تصادم مروحيتين يحيي مطالب خروج فرنسا من "مستنقع مالي"

مقتل 13 جندياً بتصادم مروحيتين يحيي مطالب خروج فرنسا من "مستنقع مالي"

26 نوفمبر 2019
تساؤلات بخصوص جدوى التدخل الفرنسي (ميغل ميدينا/ فرانس برس)
+ الخط -
أحيا مقتل 13 جندياً فرنسياً، مساء أمس الإثنين، من قوة "برخان"، إثر حادث تصادم بين مروحيتين أثناء عملية قتالية ضد متطرفين في مالي، النقاش حول جدوى التدخل الفرنسي في منطقة الساحل، في واحدة من أكبر الخسائر العسكرية لباريس منذ 38 عاماً.

الطبقة السياسية أعربت بالإجماع عن الحزن لما جرى، دون أن تخفي التضامن مع عائلات الجنود ورفاقهم في السلاح، وكرّم مجلس النواب بعد ظهر اليوم ذكرى هؤلاء الجنود بالوقوف دقيقة صمت، على أن تنظَّم مراسيم رسمية لتكريمهم، يترأسها الرئيس إيمانويل ماكرون، وقد تُجْرى نهاية الأسبوع أو مطلع الأسبوع المقبل.
ماكرون حيا في بيان "بأقصى درجات الاحترام، ذكرى هؤلاء الجنود من القوات البرية، وهم ستة ضباط وستة مساعدين وكابورال سقطوا خلال عملية قتالية، وقُتلوا من أجل فرنسا في المعركة الصعبة ضد الإرهاب في منطقة الساحل".
وقد تحدّثت وزيرة الدفاع الفرنسي، فلورنس بارلي، ورئيس أركان الجيش الفرنسي، فرانسوا لوكوانتر، إلى الصحافيين. فأشادت بارلي بجنود استثنائيين، 13 بطلاً ماتوا من أجل فرنسا. ثم أعلنت عن فتح تحقيق من أجل معرفة الظروف الدقيقة لما جرى، وهو ما يجرى، عادة، حين يتعلق الأمر بحادث جوي. وأكدت وزيرة الدفاع أنها ستتوجه قريباً إلى غاو بمالي برفقة رئيس الأركان، ورئيس القوات البرية. وذكرت أن القوات الفرنسية تخوض عملياتها، مع القوات المالية، بتصميم وشجاعة ومثابرة.
وأضافت بأن فرنسا تحارب إلى جانب شركائها في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، من أجل السلام والاستقرار في هذه البلدان، اللذين تتطلع إليهما شعوبُها، وأن فرنسا تتلقى دعماً ثميناً من حلفائها الأوروبيين، وشددت على ضرورة توحيد القوى مما يجعلنا نواصل القتال.
ثم تحدّث رئيس الأركان، فرانسوا لوكوانتر، محاولا شرح ملابسات ما جرى، فتحدّث عن عمليات مطاردة، من قبل المظليين الفرنسين، ابتدأت يوم 22 من الشهر الحالي جنوب الطريق التي تربط مدينة غاو بمناكا، من أجل البحث ومطاردة المجموعات الإرهابية، التي تنتمي لتنظيم "داعش" في أماكن وجودها، وكانت تستخدم سيارات رباعية الدفع ودراجات نارية في تنقلاتها.
وكانت هذه المنطقة قد شهدت في بداية هذا الشهر مقتل العشرات من القوات المالية، على يد تنظيم "داعش"، الذي ينشط في المنطقة.
وكان الجنود المظليون قد وصلوا بعد ظهر أمس، لمراقبة مجموعة من الأعداء، وكان الليل قد أرخى أسداله والظلام مسيطراً، ورغم هذه الظروف الصعبة تقررت مواصلة المطاردة، وتم استدعاء الوسائل الجوية، وفي الساعة السادسة، وصلت إلى مكان العمليات هليكوبتر "كوغار" وبعدها، بوقت قصير، وصلت طائرتا "تيغر".
كانت مهمة الطائرتين استطلاعية في الليل في ظروف قتالية صعبة من أجل اكتشاف السيارة رباعية الدفع التي كانت تتجه نحو الشمال. وأثناء عملية الاستطلاع، سمع المظليون الذين كانوا على أرض المعركة صوت انفجار في السادسة و38 دقيقة، واعتقدوا أن الانفجارين يعودان إلى الاصطدام في الجوّ لطائرتين، وهو ما تأكَّد، لاحقاً، ليتم تأمين المنطقة، من أجل العثور على جَثامين الجنود وعلى الصندوقين الأسوَدَيْن.
وردا على سؤال حول أسباب وقوع الاصطدام، شرح رئيس الأركان أن الأمر يتعلق بعملية بالغة الصعوبة، جرت في الليل، في ظروف قتالية، مركزاً على كلمة "قتال"، لأن الأمر لا يتعلق فقط بحادث أو اصطدام، إنه حادث تمّ أثناء عملية قتال واستطلاع.
ورغم الإجماع السياسي على احترام فترة الحداد، تميزت حركة "فرنسا غير الخاضعة"، بمطالبة الحكومة، في بيان لها، بـ"فتح نقاش جدي وعقلاني من أجل البحث عن منافذ الخروج" من "الحرب"، خاصة أن "معنى الحرب يُفلتُ، من الآن فصاعدا، من فهم العديد من مواطنينا ومن الماليين أنفسهم".


وبمقتل هؤلاء الجنود يصل عند قتلى الجيش الفرنسي، منذ انخراط باريس سنة 2013 في عملية "برخان" إلى 38 قتيلاً، كما تعتبر خسارة أمس الكبرى منذ 38 سنة، في تاريخ فرنسا. كما أن الصحف على غرار "لوموند" و"ليبراسيون" وحتى "لوفيغارو"، الأكثر تحمساً للعمليات العسكرية الفرنسية في الخارج، بدأت في الآونة الأخيرة تتساءل عن جدوى البقاء في "المستنقع" المالي. وكان آخر مقال في "لوفيغارو"، بتاريخ 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، بعنوان "المأزق السياسي يرخي بثقله على عملية "برخان"".

المساهمون