كتل سياسية عراقية تتنصل من "وثيقة الإصلاح" المرفوضة بالشارع

بعد رفضها من الشارع... كتل سياسية عراقية تتنصل من "وثيقة الإصلاح"

21 نوفمبر 2019
الكتل السياسية تهاب نقمة الشارع (صباح ارار/ فرانس برس)
+ الخط -

لم يصمد الاتفاق الذي أعلنته كتل سياسية، أخيراً، لمنح الحكومة العراقية برئاسة عادل عبد المهدي، فرصة جديدة لتنفيذ الإصلاحات، أكثر من يومين، حيث تراجعت عدة كتل عنه، بينما تحاول الحكومة والكتل الداعمة لها الضغط بشأن إنفاذه.

وكانت 12 كتلة سياسية قد اجتمعت، مساء الإثنين الماضي، واتفقت على منح حكومة عبد المهدي فرصة لتنفيذ الإصلاحات بواقع 45 يوماً (لا تتجاوز نهاية العام الحالي)، معلنة دعمها الكامل للأجهزة الأمنية بتجنيب البلاد "هاوية الانزلاق إلى الفوضى".

غير أنّ المتظاهرين العراقيين أعربوا عن رفضهم لها، حيث نظم محتجون في العاصمة بغداد، أمس الأربعاء، فعالية كبيرة لحرق الوثيقة، تعبيراً عن رفضهم لها. كما خرجت، في الكوت مركز محافظة واسط، تظاهرات وصفت بغير المسبوقة في المدينة، وسط مشاركة طلابية واسعة مع قطع عدد كبير من الطرق الرئيسية، رفضاً للوثيقة، والتي اعتبرها المتظاهرون محاولةً لكسب الوقت لا أكثر.

وبعد يومين فقط، من إعلان الكتل السياسية عن الوثيقة، تنصّل منها كل من تحالف "النصر" بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، وتحالف "الإنقاذ والتنمية" بزعامة أسامة النجيفي، مؤكدين أنّهم غير ملزمين بها، زاعمين أنّهم كانوا قد وقعوا على صيغة غير الصيغة المقدمة، بينما يتوقع انسحاب كتل أخرى.

وقال عضو تحالف "الإنقاذ والتنمية" أثيل النجيفي، اليوم الخميس، إنّ تحالفه "حضر الاجتماع، لكنه لم يوقع على الاتفاق والمخرجات للكتل السياسية"، معتبراً أن "بيان الكتل غير ملائم وغير ملزم بالنسبة لنا". من جهته، قال رئيس كتلة "النصر" البرلمانية النائب عدنان الزرفي، في حديث متلفز، إنّ "المدة التي منحتها الكتل السياسية لرئيس الحكومة لا تشفي الدماء التي سالت في ساحات التظاهر"، مشيراً إلى أنّ "بعض الأطراف السياسية هددت الكتل النيابية بالفوضى، في حال رحيل رئيس الحكومة عادل عبد المهدي".

وتحاول الكتل السياسية الداعمة للحكومة، إلزام الكتل الخارجة عن الاتفاق، بتنفيذه، محاولة الربط بين بنوده ورؤية المرجعية الدينية.

ووفقاً لقيادي بارز في تحالف "سائرون"، فإنّ الاتفاق الموقّع لم يعد يدعمه سوى ائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، و"الفتح" بزعامة هادي العامري، و"عطاء" بزعامة فالح الفياض، إضافة إلى تيار "الحكمة" بزعامة عمار الحكيم، راعي الاتفاق الذي جرى بمنزله.

وأوضح القيادي الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الكتل الأخرى بدأت تتنصل من الاتفاق، بسبب رد فعل الشارع الغاضب عليه ومحاولتها البقاء بعيداً عن سهام المتظاهرين الموجهة ضد جميع القوى السياسية"، وفقاً لقوله، متهماً "الحزب الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود البارزاني، بأنّه يبتز الحكومة في الدعم الذي يقدمه لها مقابل الحصول على مكاسب مالية وإدارية مختلفة لإقليم كردستان، على حساب بغداد.

في المقابل، قال النائب عن تحالف "الفتح" (الجهة السياسية الممثلة للحشد الشعبي) عامر الفايز، لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، إنّ "الاتفاقيات الأخيرة التي نتجت عن اجتماعات القادة السياسيين، لا يمكن الانقلاب عليها"، مضيفاً أنّ "تلك الاتفاقيات متماشية مع رؤية المرجعية الدينية، ومع الكثير من مطالب الإصلاح التي تطالب بها الجماهير المنتفضة، لذا فإن الانقلاب عليها غير ممكن"، وفقا لقوله.

وأكد أنّ "الإجراءات التي تحتاج إلى تشريعات يجب أن تأخذ المسار التشريعي، أما الأخرى كالتعديل الوزاري فبإمكان رئيس الحكومة إقالة الوزراء والتصويت عليهم، ومن ثم يأتي بوزراء جدد، ليتم التصويت عليهم، وأن الكتل السياسية فوضت عبد المهدي بذلك". وشدد على "ضرورة أن يبدأ عبد المهدي بعمله من الآن لاختيار الشخصيات التي تتناسب مع المرحلة، وترضي الجميع".


ويرى مراقبون أنّ تراجع بعض الكتل السياسية عن الاتفاق، كشف عن تنامي قوة الشارع العراقي ومدى تخوف هذه الكتل من رأيه.

وأوضح الخبير بالشأن العراقي أحمد الحمداني، لـ"العربي الجديد"، أنّ "التنصل أو الالتفاف على الاتفاق الموقّع من قبل عدة كتل، جاء بعد ساعات من رد المتظاهرين العنيف"، مضيفاً "عملياً صار الشارع محرّكاً لآراء ومواقف الكتل، والجميع يستجدي رأيه، وأجد أنّ أي كتلة ستفكر كثيراً قبل الإقدام على توقيع أي وثيقة أو اتفاق سياسي، خوفاً من أنها لن تكون بحسابات الانتخابات المقبلة في الشارع".