ألمانيا: جدل حول استعادة مقاتلي "داعش"

ألمانيا: جدل داخلي حول استعادة مقاتلي "داعش" الأوروبيين

18 فبراير 2019
الخضر واليسار يتفهمان الطلب الأميركي (توماس لوهنيس/Getty)
+ الخط -

أثارت دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للدول الأوروبية لاستعادة مواطنيها الذين قاتلوا إلى جانب تنظيم "داعش" الإرهابي، والمقدر عددهم بحوالي 800 شخص، و"إلا سيصار لإطلاق سراحهم"، نقاشا في ألمانيا بعدما عبرت الحكومة عن شكوكها بإمكانية استعادتهم، فيما أعرب حزبا الخضر واليسار المنتميان إلى المعارضة عن "تفهمهما" للطلب الأميركي.

وفي حوار تلفزيوني على القناة الأولى في التلفزيون الألماني، اعتبر وزير الخارجية هايكو ماس أن الطلب الأميركي "يصعب تحقيقه"، قبل أن يشدد على أن "العودة ممكنة فقط إذا تم التأكد من أن هؤلاء الأشخاص سيتم إحضارهم على الفور وتقديمهم للمحاكمة، ولهذا يحتاج المرء أولا إلى المعلومات والتحقيقات الأولية، وهذا غير مضمون حاليا".

من جهته، انتقد مسؤول السياسة الخارجية في الحزب المسيحي الديمقراطي نوربرت روتغن، في حديث مع صحيفة "باساور نوين بريسه"، طلب ترامب، واعتبر أن "المقاربة ليست واعدة وبناءة إذا قمت بتحويل مسؤوليتك". 

من جانبه، شكك وزير داخلية بافاريا، يواخيم هيرمان، بإمكانية تقديم هؤلاء للمحاكمة، مشيرا إلى أنه "ليس من المنطقي السماح لهم بالعودة إلى البلاد".  

وفي السياق ذاته، أشارت تقارير إلى أنه، ووفقا للدوائر الأمنية الألمانية، فإن "إنفاذ القانون عادة ما يكون صعبا في مثل هذه الحالات، بسبب شحّ الأدلة، لذا سيكون المطلوب أن يعترف المقاتلون السابقون أو أن تثبت الدولة أنهم شاركوا في القتال في مناطق الحرب، وإذا لم يكن هناك أمر اعتقال فقد تكون القضية معقدة". 

يشار إلى أن بعض التحقيقات الأولية فتحت عند عودة بعض من أفراد "داعش" في أوقات سابقة إلى ألمانيا، ودين بعضهم على أساس انتمائه لمنظمة إرهابية.  

في المقابل، أعلن حزبا الخضر واليسار عن "تفهمهما" لمطلب ترامب، إذ قال خبير السياسة الخارجية للخضر أوميد نوريبور، لـ"دويتشلاند فونك"، إنه "لا بد من استعادة المقاتلين السابقين في داعش وإقامة المحاكمات لهم هنا"، مضيفا أنه "إذا كان هناك مواطنون ألمان فإنه لا بد أن يأتوا إلى ألمانيا، لأن الدول مسؤولة عن مواطنيها، سواء كانوا قديسين أو إرهابيين". 

بدوره، قال رئيس كتلة اليسار في البوندستاغ، ديتمار بارتش: "نحن دولة القانون ويجب أن نتحرك"، مضيفا أنه "من المفارقات أن أولئك الذين يريدون ترحيل الناس بسرعة إلى الدول غير الآمنة المنشأ، نجدها في هذه الحالة في وضع مختلف تماما"، في إشارة منه إلى نية الحكومة تصنيف الدول المغاربية "آمنة"، وذلك بعد موافقة مجلس الولايات.

ووجهت انتقادات، في وقت سابق، للدول الأوروبية لتغافلها عن إعطاء ملف استعادة المقاتلين الأجانب من الأوروبيين وعائلاتهم لدى التنظيم أهمية، ما يوحي بعدم الرغبة في استعادتهم.

ومن المنتقدين للموقف الأوروبي مدير المركز الدولي لدراسات التطرف بيتر نيومان، الذي اعتبر أن "الدول الأوروبية تعمدت تأجيل الحل بشكل متكرر"، وليؤكد أن "الأساس هو استعادة هؤلاء الأشخاص على نحو تدريجي، ويمكن الاستفادة منهم كشهود". 

 

إلى ذلك، برز سخط ألماني من طريقة تعاطي ترامب مع الملف بعيدا عن الدبلوماسية، وذلك بإطلاقه تغريدات كانت بمثابة "تهديد سيئ" للأوروبيين، في تأكيد على أن "هؤلاء سيعودون إلى أوروبا على أي حال"، وحتى يفهم "شركاؤه في التحالف الدولي ضد الإرهاب" أن قتال واشنطن ضد "داعش" في سورية انتهى، و"الآن جاء دوركم"، وفق ما أوضحت صحيفة "تاغس شبيغل اليوم الاثنين. 

وعن إمكانية استعادة المقاتلين الألمان في "داعش" في ظل إغلاق السفارة الألمانية في سورية منذ العام 2012، يجري الحديث عن احتمال توفير الرعاية القنصلية لهم في تركيا أو العراق، وإعادتهم إلى ألمانيا، كما أنه يمكن للاستخبارات الفيدرالية الألمانية، وعبر اتصالات غير رسمية، أن تلعب دورا مع سلطات النظام السوري في هذا المجال.

وكان المتحدث باسم الداخلية الألمانية قد أعلن أنه "من حيث المبدأ فإن كل المواطنين الألمان، والذين يشتبه بأنهم قاتلوا إلى جانب داعش، يحق لهم العودة"، إلا أنه أشار إلى أن "ألمانيا تحترم مصلحة تطبيق القانون في بعض الدول". 

وأعلن العراق عن رغبته بتقديم بعض المقاتلين للمحاكمة، وحكم على بعضهم بالفعل بعقوبات شديدة. 

وكانت الداخلية الالمانية قد أعلنت أخيرا أن هناك حوالي 270 امرأة ألمانية وأطفالهن لا يزالون في سورية والعراق، وأن هناك حوالي 60 شخصا من مؤيدي "داعش" الألمان يقبعون في سجون شمال سورية، علما أنه، ومنذ العام 2013، غادر حوالي 1050 شخصا ألمانيا إلى مناطق الحرب في الشرق الأوسط.