"البوليساريو" تعقد مؤتمرها داخل الصحراء المتنازَع عليها مع المغرب

"البوليساريو" تعقد مؤتمرها داخل الصحراء المتنازَع عليها مع المغرب

26 نوفمبر 2019
يُنتظر أن تثير هذه الخطوة حفيظة السلطات المغربية (Getty)
+ الخط -
أعلنت جبهة "البوليساريو" الساعية للانفصال في الصحراء، قرارها تنظيم مؤتمرها العام داخل الأراضي المتنازع عليها، وتحديداً في المنطقة الواقعة شرق الجدار الأمني الذي بناه الجيش المغربي، والتي تعتبرها الجبهة منطقة "محرّرة".

ويُعتبر المؤتمر الذي تستعدّ "البوليساريو" لتنظيمه هو الـ15 منذ تأسيسها. وعلى الرغم من أنها ليست المرّة الأولى التي تنقل فيها الجبهة الانفصالية مؤتمراتها إلى داخل المنطقة المتنازع عليها مع المغرب، إلا أن الإعلان كان مفاجئاً، بالنظر إلى دعوات الأمم المتحدة الأخيرة لتجنب أي تحركات ميدانية تؤدي إلى توتّر الوضع.
وقال رئيس اللجنة الوطنية التحضيرية للمؤتمر، خطري أدوه، أمس الاثنين، إن المؤتمر الشعبي العام للجبهة "سيتم عقده بمنطقة التفاريتي المحررة في الفترة ما بين 19 الى 23 ديسمبر/كانون الأول 2019، تحت شعار: كفاح، صمود وتضحية لاستكمال سيادة الدولة الصحراوية".
ويُنتظر أن تثير هذه الخطوة حفيظة السلطات المغربية، التي تعتبر هذه التحركات في منطقة "التفاريتي" خرقاً لوقف إطلاق النار، وتغييراً للوضع القائم على الأرض. ويوجّه المغرب احتجاجات متكررة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ضدّ التحركات التي تقوم بها جبهة "البوليساريو" في هذه المنطقة.
ووجّه التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة الموجّه إلى مجلس الأمن الدولي، مستهلّ شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، دعوة مباشرة لـ"البوليساريو" للكف عن التحركات في المنطقة الواقعة شرق الجدار الأمني.
وأكد القيادي في الجبهة الانفصالية، خطري أدوه، أمس الاثنين، خلال اجتماع لمكتب "اللجنة الوطنية التحضيرية"، ضرورة تكاتف الجهود من أجل إنجاح "هذا الاستحقاق الوطني، والمساهمة في خلق كل الظروف الملائمة، ورفع التحدي في سبيل استكمال مسيرة الكفاح الوطني واستكمال السيادة الوطنية".



وظهرت حساسية المغرب تجاه مثل هذه التحركات، بشكل مبكر، قبل حلول موعد هذا المؤتمر، حيث تسبّب مجرّد استقبال سياسيين موريتانيين لمبعوثي الجبهة الانفصالية الذين يوزعون دعوات الحضور في أشغال المؤتمر، أزمة بين حزب "العدالة والتنمية" المغربي الذي يقود الحكومة، وحزب "التجمع من أجل الإصلاح والتنمية" (تواصل) الإسلامي الموريتاني.

وأصدرت الأمانة العامة لحزب "العدالة والتنمية" الذي يقود الحكومة المغربية، وبعض قيادييه، بيانات وتصريحات تعبّر عن الغضب من استقبال رئيس حزب "التجمع الوطني للإصلاح"، الموريتاني محمد محمود ولد سيدي، لمحمد سالم ولد السالك، الذي تقدّمه الجبهة الانفصالية كوزير للخارجية. وجاء خروج الحزب المغربي نظراً لاشتراكه مع "تواصل" الموريتاني في الانتماء إلى الحركة الإسلامية.
انتقادات ردّ عليها الحزب الموريتاني ببيان، قال فيه إنه يحترم للجميع حقه في اتخاذ الموقف الذي يراه مناسباً، والتعبير عنه بالطريقة التي يراها مناسبة، لكنه لا يقبل لأي جهة "أن تحدّد لنا مواقفنا ولا طرق التعبير عنها، مؤكدين للجميع حرصنا على علاقة متوازنة أساسها الاحترام والسعي الدؤوب لما فيه مصلحة أوطاننا ومنطقتنا وأمتنا".
وتسعى جبهة "البوليساريو"، التي تأسّست في بداية عقد السبعينيات، للانفصال عن المغرب وتأسيس دولة فوق أرض الصحراء التي استرجعها المغرب عام 1975 من الاحتلال الإسباني. وتتخذّ الجبهة من منطقة "تندوف" الجزائرية معسكراً لقواتها، فيما يسيطر المغرب على القسم الأكبر من الإقليم المتنازع عليه، بعد حرب دامت منذ منتصف السبعينيات إلى عام 1991، حيث تمّ التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار، برعاية من الأمم المتحدة التي تواصل مساعي البحث عن حلّ نهائي لهذا النزاع.

وكان الملك المغربي محمد السادس قد قال في خطابه بمناسبة الذكرى 44 لتنظيم المسيرة الخضراء، التي شارك فيها نحو 350 ألف مغربي نحو الصحراء، التي كانت تحتلها إسبانيا، إن السبيل الوحيد للتسوية يقع "في إطار الاحترام التام للوحدة الوطنية والترابية للمملكة"، مشدداً على أنه "يتجسد في مقترح الحكم الذاتي الذي يعرضه المغرب على الأمم المتحدة". واعتبر العاهل المغربي أن "هذا التوجه نحو حسم النزاع في إطار السيادة المغربية تعزز بارتفاع عدد الدول التي لا تعترف بجبهة البوليساريو، ليصل إلى 163 دولة"، حسب الخطاب الملكي.
في المقابل، صعّدت جبهة "البوليساريو" من لهجتها في الأسابيع الماضية، وذلك عقب صدور القرار الجديد لمجلس الأمن الدولي في أكتوبر/تشرين الأول، والذي اعتبرته منحازاً للمغرب.
وبعد مرور يومين على صدور قرار مجلس الأمن الدولي الذي مدّد ولاية بعثة الأمم المتحدة في الصحراء لعام كامل، هاجمت جبهة "البوليساريو" الانفصالية القرار، وقالت على لسان من تعتبره وزيراً للخارجية في دولتها المعلَنة من طرف واحد وغير المعترف بها دولياً، إن المغرب بصدد التراجع عن اتفاق السلام الموقع سنة 1991، وإن ذلك يعيد المنطقة إلى "المربع الأول".