إحالة ترامب إلى المحاكمة أمام مجلس الشيوخ بخطوة تاريخية

إحالة ترامب إلى المحاكمة أمام مجلس الشيوخ في خطوة تاريخية

19 ديسمبر 2019
تبدأ أولى جلسات نظر الكونغرس للقضية مطلع يناير (Getty)
+ الخط -
صادق مجلس النواب الأميركي، في وقت متأخر من مساء الأربعاء- الخميس، على بندَي المساءلة بحق الرئيس، دونالد ترامب، ليقوم بإرسال ملف القضية إلى الكونغرس تمهيداً لعزله، وفي حين ندّد ترامب بما وصفه بـ"حقد الديمقراطيين" في الكونغرس، عبّر البيت الأبيض عن ثقته بأن مجلس الشيوخ "سيبرّئ الرئيس".

وصوتت الجمعية العامة لمجلس النواب على بندَي "إساءة استغلال السلطة"، و"عرقلة عمل الكونغرس"، حيث وافق على الأول 230 نائباً مقابل رفض 197 آخرين، بينما صوت لصالح البند الثاني 229 مقابل رفض 198.

وبينما صوت كل النواب الجمهوريين بالرفض في التصويت على البندين، شهد التصويت على البند الأول رفض اثنين من النواب الديمقراطيين، فيما رفض ثلاثة منهم البند الثاني.

وعقب انتهاء التصويت، أحال مجلس النواب ملف القضية إلى الكونغرس من أجل اتخاذ القرار النهائي بشأن عملية عزل ترامب، ليصبح بذلك ثالث رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يطلق الكونغرس بحقّه إجراءً رسمياً لعزله.

ومن المنتظر أن تبدأ أولى جلسات نظر الكونغرس للقضية مطلع يناير/كانون الثاني المقبل، على أن تستمر المناقشات حتى نهاية الشهر ذاته.

ترامب يندّد بـ"حقد" الديمقراطيين

وتعليقاً على نتيجة التصويت، ندّد الرئيس الأميركي خلال تجمّع انتخابي في ميشيغان بـ"حقد" خصومه الديمقراطيين في الكونغرس.

وقال ترامب أمام أنصاره، في مدينة باتل كريك: "بينما نحن نخلق الوظائف ونقاتل من أجل ميشيغان، فإنّ اليسار الراديكالي في الكونغرس ينهشه الحسد والحقد والغضب، وأنتم ترون ما يجري الآن".

وأضاف أن "الديمقراطيين يحاولون إبطال تصويت عشرات ملايين الأميركيين"، الذين انتخبوه رئيساً في 2016.


وفي سياق متصل، عبّر البيت الأبيض عن ثقته بأن مجلس الشيوخ سيبرّئ الرئيس ترامب.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض ستيفاني جريشام، في بيان: "اليوم يمثل ذروة واحدة من أكثر الأحداث السياسية المخزية في تاريخ أمتنا. من دون الحصول على صوت جمهوري واحد ومن دون تقديم أي دليل على وقوع مخالفات، مرر الديمقراطيون بندَي مساءلة الرئيس في مجلس النواب".

وأضافت: "الرئيس واثق بأن مجلس الشيوخ سيعيد النظام والعدالة والإجراءات القانونية التي جرى تجاهلها خلال تحركات مجلس النواب. إنه مستعد للخطوات المقبلة وواثق بأنه ستتم تبرئته تماما".


من جهتها، اكتفت رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، بالقول في تغريدة عبر "تويتر" بعد الجلسة: "لا أحد فوق القانون، سيدي الرئيس". 


جدل بعد تشبيه ترامب بـ"يسوع المسيح"

من جهته، قال النائب عن ولاية جورجيا باري لودرميلك، إنّ ترامب عومل أسوأ ممّا عومل يسوع المسيح قبل صلبه، الأمر الذي تسبّب بجدل على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأضاف: "أريدكم أن تضعوا هذا في ذهنكم: عندما اتُّهم يسوع زوراً بالخيانة، أعطى بيلاطس البنطي يسوع الفرصة ليواجه متّهميه"، قائلاً: "خلال تلك المحاكمة الصورية وفّر بيلاطس البنطي حقوقاً ليسوع أكثر ممّا وفّره الديمقراطيون للرئيس ولهذه العملية".


