السودان: إدانة البشير ووضعه بمؤسسات الإصلاح ومصادرة أمواله المضبوطة

السودان: إدانة البشير بـ"الثراء الحرام" ووضعه بمؤسسات الإصلاح ومصادرة أمواله المضبوطة

14 ديسمبر 2019
حكم مخفف على البشير بالسجن عامين(الأناضول)
+ الخط -
أصدرت المحكمة الجنائية الخاصة في السودان، اليوم السبت، حكماً بإدانة الرئيس المعزول عمر البشير بتهمة "الثراء الحرام والتعامل غير المشروع بالنقد الأجنبي"، وأصدرت حكماً مخففاً بالسجن عامين، بحيث قرّرت وضعه في مؤسسات الرعاية الاجتماعية والإصلاح، ومصادرة أمواله.

وطلب القاضي من هيئة الدفاع تبيان الظروف المخففة للحكم، وراعى القاضي عمر البشير الذي تجاوز 75 عاماً.

وقال عضو هيئة الدفاع هاشم الجعلي، بحسب ما نقلته وكالة "الأناضول": "طرحنا في مرافعة الدفاع بشهودها العدول كل ما يبرّئ موكلنا بحجج داحضة. المتهم لم يتسلم دولاراً واحداً، ولم يأخذاً دولاراً واحداً لمصلحته الشخصية".

وتابع: "المحاكمة جرت في ظروف سياسية سيئة جداً تؤثر بالعدالة، وهو فوق السبعين من عمره، وهو ضابط في القوات المسلحة السودانية، وترقى إلى أن وصل للقائد العام، وهو لن يسترحم أحداً، ولو أرادت المحكمة أن تحكم عليه بالإعدام، فلا يهمه ذلك".

وطلب القاضي من هيئة الاتهام مرافعة حول تشديد الحكم، فاكتفت الهيئة بتقدير القاضي.

وبدأت المحكمة صباح السبت، جلسة وقائعها، بتسجيل حضور أعضاء هيئتي الدفاع والاتهام.

وقبل ساعات من صدور الحكم على البشير، شهدت العاصمة الخرطوم انتشاراً لقوات الأمن السودانية، ونشر الجيش جنوده أمام مقر القيادة العامة، وأغلق الطرقات المؤدية إليها. وانطلقت في العاصمة تظاهرات منددة بسياسات الحكومة، بعدما تصاعدت منذ أسبوع دعوات من قبل أحزاب وتيارات إسلامية، للخروج إلى الشارع للضغط على الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك لتقديم استقالتها.

وواجه البشير تهمتي "الثراء الحرام والمشبوه" و"التعامل غير المشروع في النقد الأجنبي"، بعد العثور على مبلغ 7 ملايين يورو في مقر إقامته، بعد إطاحة حكمه، في إبريل/ نيسان الماضي.

وأقرّ البشير في محضر التحري بأنّ المبلغ عبارة عن متبقٍّ من مبلغ 25 مليون دولار منحها له ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وأنفقها في مصالح عامة وليس لمنفعته الشخصية.

واستمعت المحكمة في جلسة سابقة إلى شاهد المراجع العام لجمهورية السودان الطاهر عبد القيوم، حول أوجه صرف الأموال المضبوطة لدى البشير. وقال عبد القيوم إنه لا علم له بأوجه صرف الأموال، التي تلقاها البشير من بن سلمان.

وأوضح أنّ الديوان لم يراجع الحسابات الخاصة برئاسة الجمهورية منذ سنوات طويلة، مبيناً أن القانون أعطى رئاسة الجمهورية الحق في إنشاء حسابات خاصة، عبر تنفيذ بعض المهمات الحساسة. وشدد على أنّ كل القروض والهبات والمنح الخارجية "ينبغي أن تخضع لوزارة المالية"، لافتاً إلى أنّ "أي أموال لا يعرف مصدرها، تُشكَّل لها لجنة تحقيق ويجري التحفظ عليها".

من جهتها، قالت النيابة العامة، بعد ساعات من الحكم على البشير، إن قضايا أخرى تنتظره وسيقدم فيها للمحاكمة تحت المادة (130) "القتل العمد والجرائم ضد الإنسانية وجرائم تقويض النظام الدستوري"، وتصل العقوبة في كل منها في حالة الإدانة إلى الإعدام.

وأوضحت أن الموقف القانوني تحول للبشير من متهم إلى محكوم عليه الخضوع للوائح السجون بكل ما تفرضه تلك اللوائح.

وأضافت النيابة، في بيان، أنّ رمزية الإدانة تشير إلى الطريقة التي كانت تدار بها أموال الدولة، وأن "الإدانة تحت المواد المذكورة لشخص كان رئيساً للجمهورية تكشف عن سوء المنقلب"، حسب ما جاء في البيان.

وانتقدت النيابة سلوك محامي الدفاع في تسييس القضية داخل المحكمة وفي جلسة الحكم بالنطق، وقالت إن ذلك "أمر مرفوض ولا يليق بهيئة دفاع من المفترض فيها التعامل بأدوات القانون وليس أدوات السياسة، ويتعارض وميثاق أخلاقيات مهنة المحاماة".

وأكدت أنها تباشر الآن "التحقيق في الجرائم التي ارتكبها البشير ورموز نظامه السابق منذ العام 1989، وحتى تاريخ سقوط نظامه في إبريل/نيسان 2019، من جرائم قتل المتظاهرين وانتهاكات حقوق الإنسان والجرائم ضد الإنسانية في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، وجرائم الاغتصاب، وجرائم التعذيب، وجرائم الاختفاء القسري، وجرائم الفساد الأخرى التي تصل المبالغ الواردة فيها إلى مليارات الدولارات"، مؤكدة أن شعب السودان موعود بمحاكمات البشير ورموز نظامه السابق عن كل ما سبق ذكره بالقانون.