العراق: ضغوط لتسريع تسمية رئيس الحكومة

العراق: ضغوط لتسريع تسمية رئيس الحكومة

05 ديسمبر 2019
سقط 435 قتيلاً في التظاهرات حتى الآن(صباح عرار/فرانس برس)
+ الخط -


أمام الرئيس العراقي، برهم صالح 12 يوماً، ضمن المهلة الدستورية المتبقية لتقديم مرشح جديد لرئاسة الحكومة بدلاً عن رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، أو الذهاب إلى خيارات دستورية جديدة، يقول خبراء بالدستور العراقي إنها لم تُطبّق سابقاً منذ كتابة دستور العراق الجديد عام 2005 وحتى الآن، وسط تأكيدات على سوابق بعدم الالتزام بالدستور من قبل كتل سياسية في مرات سابقة. في السياق، كشف مكتب رئيس البرلمان محمد الحلبوسي عن وثيقة موقعة في 2 ديسمبر/كانون الأول الحالي وموجّهة إلى رئيس الجمهورية برهم صالح تضمنت خطاباً ملزماً بترشيح رئيس جديد للحكومة خلال 15 يوماً، ما يعني أن المهلة تنتهي عند الساعة 12 من منتصف ليل 17 ديسمبر الحالي. الوثيقة التي أثارت موجة جدل جديدة مُضافة إلى عقد صعبة وتقاطعات أصعب بين القوى السياسية، كشفت فداحة الأزمة في تفسير المادة 76 من الدستور، التي لم تذكر أو توضح من الجهة أو الكتلة التي ترشح رئيس الوزراء الجديد بدلاً عن المستقيل أو المقال. إذ ذكر البند الأول من المادة المذكورة بأن الكتلة الكبرى نيابياً تتولى ترشيح رئيس الوزراء الجديد من دون التطرق إلى بديله في حال استقال أو أُقيل أو توفي. وهو ما دفع نشطاء إلى مطالبة الرئيس العراقي برهم صالح بموقف "تاريخي"، وتسمية مرشح خارج الكتل السياسية، في حين تقول كتلة "الفتح"، إن للكتلة الكبرى حق تسمية مرشح لرئاسة الحكومة، طيلة الدورة الانتخابية الكاملة، وفترتها أربع سنوات. وفي الوضع الحالي، فإن "الفتح" تصدّرت نتائج الانتخابات التشريعية العراقية في عام 2018، ولا يمكن تغيير هذه المعادلة قبل انتخابات 2022 أو إجراء انتخابات مبكرة.

يأتي ذلك مع استمرار التحركات السياسية التي انتقلت من المنطقة الخضراء وسط بغداد إلى حي الجادرية الراقي على نهر دجلة، حيث تقع أغلب منازل قادة "الحشد الشعبي"، مثل فالح الفياض وقيس الخزعلي وأبو مهدي المهندس وهادي العامري وقوى وكتل سياسية مختلفة، أبرزها عمار الحكيم ونوري المالكي، وتتخذ من منازل تعود لمسؤولين بالنظام العراقي السابق مقار لهم.

ووفقاً لنائب عراقي فإن كلاً من رئيس فيلق القدس، في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، ومسؤول ملف العراق في حزب الله اللبناني، الشيخ محمد كوثراني، ضمن دائرة الحراك الجاري منذ مطلع الأسبوع في جهود منصبة على توفيق الآراء ومحاولة إعادة بناء البيت الشيعي السياسي مجدداً، بعد تفتته وذهاب قوى عدة إلى عقد تحالفات خارجه على غرار تحالفي سائرون والنصر والحكمة. وأكد النائب في حديث مع "العربي الجديد"، أن إعادة توحيد الكتل في تحالف واحد أو تحقيق تقارب خلال الأيام المقبلة، من شأنه أن يسهم في تسريع الاتفاق على شكل الحكومة والمرحلة المقبلة ككل.

وحول ما إذا كانت تلك المباحثات أو ما سينتج عنها من توافقات ستلقى قبولاً من الشارع، قال "شارعك لم يعد يقتنع بشيء والزعل في النجف أكبر"، في إشارة إلى المرجع علي السيستاني، مقراً في الوقت نفسه أن أي صفقة سياسية تتم ستكون عرضة للفشل من قبل الشارع الذي أفشل صفقة سليماني في الإبقاء على عبد المهدي رئيساً للوزراء في نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي.



