الجنائية الدولية تقرّر التحقيق بجرائم حرب في الأراضي الفلسطينية

الجنائية الدولية تقرّر التحقيق بجرائم حرب في الأراضي الفلسطينية

20 ديسمبر 2019
بنسودا: المعايير كافة لفتح التحقيق قد توافرت (عبدالله عسيران/الأناضول)
+ الخط -
قدّمت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، طلباً للدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية تطلب فيه تقديم حكم بشأن الولاية الجغرافية للأراضي الفلسطينية، وسط ترحيب فلسطيني.

وأعلنت المدعية العامة، اليوم الجمعة، خلال مقطع مصور بثته: "أنه وبناء على تحليل مستقل وموضوعي للمعلومات المتوفرة لدى مكتب المدعية العامة للمحكمة الجنائية بشأن الحالة في فلسطين، فقد قررت أن المعايير لفتح التحقيق الجنائي قد توافرت، ما يعني أنها جاهزة لفتح تحقيق".

واستدركت: "لكن بناء على ميزة الحالة في فلسطين والتعقيدات القانونية الكبيرة المرافقة لها، فقد قررت اللجوء إلى الدائرة التمهيدية الأولى لطلب حكم منها بشأن الولاية الإقليمية على الأراضي الفلسطينية".

وتابعت: "طلبت من الدائرة التمهيدية الأولى تأكيد أنها تمتلك ولاية لممارسة اختصاصها على كل من الضفة الغربية، بما يشمل القدس الشرقية، وقطاع غزة، وهذا الاستنتاج هو لأغراض حصرية من أجل تحديد ولاية المحكمة من أجل ممارسة اختصاصها القضائي ونطاق تطبيق ميثاق روما".

وأكدت مصادر في وزارة الخارجية الفلسطينية، لـ"العربي الجديد"، أنه "وحسب قانون المحكمة الجنائية، فإن لدى الدائرة التمهيدية من تاريخ بدئها في التكليف مدة أقصاها 120 يوماً يكون في نهايتها البدء الحقيقي لإجراءات التحقيق ضد الاحتلال الإسرائيلي".


فلسطين ترحّب

وعقّب الرئيس الفلسطيني محمود عباس على القرار بالقول: "هذا يوم تاريخي، والآن أصبح بإمكان أي فلسطيني أصيب جراء الاحتلال أن يرفع قضية أمام المحكمة الجنائية، واعتبارا من اليوم ستبدأ ماكينة المحكمة الجنائية الدولية بتقبل القضايا التي سبق أن قدمناها".

وجاءت تصريحات عباس خلال المجلس الثوري لحركة "فتح"، في دورته السابعة "دورة الخيار الشعبي الديمقراطي والمقاومة الشعبية للتصدي للمخططات الصهيوأميركية"، المنعقدة بمقر الرئاسة في مدينة رام الله.

وأضاف عباس: "بعد أربع سنوات من العمل والمتابعة الحثيثة، وتقديم كل ما يلزم حول جرائم الاحتلال المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، صدر اليوم القرار لأن المحكمة كانت تتابع الحيثيات والقوانين والقضايا وتدرسها". وأشار إلى "التوجه الفلسطيني إلى المؤسسات الدولية وما تخلل ذلك من عقبات وفيتو أميركي، لكن فلسطين مضت في طريقها للانضمام إلى عضوية المنظمات الدولية وأصبحت عضوا في أكثر من 100 عضوية في منظمات دولية من أصل 520 منظمة".

وتابع عباس: "حققنا مرادنا بالحصول على العضوية في المحكمة الجنائية الدولية، ومنذ ذلك التاريخ، ونحن نسعى من أجل البدء بالتحقيق، وقدمنا وثائق وقدمنا ادعاءات".

بدوره، قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية في تصريح له، "إن إعلان المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية يشكل انحيازا للعدل والحقيقة، وسنقوم بكل جهد قانوني ممكن لمحاكمة إسرائيل على جرائم الحرب التي ارتكبتها بحق أبناء شعبنا في قطاع غزة والقدس والضفة الغربية".

