السيسي طالب ترامب بـ"دور حاسم" في ليبيا

السيسي طالب ترامب بـ"دور حاسم" في ليبيا

29 ديسمبر 2019
الدعم المصري لمليشيات حفتر سيزداد باضطراد (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -
قالت مصادر دبلوماسية مصرية، لـ"العربي الجديد"، إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي طلب من نظيره الأميركي دونالد ترامب "لعب دور حاسم لإنهاء الأزمة في ليبيا"، وأنه أبدى له استياءه من الانقسام والتخبط الأوروبي حول كيفية التدخل والانغماس في البحث عن "حلول سياسية محكوم عليها بالفشل"، وذلك تعليقاً على التحضيرات المتعثرة الجارية لمؤتمر برلين، الذي لا يبدو أن من مصلحة مصر وحليفها قائد مليشيات شرق ليبيا خليفة حفتر عقده في الوقت القريب. وذكرت المصادر، لـ"العربي الجديد"، أن وزارة الخارجية المصرية أحيطت علماً بطلب السيسي وشكواه، في معرض تعليمات أصدرتها الرئاسة لها، في أعقاب الاتصال الهاتفي الذي أجراه السيسي مع ترامب قبل أيام لمناسبة تهنئته بالأعياد، والذي استعرض فيه معه مستجدات الأوضاع في ليبيا وقضايا أخرى محل اهتمام مشترك. وأضافت المصادر أن التعليمات الجديدة تضمنت ضرورة إبلاغ الخارجية الأميركية بمستجدات النقاشات التي تجريها الخارجية المصرية مع نظيراتها في أوروبا حالياً، حول الوضع في ليبيا، فضلاً عن مستجدات الاتصالات مع اليونان وقبرص تحديداً بشأن المواجهة المشتركة للسياسات التركية الداعمة لحكومة الوفاق المعترف بها دولياً، إذ تعد مصر مع الدولتين حالياً لعقد قمة موسعة الشهر المقبل للرد على "التهديدات التركية"، والسيسي يرغب في انتزاع مباركة ترامب على تلك التحركات.

وأكدت المصادر أن السيسي يرى أن الوصول لذروة الصراع العسكري الميداني بين القوى الداعمة لحفتر والمعسكر الداعم لحكومة الوفاق "هو السبيل الوحيد لفرض قواعد جديدة للتفاوض حول مستقبل ليبيا، بعيداً عن المقاربات الأوروبية للأزمة"، والتي يراها قاصرة وغير مُعبرة عن توازن القوى حول ليبيا، ولذلك فإن الدعم المصري لحفتر عسكرياً واستخباراتياً ولوجيستياً "سيزداد باضطراد خلال الفترة المقبلة". وكشفت المصادر أن السيسي أمر، الأسبوع الماضي، بإرسال مزيد من المؤن والمساعدات المعيشية عبر الحدود الليبية لمليشيات حفتر، في ظل ورود معلومات استخباراتية لمصر تؤكد صعوبة تحقيق تقدم حاسم في طرابلس قبل نهاية الشهر المقبل إذا استمرت الأوضاع الميدانية على حالها، خصوصاً من المحاور البرية، حتى مع زيادة أعداد المقاتلين المأجورين المنخرطين مع حفتر من روسيا ودول أخرى.


وعلى الصعيد الدبلوماسي، أوضحت المصادر أن الاتصالات الأخيرة التي أجراها مستشار المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للشؤون الخارجية يان هيكر، مع وزير الخارجية المصري سامح شكري والمبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، لم تعكس أي تقدم على صعيد التحضير لمؤتمر برلين. وقالت إن التدخل التركي الأخير "يثير حفيظة فريق ميركل بنفس درجة داعمي حفتر"، وأن هيكر اعتبره "يخدم الأطراف التي كانت تريد تعطيل المساعي السلمية أكثر من أي شيء آخر".

وكان السيسي قد أبلغ ميركل ووزير خارجيتها هايكو ماس، أثناء التحضيرات المتعثرة لمؤتمر برلين المؤجل بشأن ليبيا، بضرورة استبعاد جميع التيارات الإسلامية من المشهد السياسي قبل الدخول في أي مفاوضات، وكذلك اعتبار مليشيات حفتر جيشاً نظامياً ورفع حظر التسليح عنه. كما أبدى تحفظه على الهدف الأول المعلن من المؤتمر، وهو الوقف الفوري لإطلاق النار، فضلاً عن تنافر موقفه مع الهدف الثاني للمؤتمر بحسب ما أعلنت عنه برلين وسلامة، والذي يتمثل في خلق آلية تمكن لجنة العقوبات من محاسبة الدول المزودة للأطراف المتصارعة بالأسلحة وتجار السلاح، في ظل شواهد وتقارير دولية تؤكد تزايد خرق قرار حظر التسليح، علماً بأن ألمانيا نفسها هي رئيسة لجنة العقوبات بمجلس الأمن، وبالتالي فلديها الفرصة لإدارة تلك الآلية.

يذكر أن الهجوم الحالي من حفتر على طرابلس مدعوم من مصر بعدة صور، أبرزها الأسلحة الخفيفة والمدفعية والمدرعات الجديدة من طراز "تيريير" التي أنتجتها الهيئة العربية للتصنيع المصرية، العام الماضي، ويعتبر هذا أول استخدام عسكري رسمي لها في المواجهات، فضلاً عن تسهيل دخول طائرات صغيرة بدون طيار واردة من دول شرق آسيوية، إلى جانب تدفق كميات كبيرة من الأغذية المحفوظة والأقمشة والأغطية الشهر الماضي على مناطق تابعة لحفتر من معبر السلوم ومعابر عسكرية أخرى، إلى جانب العنصر الاستخباراتي، وملف التدريب ورفع القدرات الذي تباشره مصر بشكل منفرد تقريباً.

ونشرت القوات البحرية المصرية عدداً من قطعها في المنطقة المقابلة لمعبر السلوم، منذ الأسبوع الثاني من الشهر الحالي، بينها بعض القطع المجهزة بمعدات تشويش واستطلاع لرصد المساعدات التركية المتوقع تدفقها خلال ساعات على حكومة الوفاق. كما أعلنت حالة الطوارئ في قاعدة محمد نجيب العسكرية شمال غربي البلاد. وبعد بداية الهجوم على طرابلس بخمسة أيام تقريباً، كرر السيسي إعلانه الصريح عدم التخلي أو التراجع عن دعم حفتر، وذلك خلال لقاء بالإعلاميين المشاركين بمنتدى شباب العالم في شرم الشيخ. واستقبلت حكومة الوفاق ذلك بعدم الترحيب والانتقاد، فأصدرت بياناً أعربت فيه عن "استغرابها الشديد من التصريحات"، خصوصاً حول ما وصفه السيسي بـ"غياب الإرادة الحرة للحكومة ووقوعها أسيرة للتشكيلات المسلحة والإرهابية"، وما لوّح به من قدرته على التدخل المباشر في ليبيا، مما دفع مصر للرد من جديد عبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الذي أطلق تغريدة قصيرة تساءل فيها عن هوية المجلس الرئاسي الليبي، ومكان وجود أعضائه، في إشارة لعدم اعتراف القاهرة به، فضلاً عن الإشارة لاسم رئيس حكومة الوفاق فائز السراج من دون صفته الرسمية في بياناتها، بعدما كان يحظى باستقبال رسمي في القاهرة بصفته رئيساً للحكومة التي تأسست في عام 2016 برعاية الأمم المتحدة في أعقاب اتفاق الصخيرات.

المساهمون