الوزارة في مقارها في بعض المعسكرات بمحيط العاصمة طرابلس، كقوة تابعة لوزارة الدفاع بالحكومة، تشكل طوقاً أمنياً دفاعياً عن العاصمة.

المساهمون

The website encountered an unexpected error. Please try again later.