100 عام بين تجربتين فلسطينيتين

100 عام بين تجربتين فلسطينيتين

28 نوفمبر 2019
تختلف النظرة بين فلسطينيي تشيلي للتظاهرات (العربي الجديد)
+ الخط -
في النقاش الدائر مع وبين فلسطينيي أميركا اللاتينية، وبعضهم اليوم من الجيلين الرابع والخامس، إزاء تطورات تشهدها بعض دولهم، وخصوصاً في ظل الانقسام والاستقطاب بين تيارات وأحزاب والشارع الغاضب من سياسات تغيب عنها العدالة الاجتماعية وبسبب تغوّل القطاع الخاص وتحوّل بعض قطاعات الدولة إلى ما يشبه الخاص لجهة كلفته لا الجودة، يبرز أيضاً انقسام في صفوف مجتمعات عربية وفلسطينية. فقلة هم الذين يؤيدون اليسار التشيلي في سانتياغو، وأكثرية "حدثت لديها تحوّلات طبقية بعد عقود وتوالي الأجيال في قطاع الأعمال والشركات"، بحسب ما يرى الناشط في "الشبيبة الفلسطينية"، نقولا خميس، ابن الجيل الرابع للهجرة الفلسطينية. وغيره يرى أن "تجربتي فلسطينيي أوروبا وأميركا اللاتينية تختلف بفارق زمني طويل".

يعترف البعض بتدني مستوى انخراط الجيل الأول المهاجر في السياسة المحلية، إلا بحالات فردية، وهو الذي اهتم أكثر بتركيز أسس حياته، "وخصوصاً أن فقراء المجتمع الفلسطيني هم من هاجروا في نهاية القرن التاسع عشر وبداية العشرين، بل وبعضهم بالكاد كان يقرأ العربية"، بحسب ما يقول الشاب إسكندر حلبي، الذي حضرت أسرته إلى تشيلي من بيت لحم عام 1900.
هذا الاختلاف في الموقف من الانتفاضة الشعبية في تشيلي، ينظر إليه البرلماني اليساري السابق، والسجين السياسي في عهد أوغستو بينوشيه، باتريسيو ألسه، كـ"أمر طبيعي في سياق أن هؤلاء تشيليون بالمواطنة ويبحثون بالتأكيد عن مصلحتهم الطبقية".

وعلى الرغم من أن السجال لم يؤدِ لتشنجات بين الفلسطينيين، المنقسمين مثلاً على الواقع الفلسطيني أكثر من الواقع التشيلي، فإن شباناً فلسطينيي الأصل يشيرون إلى اختلاف تجربتي فلسطينيي أوروبا، وأميركا اللاتينية، لجهة انتشار اليمين المتطرف والعنصري والتغلغل الصهيوني في أوروبا، مقابل مكانة الفلسطينيين وقضيتهم في اللاتينية بعد سنوات طويلة من العمل على تأسيس أسس حياتهم، وبعضهم يملك اليوم كبريات الشركات، بعد رحلة كفاح طويلة. ويذكر التسعيني جبر ازرين أن "الفلسطينيين في تشيلي خاضوا أيضاً تجربة الرفض في البداية، فكافحوا لتثبيت هويتهم وثقافتهم الفلسطينية إلى أن افتتحوا مصانع النسيج، وساهموا في الاقتصاد التشيلي فتغيرت النظرة لهم ولقضيتهم حتى اليوم".

يبدو مشهداً غريباً لمراقب من الخارج، بخلفية تجربة أوروبا، أن يتم تأييد اليمين هنا وهناك، فيما الحركات الاحتجاجية تُشبّه ما تتعرض له بالقمع الذي يواجَه به الفلسطينيون من الاحتلال بالوسائل والأدوات نفسها، التي تتشابه أيضاً مع تلك التي تنتهجها أنظمة عربية فاسدة تقمع من يثور بوجهها.

وعلى الرغم من كل التفاصيل والمبررات التي يسوقها معسكر فلسطيني في دول لاتينية، بما فيها بوليفيا، نرى معسكراً عربياً وفلسطينياً آخر أقرب إلى التشدد اليساري في هذه القارة في موقفه النقدي الحاد من مواقف بعض الفلسطينيين، وفي الوقت نفسه يذهب بعيداً في الدفاع عن أنظمة قمعية كالنظام السوري، والحجة ذاتها "الموقف من القضية الفلسطينية".

المساهمون