نتائج الانتخابات البريطانية: خريطة توزيع القوى والمقاعد والتبعات

نتائج الانتخابات البريطانية: خريطة توزيع القوى والمقاعد والتبعات

لندن

إياد حميد

إياد حميد
13 ديسمبر 2019
+ الخط -
نجح بوريس جونسون في تأمين أغلبية مريحة لحزب المحافظين في الانتخابات البرلمانية البريطانية، فيما أعلن جيريمي كوربن عن نيته الاستقالة من زعامة الحزب بعد تراجع تمثيل حزب "العمال" في البرلمان. 

وعقب الإعلان عن فوزه، وعد جونسون بتنفيذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "في موعده" في 31 يناير/ كانون الثاني. وندّد الزعيم المحافظ أمام مناصريه بأكثر من ثلاثة أعوام من الجدالات السياسية بشأن بريكست. وقال "سأنهي كل هذا العبث وسننفّذ بريكست في موعده في 31 كانون الثاني/ يناير"

وقال جونسون إن تطبيق "بريكست" الآن هو قرار الشعب البريطاني "الأكيد"، وذلك بعد فرز أصوات 648 من أصل 650 دائرة انتخابية. وحصل المحافظون على 363 مقعداً، بزيادة 66 مقعداً، في أفضل نتائج انتخابية للحزب منذ عام 1987. أما حزب العمال فقد خسر 42 مقعداً، ليتراجع تمثيله إلى 203 فقط، كما تراجع تمثيل الديمقراطيين الليبراليين إلى 11 مقعداً من أصل 21. أما القوميون الاسكتلنديون فكانوا الفائز الآخر في الانتخابات، حيث رفعوا تمثيلهم في البرلمان البريطاني إلى 48 مقعدا، بزيادة 13 مقعدا.

شراكة جديدة

وفي تصريح ثانٍ له بعد فوزه بالانتخابات، دعا جونسون إلى إقامة شراكة جديدة مع الاتحاد الأوروبي، وحث البريطانيين على العمل على تجاوز الانقسامات التي ظهرت في الأعوام الأخيرة. كذلك تعهد جونسون بتنفيذ اتفاق "بريكست" في موعده للانسحاب من التكتل الأوروبي، متوجهاً بشكره إلى الناخبين غير المحسوبين على حزب المحافظين، الذين منحوه ثقتهم أمس ومكّنوه من الفوز على حزب العمال.

"كارثة" على حزب العمال

ويستطيع حزب المحافظين تشكيل الحكومة بمفرده بعد تجاوزه عتبة الأغلبية البرلمانية عند 326 مقعداً، وستكون ترجمة ذلك عملياً إطلاق يد جونسون لتطبيق السياسات التي يتبناها حزبه من إقرار صفقته لبريكست إلى طبيعة الاتفاق التجاري مع الاتحاد الأوروبي ووصولاً إلى طيف واسع من السياسات الداخلية التي تعهّد بها المحافظون خلال الحملة الانتخابية، لكن أهمية هذه النتائج لا تقتصر على مدى نجاح المحافظين، بقدر ما تحمله من تبعات "كارثية" على حزب العمال. 


وتشير النتائج الإجمالية إلى أن المحافظين كسبوا 43.4 بالمائة من الأصوات، بصعود يقارب نقطة مئوية وحيدة فقط مقارنة بانتخابات عام 2017، عندما حصلوا على تأييد 42.3 من أصوات الناخبين، ولكن تأييد العمال تراجع إلى 32.6 في المائة في هذه الانتخابات من نحو 40 في المائة التي حصدها عام 2017. 

وكان الأثر الأكبر لتراجع تأييد العمال في الهزائم التي تلقاها في معاقله التقليدية في شمال إنكلترا وويلز، والتي صوتت لصالح بريكست عام 2016، بل إن ما يوصف بـ"الجدار الأحمر"، وهو معاقل العمال في شمال إنكلترا والتي تفصل بين المناطق الوسطى المؤيدة للمحافظين واسكتلندا، انهار في معظمه لصالح المحافظين، في نتائج تعدّ الأسوأ لحزب العمال منذ عام 1935، وشهدت الدوائر التي حافظ عليها العمال في تلك المناطق تراجعاً كبيراً في تأييد الحزب بنحو 10 نقاط. بينما لم تكن حظوظ العمال أكثر إيجابية في الدوائر التي تعارض "بريكست"، حيث تراجع تأييده فيها بنحو 6 نقاط.

القوميون معزّزون في اسكتلندا

أما في اسكتلندا، فعزز القوميون من مكاسبهم ليفوزا بـ50 من أصل 59 مقعداً اسكتلندياً، وهي نتيجة، وإن لم تكن الأفضل في تاريخهم، إلا أنها إشارة قوية على تأييد الشارع الاسكتلندي لرسالة حزب نيكولا ستورجون المعارض لـ"بريكست" والمؤيد للاستقلال.
وتلقي هذه الانتخابات أيضاً بظلال نتائجها العمالية القاتمة على مستقبل الحزب، فقد فشل العمال في الفوز بأي من الانتخابات الأربعة التي جرت منذ عام 2010، بينما كانت حكومات توني بلير وخليفته غوردون براون بين عامي 1997 و2010 المرحلة العمالية الوحيدة في العقود الأربعة الماضية.



وبينما أعلن جيريمي كوربن عزمه الاستقالة من زعامة الحزب، إلا أنه لم يحدد موعد الاستقالة، ناوياً البقاء في منصبه في مرحلة إعادة استكشاف الذات العمالية.

