إيران تهدّد بمواجهة "دول بالمنطقة" إن ثبت تورّطها بالاحتجاجات

إيران تهدّد بمواجهة "دول بالمنطقة" إن ثبت تورّطها بالاحتجاجات

23 نوفمبر 2019
طهران تتهم "أعداءها" بتأجيج الاضطرابات (فرانس برس)
+ الخط -
هددت السلطات الإيرانية دولاً في المنطقة، لم تسمّها، بأنها "لن تشهد أياماً سعيدة" في حال ثبوت تدخلها في الأحداث الأخيرة التي شهدتها إيران، على خلفية الاحتجاجات على رفع أسعار البنزين، في وقت أكّدت فيه السلطات الإيرانية أنّ قوات الحرس الثوري والمخابرات والشرطة والجيش شاركت في إخماد الاحتجاجات.

وفي إشارة إلى الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها بلاده أخيراً، قال إسحاق جهانغيري، النائب الأول للرئيس الإيراني، حسن روحاني، اليوم السبت، في لقاء بمقر وزارة الصناعة والمناجم والتجارة، إن "على بعض الدول في المنطقة أن تعلم أنه في حال وصولنا إلى خيوط تثبت تدخلاتها في الاضطرابات الأخيرة في إيران، فلن تشهد هذه الدول أياماً سعيدة"، مؤكداً أن "إيران ليست بلداً يتحمل مثل هذه السلوكيات".

وتوعد جهانغيري بـ"رد صارم" على من يثبت تدخلها في الأوضاع الأخيرة في إيران، مشيراً إلى أن "الأميركيين كانوا قد أكدوا، مع فرض العقوبات، أن الإيرانيين لن يشهدوا الذكرى السنوية الـ 40 لقيام الثورة الإسلامية"، في إشارة إلى تصريحات سابقة لمستشار الأمن القومي الأميركي السابق، جون بولتون.

وأضاف جهانغيري أن الولايات المتحدة "فشلت في تحقيق أهدافها وإخضاع إيران من خلال الحرب الاقتصادية"، متهماً إياها بـ"اللجوء إلى تدخلات مع دول إقليمية للضغط على إيران".

ولم يسمِّ المسؤول الإيراني دولاً بعينها في المنطقة، حين هددها بقلب أيامها أو الرد عليها "صارماً"، لكن عدداً من المسؤولين الإيرانيين، اتهموا خلال الأيام الماضية السعودية وإسرائيل والولايات المتحدة الأميركية بالسعي إلى ضرب أمن إيران واستقرارها خلال الاحتجاجات التي طاولت أكثر من 100 مدينة إيرانية، تعبيراً عن رفض رفع أسعار البنزين ثلاثة أضعاف، الذي دخل حيّز التنفيذ اعتباراً من الجمعة الموافق للخامس عشر من الشهر الجاري.

ووجهت تحليلات إيرانية أصابع الاتهام إلى دولة الإمارات أيضاً، لكن طهران امتنعت رسمياً عن توجيه الاتهام إليها، وذلك على ما يبدو للحفاظ على المسار الجديد الذي باتت تسلكه العلاقات الثنائية، حيث أصبحت تشهد تحسناً ملحوظاً خلال الأشهر الأخيرة، وفقاً لتصريحات إيرانية وأخرى إماراتية.

إلا أن المتحدث باسم "الحرس الثوري" الإيراني، رمضان شريف، اتهم الإمارات ودولاً أخرى مطلة على بحر قزوين بالضلوع في الأحداث الأخيرة، قائلاً: "السعوديون، وأحياناً الإماراتيون وأجهزة استخبارات حاولوا إيجاد اضطرابات أمنية في البلاد".

علما بأن هذه هي المرة الأولى التي تتهم إيران دولاً جارة لها، مطلة على بحر قزوين بالضلوع في الاحتجاجات، والمتحدث العسكري الإيراني لم يذكر في مقابلته مع وكالة "تسنيم" الإيرانية، دولة بعينها. لكن لا يستبعد أن يقصد شريف دولة آذربايجان التي تربطها علاقات جيدة مع إسرائيل والولايات المتحدة. وكانت مدينة تبريز مركز محافظة آذربايجان الشرقية في إيران، المجاورة لدولة آذربايجان من المدن التي احتجت على رفع أسعار البنزين خلال الأيام الماضية.

