انطلاق انتخابات برلمانية مصيرية في بريطانيا

بريطانيا: مكاتب الاقتراع تفتح أبوابها أمام الناخبين للتصويت في انتخابات تشريعية مبكرة

12 ديسمبر 2019
انتخابات مصيرية تشهدها بريطانيا(العربي الجديد)
+ الخط -
فتحت مراكز الاقتراع البريطانية أبوابها، اليوم الخميس، عند الساعة السابعة صباحاً، لتبدأ عملية التصويت في انتخابات مصيرية هي الأولى في شهر ديسمبر/كانون الأول منذ قرن من الزمن.

وبدأ فرز الأصوات التي يُدلى بها عبر البريد، أمس الأربعاء، في حين لمّحت محررة القسم السياسي في "بي بي سي" لورا كونسبرغ إلى أن نتائجها تحمل أنباء "غير سارة" لحزب "العمال".

وقالت: "لا تستطيع الأحزاب الاطلاع على نتيجة التصويت البريدي، ولكنها تحصل على انطباع عن نتيجتها، ويقول لي كلا الطرفين إن الأصوات البريدية التي تم فرزها تعكس صورة قاتمة لحزب العمال في الكثير من أرجاء البلاد".

إلا أنها استدركت قائلة: "بالطبع يعكس ذلك نوايا الناخبين المسنين والأفراد الذين يصوتون في وقت مبكر. لكن الفئات الأصغر عمراً والتي تصوت لصالح حزب العمال، سنحصل على نتائجها غداً (أي الخميس). ولكن بما أنها انتخابات شتوية، فإن مستوى المشاركة فيها سيكون أحد العوامل التي لا يمكن التنبؤ بها".

وتتميز أيام الشتاء البريطاني بقصرها، حيث تمتد ساعات النهار في العاصمة لندن مثلاً بين 8 صباحاً و4 مساء. كما قد يؤدي الطقس الماطر والبارد إلى تراجع أعداد الناخبين. وتفتح مراكز الاقتراع أبوابها بين الساعة 7 صباحاً و10 مساء بالتوقيت المحلي.

بدأ الاقتراع في 7 صباحاً(العربي الجديد)



واستطلع "العربي الجديد"، آراء بعض المقترعين، وقالت نيكولا، وهي مواطنة بريطانية: "صوّتّ لصالح العمال لأني أكره الحكومة المحافظة وما تمثله"، مضيفةً: "أكره بوريس جونسون بشكل خاص لأني أجده شخصاً متعجرفاً ومغروراً وعنصرياً وكارهاً للنساء".

وأوضحت: "يعجبني أيضاً برنامج العمال الانتخابي. أعتقد أن الخدمات العامة بحاجة للمزيد من الاستثمار والعمال هم الوحيدون القادرون على فعل ذلك. كما أن الخدمات الصحية الوطنية تعاني من نقص التمويل بسبب المحافظين وتعاني للاستمرار".

وشددت على أنها "تريد حكومة تحمي الخدمات الصحية الوطنية من الخصخصة وتؤمن بضرورة توفير الخدمات المجانية للجميع في وقت تستثمر في الأفراد العاملين بهذه الخدمات وتحترمهم".

وأشارت إلى أن "التقشف الحكومي تسبب بمعاناة الكثيرين وتسبب حرفياً بوفاة آخرين. أريد نهاية لذلك"، مؤكدةً في المقابل أنها "ترغب في البقاء في الاتحاد الأوروبي. سيوفر العمال فرصة استفتاء آخر على ذلك، بينما يريد المحافظون بريكست مشدداً".

بدوره، قال مواطن آخر، يدعى جوشوا: "صوتّ لصالح الديمقراطيين الليبراليين. أدعم الإصلاح الذي يطالب به الديمقراطيون الليبراليون. ولا أعتقد أن العمال والمحافظين جادون في التغيير. نحتاج أيضاً إلى إعادة ترتيب التمثيل الانتخابي لتوفير تمثيل أكثر عدلاً". وأضاف: "أدعم موقف الحزب من بريكست. يجب أن نضع حداً لبريكست".

أما أمير، والذي يدرس الدكتوراه في جامعة لندن، فقال: "لم أكن أرى أنا ووالدي مغزى من التصويت. غالباً ما كان الحزبان (العمال والمحافظون) شبيهين ببعضهما، ولذلك كانت التغييرات العامة الآتية منهما ضئيلة".