"الديمقراطيون الليبراليون" الخاسر الأكبر 

ولم يكن نزيف أصوات العمال لصالح المحافظين فقط، بل أيضاً لصالح الديمقراطيين الليبراليين وحزب "بريكست"، إلا أن المفارقة كانت في انقسام أصوات مؤيدي بريكست في عدد من هذه الدوائر مثل بارنزلي سنترال، بين المحافظين وحزب بريكست، مما أنقذ حزب العمال فيها، بأغلبية طفيفة.
أما لندن، فقد حافظت على كونها معقلاً عمالياً، وإن كان تأييد العمال فيها تراجع إجمالاً، فبينما حصد العمال دائرة بوتني اللندنية من المحافظين، تبقى تلك نتيجة معزولة، حيث فشل العمال في الفوز بأي من المقاعد التي مثلها المحافظون بهوامش طفيفة في البرلمان السابق.
ويعدّ حزب الديمقراطيين الليبراليين الخاسر الآخر في هذه الانتخابات، إذ خسرت زعيمته جو سوينسون مقعدها، ويواجه أزمة مصيرية بعد فشله في تعزيز موقعه في المناطق المعارضة لبريكست، وخاصة بعد الدعم الذي تلقاه العام الحالي، حيث وصل نصيبه من مقاعد البرلمان السابق إلى 21 مقعداً.

معارضة بلا أنياب

ومن دون شك، تعد هذه الانتخابات زلزالاً ستكون تبعاته في البرلمان البريطاني الذي سيقسم أعضاؤه اليمين يوم الثلاثاء المقبل؛ فأحزاب المعارضة ستدخل البرلمان منزوعة الأنياب التي مكنتها من عرقلة عمل حكومات تيريزا ماي وبوريس جونسون، بينما سيدخل جونسون ويستمنستر منتصراً بدعم الشارع البريطاني لرسالته التي كررها مراراً في مجلس العموم في ضرورة "تطبيق بريكست".
وستتيح الأغلبية المريحة لجونسون المضي قدماً في رؤيته للمفاوضات التجارية مع الاتحاد الأوروبي، والتي ستكون عنوان عام 2020.

ويجادل كثيرون بأن الـ 11 شهراً التالية لموعد "بريكست"، وموعد نهاية الفترة الانتقالية في نهاية ديسمبر/ كانون الأول المقبل، ليست كافية لإقرار هذا الاتفاق، إلا أن جونسون يستطيع بأغلبيته في البرلمان عدم تمديد الفترة الانتقالية، والخروج بسيناريو مشابه لبريكست من دون اتفاق من تحت عباءة القوانين الأوروبية التي ستلتزم بها بريطانيا في هذه الفترة.

استقرار نحو تمرير "الخصخصة"

وسيمنح الاستقرار السياسي في بريطانيا في السنوات الخمس المقبلة المحافظين الفرصة لتمرير مزيد من السياسات الخاصة بهم، والتي تتراوح بين اتفاقيات تجارة حرة مع الولايات المتحدة والدول الآسيوية، إلى خصخصة لمزيد من الخدمات العامة، وتطبيق نظام هجرة جديد، وإعادة هيكلة النظام الضريبي بما يتناسب مع رؤيتهم للاقتصاد البريطاني، فضلاً عن رؤيتهم للسياسات الاجتماعية.
وربما سيؤدّي نجاح المحافظين في هذه السنوات الخمس إلى تعزيز موقعهم الانتخابي عام 2024، وبخاصة إن فشل العمال في التعافي من أزمته الحالية.

تيار قومي إنكليزي لـ"بريكست" انكفائي

غير أن حزب المحافظين الذي يقوده جونسون حالياً يختلف عن الحزب الذي تزعمه سابقاً، فعلى الرغم من تعهده من تطبيق سياسات "الأمة الواحدة" المحافظة الوسطية، فإن النواب الجدد لا ينتمون للتيار العقائدي الليبرالي الذي ينتمي إليه جونسون، إنما لتيار قومي إنكليزي، مؤيد لمشروع بريكست انكفائي. وسيكون هذا الخلاف في صفوف المحافظين القيد الوحيد على حرية جونسون في السنوات المقبلة، إن أراد الحفاظ على تمثيل هذه المقاعد.

ذات صلة

الصورة
ليز تراس (روب بيني/ Getty)

سياسة

على هامش المؤتمر السنوي لحزب المحافظين، أقامت مجموعة "أصدقاء إسرائيل المحافظين" البرلمانية في مدينة بيرمنغهام فعالية استضافت فيها العديد من الشخصيات السياسية، من بينها رئيسة الحكومة ليز تراس ووزير الخارجية جيمس كليفرلي.
الصورة
انتخابات لبنان (حسين بيضون/العربي الجديد)

اقتصاد

مع اقتراب موعد الانتخابات اللبنانية، زاد الإنفاق ببذخ لافت على البرامج الترويجية للمرشحين الذين استغلوا تدهور الأوضاع المعيشية من أجل شراء الأصوات.
الصورة
رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري (العربي الجديد)

سياسة

رفضت "حركة مجتمع السلم"، أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر، توجيه تهم الإرهاب وإلصاق شبهات أمنية بكوادرها ومناضليها الذين تم إقصاؤهم من قوائم الترشيحات للانتخابات المحلية المقبلة المقررة في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
الصورة

سياسة

"الانتخابات القادمة عبارة عن تدوير وجوه، ولست وحدي، بل أغلبية الشعب العراقي لا تعوّل عليها"، هكذا لخص الكتبي في شارع المتنبي، ستار محسن علي (59 عاماً) نظرته للانتخابات العراقية التي تجرى الأحد القادم.