السيسي بمؤتمر ميونخ: تصويب على "غلو وتطرّف" الخطاب الإسلامي

السيسي بمؤتمر ميونخ: تصويب على "غلو وتطرّف" الخطاب الإسلامي

16 فبراير 2019
السيسي: عدم تصويب الخطاب الديني سيمس العالم كله (Getty)
+ الخط -
جدد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، هجومه على ما يصفه الخطاب الديني "المتطرف" للمسلمين، محذراً "الشركاء في أوروبا"، خلال كلمته في مؤتمر ميونخ للأمن، اليوم السبت، من ما يُنشر في دور العبادة ببلدانهم، ومن "معاناة كافة دول العالم، وليست الإسلامية فقط، من عدم تصويب هذا الخطاب من الغلو والتطرف"، على حدّ تعبيره.

وقال السيسي: "طالبنا في مصر بإصلاح وتصويب الخطاب الديني، وقلنا بشكل علني واضح إننا نعترف بوجود مشكلة لدينا، وحين ألتقي مع الشركاء الأوروبيين أقول لهم انتبهوا جيداً لما ينشر في دور العبادة، وألا تسمحوا للمتطرفين والمتشددين بأن يقودوا مسيرة هدم الشعوب، لأن الإرهاب ظاهرة تحتاج إلى التكاتف من الجميع لمعالجة أسبابها".

وأضاف السيسي أن "ظاهرة الإرهاب وعدم الاستقرار يمسان أمن العالم، إذا لم يتم التعامل معهما بشكل متكامل بتعاون دولي حاسم"، مستطرداً "تحدثت منذ أكثر من 4 سنوات عن أهمية إصلاح الخطاب الديني. وللمرة الأولى يتحدث رئيس دولة مسلمة بوضوح أمام أكبر مؤسسة دينية (الأزهر الشريف)، ويطلب هذا الطلب، لأن عدم تصويب هذا الخطاب سنعاني منه كدول مسلمة، ويعاني منه العالم كله".

وتابع: "رأينا تأثير الفكر المتطرف على الأمن والاستقرار في العالم بأسره خلال السنوات الماضية، وكان تأثيره واضحاً في المنطقة العربية، وبعض الدول الأوروبية؛ والقاهرة تقود الآن مسيرة تصويب الخطاب الديني، وإبراز ذلك للجميع، حيث لا توجد مدينة جديدة في مصر، وإلا دور العبادة الإسلامية والمسيحية (المسجد والكنيسة) إحدى مفرداتها"، على حد تعبيره.


وواصل في كلمته: "لا فرق في مصر بين مسلم أو مسيحي، وأنشأنا أكبر كاتدرائية في الشرق الأوسط في العاصمة الإدارية الجديدة، لأن ترسيخ ممارسات قيم التسامح والعيش المشترك أقوى من الكلمات والخطب... والكثير من دول العالم لا تتفهم ما يحدث في مصر، واعتقدوا أن ما حدث في 2013 (انقلاب 3 يوليو/ تموز) كان عكس إرادة المصريين، رغم أن أكثر من 30 مليون مصري خرجوا للشارع رافضين الحكم الديني"، حسب مزاعمه.

وادعى السيسي أنه "في كل مرة تغيب فيها مؤسسات الدولة الوطنية (العسكرية)، تظهر تلك الجماعات المتطرفة لمحاولة القفز على السلطة"، مشيراً إلى أن "الإرهاب ظاهرة تحتاج إلى تكاتف المجتمع الدولي من خلال مقاربة شاملة، لا تقتصر فقط على البعد الأمني، بل والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والفكري والديني كذلك".

وزاد السيسي: "التعاون بين الدول العربية والأوروبية هو تعاون ممتد عبر التاريخ بحكم الجوار الجغرافي، والصلات الممتدة، والعلاقات المتشابكة، الأمر الذي جعل من أوروبا أكبر شريك للمنطقة العربية... وعدم الاستقرار في المنطقة العربية يؤثر على أوروبا، والعكس صحيح، فالأزمات التي مرت بها بعض الدول العربية أدت لتفاقم ظاهرة المهاجرين غير الشرعيين، وأثرت بشكل مباشر في استقرار الدول الأوروبية".

واستدرك بالقول: "نبهنا المجتمع الدولي إلى ظاهرة استخدام أنظمة الاتصال الحديثة في تجنيد المتطرفين لإيذاء العالم... وطالبت في عام 2014 بضرورة التعامل بحسم مع استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وأنظمة الاتصال الحديثة، في نشر الفكر المتطرف... وهو الطلب الذي لم يتم التفاعل معه بالشكل المناسب على الصعيد الدولي، رغم أن الفكر المتطرف سيظل يساهم في تفشي ظاهرة الإرهاب، ما لم تتخذ إجراءات دولية حاسمة لتقويضه".

ودعا السيسي المجتمع الدولي إلى التعاون في ملف القضية الفلسطينية، ووضع حد طال انتظاره لما وصفه بـ"الإرث الثقيل" و"الصراع السياسي الأقدم منذ بداية القرن العشرين"، إعمالاً لمبدأ حل الدولتين، معتبراً أن عدم تسوية القضية الفلسطينية بصورة عادلة ونهائية "يمثل المصدر الرئيسي لحالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط".

وبيّن الرئيس المصري أن "إحدى أولويات دول الاتحاد الأفريقي، ونحن على أعتاب عام إسكات المدافع بالقارة في 2020، هو ملف إعادة الإعمار والتنمية في فترة ما بعد النزاعات"، مطالباً "الشركاء الأوروبيين" بالعمل على دعم إعمار أفريقيا، كون المؤتمر يعقد وسط تحديات ومخاطر متزايدة ومتشعبة، تظهر بوضوح في منطقة الشرق الأوسط والقارة الأفريقية على حد سواء.

كذلك أعرب عن تطلع بلاده إلى أن يكون المؤتمر "أداة إقليمية فعالة في مساعدة الدول التي خرجت مؤخراً من النزاعات المسلحة، من خلال تقييم احتياجاتها، وبلورة تصورها الوطني لمسار إعادة الإعمار"، مختتماً بأن "قضية الأمن في ليبيا تتطلب من الجميع تقديم الدعم اللازم للمسار السياسي، ولجهود المبعوث الأممي، والعمل على دعم وتمكين مؤسسات الدولة، بما في ذلك المؤسسة العسكرية".

وتعقد الدورة الرابعة والخمسون لمؤتمر الأمن بمدينة ميونخ الألمانية، بمشاركة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في الفترة من 16 إلى 18 فبراير/ شباط الجاري، في حضور العشرات من رؤساء الحكومات، ووزراء الخارجية والدفاع، ومئات من خبراء الشؤون العسكرية والأمنية والاستراتيجية.