مصر تدفع بمساعدات عسكرية لحفتر... وتنسيق لإمداده بمقاتلين أفارقة

مصر تدفع بمساعدات عسكرية لحفتر... وتنسيق لإمداده بمقاتلين أفارقة

14 ديسمبر 2019
مقاتلون موالون لحفتر في سبها جنوب ليبيا (فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر مصرية لـ"العربي الجديد"، أن يومي الأربعاء والخميس الماضيين شهدا وصول مساعدات عسكرية مصرية متطورة لمليشيات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، موضحةً أنّ طائرات شحن عسكرية مصرية نقلت مدرعات متطورة إلى الأراضي الليبية لدعم مليشيات الأخير. وأشارت المصادر إلى أنّ هناك عمليات تحشيد كبيرة تتم لمعدات ومقاتلين أفارقة، لتنفيذ حملة كبرى على محاور القتال في العاصمة طرابلس التي تسيطر عليها القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً.

وأكدت المصادر وصول عسكريين مصريين لتدريب مليشيات حفتر على استخدام المدرعات الجديدة "TAG Terrier LT 79"، التي تنتجها الهيئة العربية للتصنيع (المصرية) بالشراكة مع إحدى الشركات الأميركية، موضحةً أنّ الأسبوع المقبل قد يشهد انطلاق الحملة الموسعة على العاصمة.

وقالت المصادر إنّ إعلان حفتر في كلمة متلفزة، ليل أول من أمس الخميس، عن بدء عملية موسعة على طرابلس، جاء بعد زيارة لمصر استغرقت بضع ساعات اجتمع خلالها بقيادات عسكرية في مقر قيادة المنطقة الغربية العسكرية، بحضور مدير جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كامل. وكشفت المصادر كذلك أنّ حفتر تلقى دعماً مالياً كبيراً من السعودية، في أعقاب الزيارة التي قام بها رئيس مجلس النواب في طبرق، عقيلة صالح، أخيراً إلى المملكة، والتقى خلالها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز.

وشدّدت المصادر على أنّ الخطوة المصرية تأتي رداً على التصريحات التي أدلى بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أخيراً، وأعلن فيها استعداد بلاده لإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا في حال طلب رئيس حكومة الوفاق فائز السراج ذلك.

كما كشفت المصادر المصرية عن وصول عسكريين رفيعي المستوى من قيادة المنطقة الغربية العسكرية المصرية إلى غرفة العمليات المشتركة لمليشيات حفتر، للإشراف على وضع خطط متعلقة بتطوير الهجوم على العاصمة، خلال الأيام القليلة المقبلة، موضحةً أنّ إعلان قائد القوات البحرية الموالية لحفتر، فرج المهدوي، عن استهداف أي سفن تركية تقترب من السواحل الليبية في إطار الاتفاقية البحرية التي وقّعتها أنقرة مع السراج أخيراً، جاء بترتيب مع مصر والإمارات.


وأكدت مقاطع فيديو بثتها هيئة الإعلام الحربي التابعة لمليشيات حفتر، ما نشره "العربي الجديد" في وقت سابق بشأن وصول شحنات من الأسلحة والدعم العسكري الإماراتي إلى هذه المليشيات أخيراً، بعدما أظهرت مقاطع الفيديو مدرعات إماراتية ومصرية، وأسلحة نوعية بحوزة المليشيات خلال عرض عسكري.

في موازاة ذلك، قالت مصادر دبلوماسية مصرية، لـ"العربي الجديد"، إنّ القاهرة لن تتورط في أي ردود فعل معلنة جديدة بشأن الاتفاقية التركية الليبية، مؤكدةً أنه في الفترة المقبلة ستتولى إدارة الأمور الخاصة بليبيا جهات سيادية مصرية، في إشارة إلى المخابرات العامة ووزارة الدفاع، مستبعدةً في الوقت ذاته إشراك قوات مصرية على الأرض في المعارك الليبية. وكشفت المصادر عن تنسيق واسع النطاق لإمداد مليشيات حفتر بمقاتلين أفارقة في محاولة لحسم سريع للمعارك في ليبيا.

وفي السياق المصري أيضاً، أعلنت المنطقة الغربية العسكرية للجيش المصري، حالة الطوارئ القصوى في قاعدة محمد نجيب العسكرية في العلمين، شمال غرب البلاد، وعلى طول الشريط الحدودي مع ليبيا، وفي عمق المنطقة البحرية المصرية، بالتوازي مع تصعيد مليشيات حفتر هجومها على العاصمة طرابلس.