من جانبه قال النائب عن تيار الحكمة أسعد المرشدي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "لا يتوقع أن يتم اختيار بديل لرئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، خلال المدة الدستورية (15 يوماً)، فهناك خلافات كبيرة ومشاكل كبيرة، وهذه المدة الدستورية سوف تخرق 100 في المائة".

وأضاف المرشدي أن "الكتل السياسية مختلفة في الآراء والمواقف، وهناك كتل من مكونات أخرى وضعها مستقر، وسيكون سقف مطالبها عالياً في الحكومة الجديدة، باعتبار أن محافظاتها مستقرة، والأزمة الحالية لمكون واحد، وخصوصاً أن المكون لديه مشاكل واختلافات كبيرة بين قواه السياسية". واعتبر أن "الشارع العراقي هذه المرة له رأي، ولهذا فإن مهلة 15 يوماً ستضرب وتتجاوز المهلة لفترة طويلة ونعتقد أننا مقبلون على مشاكل كبيرة في الأيام المقبلة".

في المقابل وصف نائب عن تحالف "الفتح"، القريب من إيران لـ"العربي الجديد"، دور سليماني ببغداد بأنه للتوفيق بين القوى وإزالة الخلافات والعناد الشخصي بين قادة الكتل، مضيفاً أنه "يمارس دور الضغط لتخلي الجميع عن مصالحهم الشخصية أمام المصلحة العليا وتفويت ما تعتبره مؤامرة إبعاد العراق عن إيران". ووصف وجود كوثراني في بغداد بامتلاكه علاقات مع كتل سنية أيضاً، وسبق أن أدى دوراً في المفاوضات بين الكتل كوسيط في السابق.

بدوره، كشف الخبير القانوني علي التميمي في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنه "بعد انتهاء مهلة الـ15 يوماً، وفي حال لم يفلح رئيس الجمهورية في تكليف مرشح لرئاسة الوزراء كبديل لعبد المهدي، سوف يبقى رئيس الوزراء المستقيل لتصريف الأعمال لمدة 30 يوماً أخرى، وبعد هذه المدة سوف ينتهي عمل عبد المهدي ووزرائه، وتنتقل الأمور إلى رئيس الجمهورية، وفق المادة 81 من الدستور".

ولفت إلى أن رئيس الجمهورية "يدير البلاد لمدة 30 يوماً أيضاً، وخلال هذه المدة يجب أن يكلّف مرشحاً جديداً، وإذا لم يفلح يكون العراق أمام فراغ دستوري، فالدستور لم يضع حلولاً لهذه المشكلة، لأنه لم يتوقع أن تبقى الأمور سائبة لهذه الدرجة". وأكد الخبير القانوني أن "الطبقة السياسية ضربت بالمهل الدستورية عرض الحائط أكثر من مرة ولم تلتزم بها، لهذا نتوقع بقاء عبد المهدي لمدة ستة أشهر مقبلة، بما يشكل من مخالفة دستورية، فالقرارات خلال هذه المدة ستكون غير صحيحة، ويمكن الطعن بها أمام محكمة القضاء الإداري".

ميدانياً، دخلت التظاهرات أسبوعها الثامن على التوالي، مع استمرارها في العاصمة بغداد ومدن جنوبي ووسط البلاد، فضلاً عن تواصل الإضراب في الجامعات والمدارس وعدد من الدوائر الحكومية للأسبوع الثالث على التوالي. وعلى الرغم من تراجع القمع الحكومي للمتظاهرين منذ الإعلان الرسمي عن استقالة عبد المهدي الأسبوع الماضي، بعد سقوط أكثر من 435 قتيلاً ونحو 20 ألف جريح، إلا أن ذلك لم يمنع الإعلان أمس عن وفاة ثلاثة متظاهرين متأثرين بجروحهم في الناصرية والنجف والبصرة، بينهم فتى يدعى عقيل عبد الله (16 عاماً) أُصيب برصاصة في رأسه قبل أيام ودخل في غيبوبة انتهت بوفاته أمس. وأفاد مسؤول في وزارة الصحة أن أرقام الضحايا قد تكون أكبر، بسبب قيام ذوي بعضهم بدفنهم مباشرة من دون الذهاب بهم إلى المستشفيات، بسبب وفاتهم على الفور في مواقع التظاهرات.