وكان روحاني قد أكد الأربعاء الماضي أن بلاده شهدت "أحداث شغب منظمة ومبرمجة ومسلحة"، متهماً ما سمّاها "الدول الرجعية" في المنطقة والصهيونية والولايات المتحدة الأميركية بالضلوع فيها "وفق مشروع مخطط له".

البحرين ترد


إلى ذلك، قال وزير خارجية البحرين، خالد بن أحمد آل خليفة، اليوم، وفق مقتطفات أوردتها خارجية بلاده عبر حسابها الموثق بـ"تويتر"، إن "دول مجلس التعاون الخليجي لم ولن تطلب تغيير النظام الإيراني"، متهماً طهران باستمرار تدخلها في شؤون دول عربية.

وأكد آل خليفة، أن "إيران لا تزال تتدخل في العراق ولبنان وسورية واليمن، وتحاول بسط همينتها"، وعادة ما تنفي طهران تلك التهم. وقال: "إننا في مجلس التعاون الخليجي كدول مسؤولة لم نقم يوماً بالمطالبة بتغيير النظام في إيران، ولن نفعل ذلك، ولم نتدخل يوماً في شؤونها الداخلية، ولن نفعل".

قلق إيراني من "نووي" الإمارات

وعلى الصعيد النووي، أعلن سفير إيران الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا، كاظم غريب آبادي، أن بلاده "قلقة جداً من أمن وأمان برنامج الإمارات النووي". وأكد غريب آبادي أن البرنامج النووي الإماراتي "مستورد بالكامل"، مضيفا أنه "لا يعتمد على القدرات المحلية"

عودة تدريجية للإنترنت والحرس الثوري ساعد بإخماد الاحتجاجات

وعلى الصعيد الداخلي، وفيما بات يسود الهدوء في المدن المحتجة، بدأت تعود خدمة الإنترنت تدريجاً إلى أنحاء إيران، بعد انقطاع تام استمر لأسبوع في تدبير غير مسبوق في البلاد في مواجهة الاحتجاجات واحتوائها.

واليوم السبت، بعدما نقلت وكالة "إيسنا" الطلابية الإيرانية عن مصدر مطلع في وزارة الاتصالات، إعادة الإنترنت إلى العاصمة طهران وعدد آخر من المدن الإيرانية الكبرى، تفيد التقارير الإعلامية بأن خدمة الإنترنت المنزلي بدأت تعود إلى طهران، على أن يستعيد الإيرانيون في أنحاء البلاد الاتصال بالإنترنت على الجوال اعتباراً من غد الأحد صباحاً.

ويأتي ذلك بعد أن أفادت السلطات الإيرانية بعودة الإنترنت إلى عشر محافظات إيرانية، اليوم السبت. وذكر موقع "نت بلاك" الدولي الذي يرصد أنشطة الإنترنت في العالم، بعد ظهر اليوم إن الإنترنت في إيران بات متوافراً بنسبة 70 في المائة.

وسبّب قطع الإنترنت خسائر كبيرة للإيرانيين، وفيما انقطع تواصلهم الافتراضي مع العالم الخارجي، تشير تقارير اقتصادية إلى أن الخطوة حمّلت البلاد أكثر من 350 مليون دولار يوميا كخسائر مالية.

ومن المقرر أن تبدأ الحكومة الإيرانية، مساء اليوم السبت، دفع المرحلة الثالثة من المساعدة النقدية لعشرين مليون إيراني آخر، بعدما دفعت المرحلتين الأولى والثانية خلال الاثنين والأربعاء الماضيين، لأربعين مليون إيراني.