وقالت مصادر مصرية مطلعة على ملف دعم حفتر، لـ"العربي الجديد"، إن مدير المخابرات المصرية العامة عباس كامل، الموجود حالياً في شرم الشيخ للإشراف على منتدى شباب العالم الذي يحضره الرئيس عبد الفتاح السيسي، أنشأ غرفة عمليات متقدمة على مدار الساعة بين القاهرة وشرم الشيخ وقاعدة محمد نجيب للاطلاع على مستجدات معركة طرابلس أولاً بأول، إذ يراهن السيسي على الدعم اللوجيستي والعسكري الكبير الذي قدّمته مصر لحفتر طوال الشهرين الماضيين لإعادة تنظيم مليشياته ورفع قدراتها، ليتمكّن من اقتحام طرابلس وينهي وجود حكومة الوفاق، التي أصبح من المستحيل بالنسبة للسيسي وحلفائه، وعلى رأسهم الإمارات، العودة لطاولة التفاوض معها بعد توقيع هذه الحكومة مذكرتي تفاهم في مجالي التعاون الأمني والحدود البحرية مع تركيا، الخصم الاستراتيجي للسيسي وحلفائه، وبالأخص أعضاء منتدى شرق البحر المتوسط للغاز.

وأكدت المصادر المعلومات عن أن الهجوم الكبير الحالي على طرابلس مدعوم من مصر بصور عدة، أبرزها الأسلحة الخفيفة والمدفعية والمدرعات الجديدة من طراز "تيريير"، ويُعتبر هذا أول استخدام عسكري رسمي لها في المواجهات، فضلاً عن تسهيل دخول طائرات صغيرة من دون طيار واردة من دول شرق آسيوية، إلى جانب كميات كبيرة من الأغذية المحفوظة والأقمشة والأغطية تدفقت الشهر الماضي على مناطق حفتر من معبر السلوم ومعابر عسكرية أخرى، إلى جانب العنصر الاستخباراتي، وملف التدريب ورفع القدرات الذي تباشره مصر بشكل منفرد تقريباً.
وأضافت المصادر أن القوات البحرية المصرية استنفرت عدداً من قطعها في المنطقة المقابلة لمعبر السلوم، ومن بينها بعض القطع المجهزة بمعدات تشويش واستطلاع، لرصد المساعدات التركية المتوقع تدفقها خلال ساعات لصالح قوات حكومة الوفاق.

يُذكر أن المدرعة "TAG Terrier LT 79" التي حصل عليها حفتر من مصر أخيراً، يبلغ عدد أفراد الطاقم الخاص بها 8 أفراد، ويمكن تزويدها بمعدات استطلاع أو محطة مسلحة برشاش عامل بالتحكم عن بعد، ويبلغ مستوى حمايتها B6 القادر على صد طلقات حتى عيار 7.62 * 51 مليمتراً.

وذكرت المصادر أنه سبق وأدت كل من القوات البحرية المصرية واليونانية من جهة، والتركية من الجهة المقابلة، عدة مناورات تدريبية، ذات صبغة استعراضية وتحذيرية، في الأسبوعين الأخيرين، وتم الإعلان عن بعضها فقط قبل توقيع مذكرة التفاهم بين أنقرة وطرابلس وبعدها.
وأشارت المصادر إلى أن السيسي وحفتر يراهنان على انتصار سريع وخاطف لتلافي السقوط مرة أخرى في دوامة استنزاف الأموال والجهد، من دون تحقيق أي تقدّم كما حدث في الفترة التالية لبدء الحملة على طرابلس، خصوصاً في الصيف الماضي، إذ تكبدت قوات حفتر خسائر استراتيجية ومالية ومعنوية كبيرة على الرغم من المساعدات الخارجية الكثيفة.

وكان المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة المصرية العقيد أركان حرب تامر الرفاعي، قد كشف أخيراً عن تنفيذ القوات البحرية المصرية لأنشطة قتالية تهدف إلى فرض السيطرة البحرية على المناطق الاقتصادية في البحر المتوسط وتأمين الأهداف الحيوية في المياه العميقة. وبحسب الرفاعي، فقد نفّذ تشكيل بحري قتالي يتكوّن من وحدات ذات تنوع قتالي، وعلى رأسها إحدى حاملات المروحيات من طراز "ميسترال" ومجموعتها القتالية، عدداً من الأنشطة القتالية والتدريبية في مسرح عمليات البحر المتوسط، وقد تضمّنت تلك الأنشطة قيام إحدى الغواصات المصرية بإطلاق صاروخ مكبسل عمق سطح طراز "هاربون"، وهو صاروخ مضاد للسفن ويصل مداه إلى أكثر من 130 كيلومتراً.