وأضاف اشتية "إن هذه الخطوة تزيد من ثقة الفلسطينيين في نزاهة المؤسسة الحقوقية الدولية ووقوفها إلى جانب العدل رغم كل الضغوط التي مارستها وتمارسها إسرائيل عليها".

كذلك، رحبّت وزارة الخارجية والمغتربين لدولة فلسطين، بهذا الإعلان كخطوة للمضي قدما نحو فتح التحقيق الجنائي الذي طال انتظاره في الجرائم التي ارتكبت وترتكب في أرض دولة فلسطين المحتلة، بعد ما يقارب خمس سنوات من بدء الدراسة الأولية في الحالة في فلسطين.

وأكدت وزارة الخارجية والمغتربين، في بيان لها، اليوم الجمعة، أنها أخذت علماً بقرار مكتب المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، الطلب من الدائرة التمهيدية في المحكمة إصدار قرار، بموجب المادة 19 (3) من ميثاق روما، للبت في اختصاصها الإقليمي في فلسطين.

وأكدت دولة فلسطين أنها ستشارك في الإجراءات القضائية التي ستبدأ أمام المحكمة الجنائية الدولية للتأكيد على أن مسألة الولاية الإقليمية هي مسألة محسومة بالفعل وبشكل واضح بموجب القانون الدولي.

وأشارت، في هذا السياق، إلى أن هذه الخطوة هي الأولى من نوعها التي تتخذها المدعية العامة منذ إعلانها بدء الدراسة الأولية بتاريخ 16 يناير/كانون الثاني 2015.

ورأت أن هذه الخطوة إنما تعكس نية المدعية العامة بفتح التحقيق الجنائي في الحالة في فلسطين فور اختتام الدائرة التمهيدية لمداولاتها وصدور القرار الإيجابي بشأن اختصاصها الإقليمي.

وأضافت "تلاحظ دولة فلسطين أن المدعية العامة قد أكدت سابقاً أنها تمتلك اختصاصاً قضائياً على كامل الأرض الفلسطينية المحتلة، وأن هنالك أساساً معقولاً يفيد بارتكاب جرائم على أرض دولة فلسطين تدخل ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية".

وطالبت خارجية دولة فلسطين "بضرورة إصدار حكم عاجل من الدائرة التمهيدية الأولى، بما يتماشى مع الإطار الزمني المحدد في دليل ممارسات المحكمة الجنائية الدولية، الأمر الذي ترى أنه سيتيح للمدعية العامة المضي قدماً في فتح التحقيق الجنائي دون أي تأخير إضافي".

عريقات: إحقاق العدالة

بدوره، قال رئيس اللجنة الوطنية المسؤولة عن المتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية صائب عريقات إن قرار مكتب المدعية العامة للمحكمة فاتو بنسودا، خطوة إيجابية ومشجعة تقرّب فلسطين من فتح التحقيق الجنائي في جرائم الحرب التي ارتكبت فيها.

وأضاف عريقات في بيان، أن الخطوة من شأنها وضع حد لإفلات مرتكبي الجرائم من العقاب، وتساهم في منعها وصولاً إلى إحقاق العدالة.

وأوضح أن هذه الخطوة "تأكيد لموقفها حول وجود اختصاص قضائي لديها للنظر في الجرائم المستمرة التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بفلسطين، وهي خطوة أخيرة نحو فتح التحقيق الجنائي، ورسالة أمل لأبناء شعبنا بأن تحقيق العدالة ممكن، وأن الانتصاف لضحايا الاحتلال بات قريباً".

وأعرب عن أمله بأن تنهي الدائرة التمهيدية مشاوراتها، من أجل إنهاء الدراسة الأولية، والتحرك فوراً بإجراء التحقيق، مشدداً على أن أي تأخير يكلف شعبنا مزيداً من الدماء والجرائم المرتكبة بحقه يومياً.

