أرواح تنتظر "إنقاذاً دولياً": هؤلاء في طريقهم لمشانق السيسي

أرواح تنتظر "إنقاذاً دولياً": هؤلاء في طريقهم لمشانق السيسي

22 فبراير 2019
يبرز اتجاه متصاعد لتنفيذ أحكام الإعدام الجماعية (فرانس برس)
+ الخط -
تعاظم الاهتمام الإعلامي والدبلوماسي والشعبي العالمي بقضية تعدد أحكام الإعدام في مصر وسرعة تنفيذها، بعد إعدام الشبان التسعة المتهمين بالضلوع في عملية اغتيال النائب العام السابق هشام بركات، الأربعاء الماضي، وأطلقت منظمات حقوقية ونشطاء من الولايات المتحدة ومختلف دول أوروبا بيانات لإدانة التسرّع في إعدام المتهمين بارتكاب جرائم سياسية في مصر.
وبينما دشّن آلاف النشطاء والمدونين على مواقع التواصل الاجتماعي حملة لوصم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بـ"القاتل"، وللمطالبة بـ"تعطيل أحكام الإعدام وتجميدها"، اعتبرت منظمة "هيومان رايتس ووتش" أنّ "إصدار أحكام الإعدام وتنفيذها، لا سيما بعد محاكمات جائرة، لن يحققا للمواطنين السلامة والعدالة المستحقة، ولن يؤديا إلا إلى تفاقم التوترات في مجتمع منقسم"، مطالبةً بالعمل على "تعزيز ضمانات استقلال القضاء وإصلاح التشريعات المصرية للوفاء بالمعايير الدولية".
ويعتبر حكم الإعدام الأخير الأكبر من نوعه، جماعياً، في أعقاب انقلاب يوليو/ تموز 2013 والإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي، ثمّ شنّ النظام المصري حرباً مفتوحة على جماعة "الإخوان المسلمين" وتيارات الإسلام السياسي الأخرى، وما صاحب ذلك من أعمال عنف ومجازر بحق المدنيين، بلغت ذروتها في فضّ اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، وما لحق تلك الأحداث من وقائع عنف اتهمت السلطات "الإخوان" وشبابهم الذين بقوا في مصر بارتكابها، أو الوقائع التي اتُهم فيها قياديو وعناصر تنظيم "أنصار بيت المقدس" الذي تحول لاحقاً إلى "ولاية سيناء" التابع لتنظيم "داعش".
فمن بين 71 شخصاً أعدموا منذ 2014، تمّ إعدام تسعة متهمين مرة واحدة لإدانتهم بحكم عسكري في القضية المعروفة إعلامياً بـ"أحداث عرب شركس"، وذلك في مايو/أيار 2015. وفي فبراير/شباط الماضي، تمّ إعدام 3 متهمين أدينوا بقتل نجل قاض بالمنصورة، ثمّ 3 متهمين أدينوا بقتل لواء الشرطة نبيل فراج بمنطقة كرداسة بالجيزة، ثمّ تمّ إعدام المتهمين التسعة في قضية اغتيال النائب العام، ما يعكس اتجاهاً حكومياً متصاعداً لتنفيذ أحكام الإعدام الجماعية بحقّ المتهمين في قضايا ذات صبغة سياسية، وتجاهل المناشدات الحقوقية المحلية والدولية.
ورجحت مصادر أمنية في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن يتم إعدام مجموعات من المتهمين، في كل قضية معينة، على حدة، أسبوعياً، خلال الشهر الحالي والشهر المقبل، مشيرة إلى أنّ "هناك تعليمات عليا بإعدام جميع المتهمين الذين أيدت محكمة النقض إعدامهم خلال العامين الماضيين، للتأكيد على سرعة معاقبة المدانين، وعدم تمتعهم بفرص أخرى للالتماس أو التظلّم من حكم الإعدام كما كان يحدث سابقاً، عندما كانت الفترة الفاصلة بين صدور الحكم النهائي والتنفيذ تصل إلى أعوام عدة".