وبالنسبة للمسار السياسي، قالت مصادر دبلوماسية في ديوان الخارجية المصرية، إن اتصالات جرت في الساعات الأخيرة بين برلين وباريس وموسكو والقاهرة للوقوف على الوضع الميداني والسياسي، قبيل خطاب حفتر المتأخر ليل الخميس، والذي أعلن فيه أنه "سينتصر لا محالة" وذلك بعد تحقيقه تقدماً على محور منطقة صلاح الدين البعيدة عن طرابلس بنحو 15 كيلومتراً، قبل أن ينفي رئيس الوزراء فائز السراج ذلك.
وأضافت المصادر أن لدى الدبلوماسيين والعواصم المختلفة، عدا موسكو نظراً لمشاركتها المباشرة في دعم حفتر حالياً عن طريق قوات غير نظامية واطلاعها مع مصر على المستجدات، حالة من الغموض بشأن طبيعة ما يجري على الأرض حول طرابلس، مرجحة أن تبدأ العواصم في إطلاق تصريحات بشأن هذه المستجدات حسبما ستسير إليه الأوضاع الميدانية، في ظل توقعات بترحيل الدبلوماسيين الأجانب من العاصمة الليبية خلال ساعات.
وكان السيسي قد أبلغ المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ووزير خارجيتها هايكو ماس أثناء التحضيرات المتعثرة لمؤتمر برلين المؤجل بشأن ليبيا، بضرورة استبعاد جميع التيارات الإسلامية من المشهد السياسي قبل الدخول في أي مفاوضات، وكذلك اعتبار مليشيات حفتر جيشاً نظامياً ورفع حظر التسليح عنه. كما أبدى تحفظه على الهدف الأول المعلن من المؤتمر وهو الوقف الفوري لإطلاق النار، فضلاً عن تنافر موقفه مع الهدف الثاني للمؤتمر، بحسب ما أعلنت عنه برلين والمبعوث الدولي غسان سلامة، والذي يتمثل في خلق آلية تمكّن لجنة العقوبات من محاسبة الدول المزودة للأطراف المتصارعة بالسلاح وتجار السلاح في ظل شواهد وتقارير دولية تؤكد تزايد خرق قرار حظر التسليح، علماً أن ألمانيا نفسها هي رئيسة لجنة العقوبات في مجلس الأمن الدولي وبالتالي فلديها الفرصة لإدارة تلك الآلية.
وعلى الرغم من أن واشنطن دعت حفتر الشهر الماضي لوقف هجماته على طرابلس، في بيان صدر بعد اجتماع بين ممثلين لحكومة الوفاق ومسؤولين أميركيين، فإن هذا جاء على خلفية تقارير عن قتال مجموعات مرتزقة روسية في صفوف مليشيات حفتر، إذ حذر البيان الأميركي مما وصفه "استغلال روسيا للصراع ضد إرادة الشعب الليبي". لكن الرئيس الأميركي دونالد ترامب نفسه تواصل مع حفتر في إبريل/ نيسان الماضي، ونقل البيت الأبيض "إشادته بدوره في الحرب على الإرهاب". وبعد أشهر، ذكرت تقارير صحافية أميركية أن ترامب أصابه فتور تجاه حفتر بسبب فشله في السيطرة على طرابلس، في خيبة أمل قريبة من التي سيطرت على العلاقة بين الإمارات وحفتر بسبب عجز الأخير عن تنفيذ خططها وإساءة استخدام مساعداتها العسكرية له، وهو ما كان موضع بحث بين ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد والسيسي أكثر من مرة، حسبما كشفت مصادر مصرية لـ"العربي الجديد" في تقارير سابقة.
وسبق لكل من مصر وإيطاليا والإمارات وفرنسا دراسة مشاريع عقد مؤتمرات كبرى بشأن ليبيا هذا العام، لكن اختلاف الأهداف بين جميع تلك الدول الأكثر التصاقاً بالوضع في ليبيا أجهض جميع تلك الأفكار، بما في ذلك مقترح بعقد مؤتمر في مصر يتم استبعاد ممثلي تيارات الإسلام السياسي منه.

المساهمون