واستدرك قائلاً: "أما سبب تصويتي لصالح كوربن في هذه الانتخابات، فهو أنني ولأول مرة في حياتي أرى فارقاً حقيقياً بين الأحزاب. جميع المشاركين في بحثي والذين يمثلون المشاعر المعادية للأجانب ويتبنون الخطاب القومي لأفراد مثل دونالد ترامب، سيصوتون لصالح بوريس جونسون. وكراهيتهم لكوربن واضحة".

جونسون خائف من الانقسام

ومن جهته، حذّر بوريس جونسون من أن يتسبب انقسام أصوات مؤيدي "بريكست" بين حزب المحافظين وحزب "بريكست" إلى دعم موقف حزب العمال في الانتخابات.

وتشير إحدى الدراسات إلى أن انقسام المنافسة بين المحافظين و"بريكست" سيؤدي إلى حرمان حزب جونسون من 12 مقعداً يمثلها العمال حالياً.

ووجه جونسون تحذيره لناخبي حزب "بريكست" من أنهم يجازفون "بالاحتمال الرهيب بوصول جيريمي كوربن إلى داوننغ ستريت".

كما حذر جونسون من احتمال خسارة حزبه لدوائر لصالح الديمقراطيين الليبراليين، حيث تتعزز التوقعات بإمكانية انتصار حزب جو سوينسون في دائرة إشر ووالتون، والتي يمثلها وزير الخارجية دومينيك راب. كما يتجهون أيضاً إلى كسب دائرة ريتشموند بارك، والتي يمثلها زاك غولدسميث، المرشح السابق لمنصب عمدة لندن.

وقال جونسون في تصريح لصحيفة "التايمز": "كل صوت يذهب لصالح حزب بريكست أو الديمقراطيين الليبراليين يعني الاحتمال الرهيب بوصول جيريمي كوربن إلى داوننغ ستريت، وهو ما سيدخل البلاد في المزيد من الشلل والانقسام وعدم اليقين، وسيعود اقتصادنا إلى المربع الأول".

معنويات كوربن إيجابية

أما كوربن فحافظ على معنوياته الإيجابية رغم نتائج استطلاعات الرأي التي لا تدعم موقف حزبه. وأصر على أن "العمال" يستطيع الفوز بالانتخابات رغم استطلاعات الرأي، مؤكداً أن بريطانيا تقف على مفترق طرق: "الخيار الذي يواجهكم غداً، كشعب هذا البلد، تاريخي حقاً. لا تريد المؤسسة الحاكمة نصراً عمالياً. لا يريدون حكومة عمالية تقف إلى جانب الشعب وتهز أسس الطريقة التي يدار بها هذا البلد".

إلا أن الفرص الأكثر احتمالاً لوصول حزب "العمال" إلى رئاسة الوزراء ستكون في تشكيل تحالف مع الحزب القومي الاسكتلندي والديمقراطيين الليبراليين. وعلى الرغم من نفي الحزبين نيتهما الدخول في حكومة ائتلافية مع "العمال"، لا يستبعد أن يقوما بدعم سياساته في البرلمان من خارج الحكومة.

ويرى "العمال" وجود نقاط مشتركة بينه وبين القوميين الاسكتلنديين بما يكفي لأن تدعم نيكولا ستورغون حكومة يرأسها كوربن. وتشمل نقاط التوافق المزيد من الانفاق على الخدمات الصحية الوطنية، والتي في فرعها الإسكتلندي، تحتاج إلى المزيد من التمويل الآتي من المركز في لندن.

كما أن حزب "العمال" لا يعارض منح المزيد من السلطات للبرلمان الاسكتلندي في نواح تشمل قوانين العمل والضرائب. إلا أن المطلب الرئيسي للقوميين الاسكتلنديين سيكون في منح لندن موافقتها على إجراء استفتاء جديد على الاستقلال الاسكتلندي.

وكان الاستفتاء الأول الذي نظمه القوميون الاسكتلنديون عام 2014 قد أسفر عن رفض الاسكتلنديين الانفصال عن المملكة المتحدة. إلا أن التحول في السياسة البريطانية بعد "بريكست"، يشكل أرضية كافية لطلب استفتاء ثان، وفقاً للقوميين الإسكتلنديين.

أما الديمقراطيون الليبراليون فيسعون، كما هو حال "العمال" من حيث المبدأ، إلى طرح استفتاء ثان على "بريكست". ويعارض الديمقراطيون الليبراليون الخروج من الاتحاد الأوروبي، بينما ينقسم حزب "العمال" على نفسه بين مؤيد ومعارض لـ"بريكست".