وتثير هذه الترجيحات تساؤلات عن المصير المحتوم الذي قد يلقاه عدد من المتهمين الذين أدينوا نهائياً بأحكام من النقض في الشهور القليلة الماضية، والذين تنشر "العربي الجديد" أبرزهم وهم:
أولاً: 6 متهمين أدينوا في قضية قتل حارس المستشار حسين قنديل بالمنصورة، صادر بحقهم حكم نهائي من النقض برئاسة الرئيس الحالي للمحكمة مجدي أبو العلا، في 7 يونيو/حزيران 2017.
ثانياً: 6 متهمين أدينوا في قضية أحداث مطاي بشمال المنيا عقب فضّ اعتصام رابعة، صادر بحقهم حكم نهائي من النقض برئاسة المستشار فرحان بطران، في 28 إبريل/نيسان 2018.
ثالثاً: 20 متهماً أدينوا في القضية المعروفة إعلامياً بـ"مذبحة كرداسة" التي وقعت أحداثها عقب فضّ اعتصام رابعة، صادر بحقهم حكم نهائي من النقض في 24 سبتمبر/أيلول 2018.
رابعاً: 7 متهمين أدينوا في قضية اغتيال معاون مباحث الإسماعيلية، صادر بحقهم حكم نهائي من النقض في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2018.
خامساً: 5 متهمين أدينوا في القضية المعروفة إعلامياً بـ"خلية الجيزة الإرهابية"، صادر بحقهم حكم نهائي من النقض في 20 يناير/كانون الثاني 2019.
سادساً: المتهم فضل المولى حسني المدان في القضية المعروفة إعلامياً بـ"أحداث عنف المنتزه"، صادر بحقه حكم نهائي من النقض في 24 إبريل 2017.
ويبدو المتهمون في هذه القضايا قاب قوسين أو أدنى من تنفيذ أحكام الإعدام بحقهم، إذا ما استمر السيسي في سياسته المتشددة إزاء المعارضين المحكومين بالإعدام والسجن وغيرها من العقوبات، ماضياً في طريقه من دون اكتراث للمناشدات أو الضغوط الدولية، التي تمارسها العواصم الكبرى حتى الآن بصورة غير فعالة، ودون ضمانات تنقذ الأرواح المهددة.
وجاء تنفيذ حكم الإعدام بحق الشبان التسعة محمّلاً بالإشارات التي كان أبرزها على المستوى القانوني، هو تكريس النظام، لتعمده تنفيذ حكم الإعدام حتى إذا كان المتهمون قد سلكوا طرقاً قانونية لتعطيل الحكم الصادر ضدهم. فالثابت أنّ الشبان التسعة كانوا قد أقاموا بواسطة محاميهم فيصل السيد، طعناً أمام المحكمة الدستورية العليا في ديسمبر/كانون الأول الماضي، يطالب بإلغاء حكم محكمة النقض، باعتباره مناقضاً لمبدأ سابق كانت المحكمة الدستورية قد أصدرته بشأن تطبيق المحاكم لإجراءات "الرأفة" مع المتهمين بحيازة الأسلحة.
وسبق أن اتّبع النظام الأسلوب ذاته مع المحكومين الستة في قضية "عرب شركس"، حيث تم إعدامهم في ظلّ تداول دعوى أمام محكمة القضاء الإداري بشأن بطلان القبض والإخفاء القسري لأحد المتهمين.
وسبق أن قال مصدر في وزارة العدل، في هذا السياق، إنّ "السيسي يريد تغيير الصورة القديمة التي كانت متداولة في الأوساط القانونية عن محكمة النقض وأحكام الإعدام"، شارحاً ذلك بقوله: "قضاة النقض كانوا دائماً متباطئين في مسألة تأييد أحكام الإعدام حتى وإن كانت القضايا بلا ثغرات حفاظاً على روح العدالة، وارتكاناً إلى أهمية البحث عن أي ثغرة لإنقاذ روح بشرية من المشنقة". وأوضح أنّ السيسي اعتبر في أحاديثه مع القضاة– خصوصاً بعد اغتيال بركات- أن هذه الصورة المتداولة "سبب رئيس لعدم تخوف المتهمين المنتمين لجماعات معارضة من مصير مؤلم جراء محاكماتهم".

المساهمون