العراق: المتظاهرون يحتفون بشيوخ عشائر رفضوا لقاء عبد المهدي

العراق: احتفاء بشيوخ عشائر رفضوا لقاء عبد المهدي ودعوات إلى مقاطعة المشاركين

24 نوفمبر 2019
رفض شيوخ عشائر حضور اجتماع بغداد (أحمد الربيع/فرانس برس)
+ الخط -

تشهد ساحات التظاهرات في بغداد وجنوب العراق ووسطه احتفاءً بعدد غير قليل من زعماء العشائر العراقية الذين سجلوا مواقف اعتبرها المتظاهرون أنها "مُشرّفة"، بعد رفضهم تلبية دعوة اجتماع مع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي جرى في بغداد، الأربعاء الماضي. 

يأتي ذلك بالتزامن مع عمليات حرق وتحطيم طاولت عدداً من دواوين ومكاتب تتبع زعماء عشائر في محافظتي ذي قار وميسان جنوبي البلاد ممن شاركوا في الاجتماع مع عبد المهدي في بغداد، فضلاً عن دعوات إلى مقاطعة الشيوخ المشاركين في الاجتماع.

وقال ناشطون في الناصرية، مركز محافظة ذي قار جنوبي العراق، لـ"العربي الجديد"، إن الذين رفضوا تلبية دعوة اجتماع عبد المهدي، احتفى المتظاهرون بهم اليوم.

ووفقاً للناشط علي الناصري، فإن الشيخ الذي شارك في اجتماع مع رئيس الحكومة، رغم تواصل قتل المتظاهرين "لم تعد له شرعية". 


وردد ناشطون في كربلاء اليوم الأحد شعارات مناوئة لشيوخ العشائر الذين شاركوا في الاجتماع، مثل "شيخ الي راح لبغداد عكاله (عقاله) بتومانين (تومان عملة إيرانية)"، وكذلك في ذي قار شعارات مثل "الشيخ الي ما بي غيره على ربعه شلك بي".

وترددت شعارات مماثلة في بغداد، مقابل احتفاء بأسماء شيوخ عشائر كثر رفضوا المشاركة في الاجتماع الذي اعتبر "تآمرياً على التظاهرات".  

وتسعى الحكومة العراقية إلى تهدئة الشارع العراقي من خلال ما بات يطلق عليه "حزم الإصلاح"، فضلاً عن تحركات سياسية أخرى مع شيوخ العشائر وزعمائها لتطويق التظاهرات والعمل على خفض حدتها. 

وبحسب بيان صدر قبل يومين عن مكتب رئيس الحكومة، فإنه التقى "جمعاً كبيراً من شيوخ عشائر المحافظات الوسطى والجنوبية، للتداول في الأوضاع التي تمرّ بها البلاد، والإجراءات الإصلاحية والحلول المطروحة، وسبل تعزيز الأمن والاستقرار، وتلبية المطالب المشروعة للمتظاهرين وعموم المواطنين".

وأشار عبد المهدي على هامش اللقاء إلى أن "التظاهرات مشروعة، والدستور يحترم حرية التعبير، وقد كشفت عوامل الخلل في النظام السياسي ومختلف شؤون الحياة التي يجب معالجتها، ويجب توفير بيئة استثمارية آمنة لجذب الشركات، ولتقليل الاعتماد على النفط، ولزيادة الموارد وفرص العمل". 

ورفض العديد من شيوخ العشائر حضور اللقاء، معبّرين عن أسفهم من محاولات الحكومة كسبهم على حساب المتظاهرين.

وأوضح بيان صادر عن شيوخ عموم عشائر كربلاء أنهم رفضوا دعوة عبد المهدي للقائه في بغداد، مشددين على أنهم يساندون "المظاهرات السلمية لأبناء شعبنا لما لاقاه من الظلم والحيف والفقر".

وأضاف أن "الشيوخ رفضوا الاعتداء على الممتلكات العامة والتجاوز على الأجهزة الأمنية"، وأن "لا حل إلا بالتظاهر السلمي والمطالبة بالحقوق المشروعة". 

وأعلنت عشائر آل زريج، المنتشرة جنوبي البلاد، رفضها أيضاً مقابلة عبد المهدي، وأكدت، في بيان آخر، "دعمها للمتظاهرين، وتغيير مفوضية الانتخابات، وتعديل الدستور، فضلاً عن إجراء انتخابات مبكرة، وإحالة الفاسدين على القضاء". 

من جهته، قال الشيخ محمد آل فهد كسار هلاص، أحد شيوخ عشائر بني حجيم في محافظة المثنى، إن "شيوخ العشائر هددوا عبد المهدي بحمل السلاح مع المتظاهرين وتنفيذ مطالبهم بالقوة"، مبيناً، في تصريح صحافي، أن "الشيوخ قدموا لعبد المهدي مطالب تنسجم مع مطالب المتظاهرين، التي من أهمها تعديل الدستور، وتعديل قانون الانتخابات، ومحاسبة الفاسدين".


وقال الشيخ محمد الساعدي إنه "تلقى دعوة من مكتب رئيس الحكومة لحضور الاجتماع"، مبيناً لـ"العربي الجديد": "رفضت الحضور، لأن الحضور يعني دعم الحكومة على حساب المتظاهرين، إذ إنها تسعى من خلال الاجتماع الذي دعت إليه جميع شيوخ ووجهاء الوسط والجنوب لعزل العشائر عن المتظاهرين".

وأكد أن "حضور الاجتماع خيانة لدماء المتظاهرين، وأن الكثير من الشيوخ رفضوا الحضور وضموا أصواتهم إلى أصوات المتظاهرين وتبنوا مطالبهم المشروعة". 

ويرى مراقبون أن الحكومة تحاول، من خلال تلك اللقاءات، تجريد المتظاهرين من قاعدتهم الشعبية، لذا ركزت دعوتها على شيوخ المحافظات التي تشهد تظاهرات دون غيرها.

وقال الخبير بالشأن السياسي ياسين الغزي، لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومة تتعامل بندية مع المتظاهرين، وأنها بدلاً من تلبية مطالبهم تسعى إلى تجريدهم من قيادتهم الشعبية"، مبيناً أن "جهود الحكومة وتحركاتها تلك تؤكد أن نهجها بممارسة العنف للقضاء على التظاهرات لن يتغير، وأنها تسعى إلى إفشال التظاهرات بشتى الطرق".

ودعا الغزي الحكومة إلى "مراجعة حساباتها، والسعي إلى إرضاء المتظاهرين بدلاً من قمعهم ومحاولة تسويف مطالبهم".

يأتي ذلك في ظل استمرار القمع الذي يواجهه المتظاهرون في بغداد ومحافظات الجنوب، والذي أدى حتى الآن إلى مقتل نحو 340 متظاهراً وإصابة أكثر من 18 ألفاً، في وقت لم تغير فيه الحكومة من أسلوب العنف بمواجهة التظاهرات.