بدورها، اعتبرت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي، في بيان لها، أن هذه الخطوة توطئة لفتح تحقيق رسمي في الجرائم التي ارتكبتها وترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، وهي خطوة طال انتظارها.

من جهة ثانية، قالت عشراوي: "إن إسرائيل مذعورة من المحاسبة وإصرارها على إخفاء الحقائق ما هي إلا محاولات بائسة للاستمرار في الإفلات من العقاب، لكن مصيرها الفشل الحتمي".

أما الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، فقد أكد في بيان له، أن هذا القرار الذي تأخر كثيرا يفتح الباب للتحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبها نتنياهو ووزراؤه وقادة وضباط وجنود جيش الاحتلال أثناء عدوانهم على قطاع غزة، وكذلك في ما يتعلق بجريمة الاستيطان والجرائم ضد الأسرى الفلسطينيين.

وطالب البرغوثي الدائرة التمهيدية بالإسراع في إصدار القرار وعدم إضاعة المزيد من الوقت في فتح تحقيق رسمي في الجرائم الدولية المرتكبة من قبل حكام إسرائيل.

وقال البرغوثي: "إن رد فعل نتنياهو تجاه القرار والذي وصفه بأنه (يوم أسود لإسرائيل) يؤكد مدى رعب المؤسسة الإسرائيلية من اقتراب موعد إدانتها بارتكاب جرائم الحرب ضد الشعب الفلسطيني وتحقيق العدالة لشعب عانى طويلا من الجرائم والتشريد والاحتلال ونظام الابرتهايد العنصري".

المالكي لنتنياهو: نعم هذا يوم أسود

من جهته، ردّ وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني رياض المالكي على تعقيب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على قرار بنسودا، إذ قال "نعم هذا يوم أسود بتاريخ إسرائيل، لأن المحكمة قررت بعد توفر كل الأدلة والبراهين أن هناك ما يكفي لفتح تحقيق جنائي ضد إسرائيل لارتكابها ما يصل إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".

وأضاف الوزير المالكي: "يجب على إسرائيل أن تتعظ من هذا القرار لأنها أصبحت في مصاف الدول التي ترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ودخلت نادي الدول المارقة والمنبوذة والمجرمة والتي يجب أن تحاسب على تلك الجرائم".

وأكد المالكي أن القرار "انتصار للعدالة وللحق الفلسطيني، وانتصار لكل فلسطيني ظلمته دولة الاحتلال، وارتكبت بحقه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".

وأضاف الوزير المالكي: "كما هي العادة يختبئ نتنياهو خلف الحجج الباهتة ويحاول أن يدعي أن هناك معاداة للسامية عندما تحاسب إسرائيل كدولة احتلال على جرائمها".

وقال المالكي: "هذا الادعاء لن يجد له طريقا في المحكمة الجنائية الدولية، ربما ينجح سياسيا من خلال حلفائه في بعض البرلمانات الوطنية الأوروبية، لكن ليس قانونيا عندما يأخذ القانون مساره، وعندما ينظر إلى ما تقوم به إسرائيل كدولة احتلال من خرق للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ولقانون حقوق الإنسان والمعاهدات الدولية بما فيها اتفاقيات جنيف".

وكان نتنياهو قد انتقد قرار المحكمة الدولية قائلاً "هذا يوم أسود للحقيقة والعدل. يحولون المحكمة الدولية لسلاح سياسي في الصراع ضد إسرائيل، هذه مفارقة. نحن نناضل من أجل حقوقنا ومن أجل الحقيقة التاريخية بكل طريقة ممكنة. المدعية في محكمة الجنايات الدولية (فاتو بنسودا) قررت على ما يبدو عدم رفض الشكوى الفلسطينية ضد دولة إسرائيل. هذا القرار فضيحة لا أساس له".