وتقول الحكومة إن الهدف من رفع أسعار البنزين إيجاد موارد مالية لتوزيع مساعدات نقدية لـ75 في المائة من الإيرانيين، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، إلا أن الخطوة "المفاجئة" أثارت احتجاجات واسعة وغير مسبوقة تخللتها أعمال تخريبية واسعة، طاولت مئات البنوك والمتاجر والمؤسسات والدوائر الحكومية، عزتها السلطات الإيرانية إلى جهات مرتبطة بالخارج.

وخلفت الاحتجاجات قتلى وجرحى من المتظاهرين وقوات الأمن الإيرانية، من دون وجود أرقام رسمية عن عدد الضحايا. وتشير تقارير رسمية إلى مقتل 5 من قوات الشرطة والباسيج، وفيما لم تؤكد طهران إلا مقتل 5 من المتظاهرين، إلا أن مؤسسات دولية، مثل منظمة العفو الدولية، تتحدث عن مقتل أكثر من 110 محتجين، وسط أنباء عن اعتقال الآلاف.

وفي الصدد، أعلنت الشرطة الإيرانية أنه بعد تعاون الأجهزة الأمنية "أُلقي القبض على 180 فرداً من القادة الأساسيين لأعمال الشغب".

من جانب آخر، قال مسؤولون إن القوات الإيرانية وأفراداً من الحرس الثوري ساعدوا الشرطة في إخماد اضطرابات عنيفة في إقليم كرمانشاه قبل أيام، واتهموا "عملاء أميركيين" بالاندساس وسط المحتجين المسلحين، بحسب ما أوردته "رويترز". وذكرت منظمة "العفو الدولية" أن 30 شخصاً على الأقل قُتلوا في الإقليم الواقع غرب البلاد، ما يجعله الأكثر تضرراً جراء الاحتجاجات التي اندلعت على مدار الأيام الماضية بسبب ارتفاع أسعار البنزين وسقط خلالها أكثر من 100 قتيل على مستوى البلاد. وترفض إيران تلك الأرقام وتصفها بأنها "مجرد تكهنات".
ونقلت وكالة "فارس" عن رئيس دائرة القضاء في كرمانشاه، برويز توسلي زادة، قوله: "كل قوات الحرس الثوري والباسيج (شبه العسكرية) ووزارة المخابرات والشرطة والجيش شاركت بفاعلية في السيطرة على الموقف". وأضافت الوكالة أن توسلي زادة قال إن مثيري الشغب كانوا مسلحين "وواجهوا عناصر (الأمن)... وأحرقوا ممتلكات عامة".

ونقلت وكالة "تسنيم" شبه الرسمية للأنباء عن قائد الحرس الثوري في كرمانشاه، بهمن ریحاني، قوله: "مثيرو الشغب يتبعون الجماعات المعادية للثورة (المعارضة في الخارج) وأجهزة المخابرات الأميركية". ولم يذكر ريحاني تلك الجماعات بالاسم. وتعمل جماعات مسلحة كردية إيرانية منذ فترة طويلة في المنطقة المحاذية لحدود العراق من الإقليم.
وقال الحرس الثوري إن الهدوء عاد إلى أنحاء إيران يوم الخميس. وقال المتحدث باسم الحرس الثوري، رمضان شريف، إن عناصر مؤيدين لحكم الشاه يسعون لإعادة سلالة بهلوي، التي أطاحتها الثورة الإسلامية في 1979، إلى السلطة، هي التي أثارت الاحتجاجات، إضافة إلى جماعة مجاهدي خلق المسلحة المعارضة.
وأضاف أن مجموعات من "انفصاليين" شاركت أيضاً في ذلك، في إشارة على ما يبدو إلى فصائل عربية وكردية. ونقلت الوكالة عن شريف قوله أيضاً إن الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل "وأجهزة مخابراتها ساعدت في تأجيج تلك الأحداث لزعزعة الأمن في البلاد".

إلى ذلك، بعد انتهاء الاحتجاجات، تستمر المسيرات المضادة الداعمة للنظام في مدن إيرانية، ومن المقرر أن تشهد طهران مثلها بعد غد الاثنين، سيلقي فيها القائد العام للحرس الثوري الإيراني، الجنرال حسين سلامي كلمة، بحسب تقارير إيرانية رسمية.