وردّ النائب الديمقراطي جيري نادلر، بالقول إنّ ترامب "أُعطي الفرصة ليأتي ويشهد أمام لجنة العدل (...) لكنّه رفض".

وسرعان ما تصدّر وسم "ترامب تو جيسوس" موقع "تويتر"، لكن لودرميلك لم يكن النائب الوحيد الذي أشار إلى صلب يسوع خلال جلسة الأربعاء. فقد اقتبس النائب الجمهوري فريد كيلر من بنسلفانيا، آخر كلمات ليسوع على الصليب، وهي: "يا أبتاه، اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون"، في إشارة إلى زملائه الذين قرروا التصويت ضدّ الرئيس.

وقال القسّيس والكاتب الأميركي جيمس مارتن على "تويتر"، إنّ "المقارنة بين الطريقة التي عومل بها الرئيس وما عاناه يسوع أمر عبثي، وأيضاً واحد منهما فقط هو بلا خطيئة".

وفشل نواب الحزب الجمهوري، في وقت سابق الأربعاء، في عرقلة إجراءات التصويت بالمجلس على توجيه قرار اتّهامي إلى دونالد ترامب.

وبدأ مجلس النواب مناقشة بنود المحاكمة البرلمانية، قبيل التصويت النهائي على تهمتي استغلال الرئيس الأميركي لمنصبه وتعطيل عمل الكونغرس الذي رفض التعاون معه في إجراءات التحقيق بشأن ضغوط مارسها على أوكرانيا.

وقالت بيلوسي، عند بدء المداولات في جلسة التصويت: "من المأسوي أن تصرفات الرئيس الطائشة جعلت من الضروري البدء بإجراءات العزل"، مضيفة: "ما نناقشه اليوم هو الحقيقة الراسخة بأن الرئيس انتهك الدستور. ومن المؤكد كحقيقة أن الرئيس يمثل تهديداً مستمراً لأمننا القومي ونزاهة انتخاباتنا".

ونفى النائب الجمهوري داغ كولينز ذلك، قائلاً: "الرئيس لم يرتكب خطأ"، ومؤكّداً أنّ الديمقراطيين "قالوا لأنفسهم، إذا لم نستطع هزيمته (في الانتخابات) فدعونا نحاكمه لعزله.. الأميركيون سيرون ذلك بوضوح".

أما ديبي ليسكو، الجمهورية من أريزونا، فقالت إن ترامب يتعرّض "لعملية هي الأكثر ظلماً وتحيّزاً سياسياً شاهدتها في حياتي". وأضافت: "لا يوجد أي دليل على أنّ الرئيس ارتكب مخالفة توجب العزل... هذه عملية عزل هي الأكثر حزبية في تاريخ الولايات المتحدة".

من ناحيته، قال النائب الديمقراطي آدم شيف، الذي أشرف على التحقيق، إنّ الملياردير الجمهوري "كان مستعداً للتضحية بأمننا القومي (...) في سبيل تعزيز فرصه في إعادة انتخابه"، متّهماً الرئيس بأنّه "حاول أن يغشّ وافتضح أمره"، مؤكّداً أنّ "الخطر لا يزال قائماً".


من جانبه، غرّد ترامب، الأربعاء، قبيل التصويت على إجراءات عزله، قائلاً إنه لم يرتكب "أي خطأ"، متسائلاً عبر حسابه على تويتر: "هل يمكنكم تصديق أنني سأُعزَل اليوم على يد اليسار الراديكالي والديمقراطيين عديمي الفائدة، في حين أنني لم أرتكب أي خطأ! يا له من أمر مؤسف".

وأضاف: "اقرؤوا نصوص التسجيل (الخاصة بالمكالمة الهاتفية مع الرئيس الأوكراني). لا ينبغي أن يحدث هذا مع رئيس آخر ثانية. اتلوا صلاة!".

وتابع: "لقد أرادوا فقط النيل من الرئيس. لم تكن لديهم نية لإجراء تحقيق ملائم. لم يتمكنوا من اكتشاف أي جرائم، ولذلك ارتكبوا إساءة استخدام غامضة للسلطة وإساءة استخدام الكونغرس، وهو ما فعلته كل إدارة منذ البداية".