أميركا تستعرض قوتها العسكرية قبالة إيران لطمأنة حلفائها

أميركا تستعرض قوتها العسكرية قبالة إيران لطمأنة حلفائها

21 نوفمبر 2019
حاملة الطائرات الأميركية تعبر مضيق هرمز (Getty)
+ الخط -

يُشكّل عبور حاملة الطائرات الأميركية "أبراهام لينكولن" والمجموعة المرافقة لها مضيق هرمز هذا الأسبوع، خطوة إضافية في جهود واشنطن لإبراز حضورها العسكري في الشرق الأوسط وطمأنة حلفائها، حسبما يرى خبراء ومسؤولون.


وفي استعراض للقوة، عبرت حاملة الطائرات والسفن الأخرى المضيق الاستراتيجي على الرغم من أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، رأى في تغريدة الشهر الماضي أن الانخراط في الشرق الأوسط كان "أسوأ قرار في تاريخ الولايات المتحدة".


ومنذ ذلك الحين، قامت القوات الأميركية بعدة خطوات لتأكيد دورها التاريخي في المنطقة التي تقيم فيها واشنطن علاقات وطيدة منذ عقود. فقد أجرت تمارين ضخمة وأعلنت عن زيادة عديد جنودها وأنشأت تحالفا بحريا مقرّه البحرين لحماية خطوط الملاحة في المياه المضطربة. وبحسب وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، يعود آخر عبور لحاملة طائرات أميركية لمضيق هرمز إلى إبريل/ نيسان.
 
وقال أندرياكس كريغ، الباحث المتخصّص في شؤون الشرق الأوسط في "كينغز كولدج" البريطانية إن "استعراض القوة هذا يعكس الفجوة بين الضمانات الأميركية الشفوية في المنطقة، وغياب الأفعال على الأرض". وأضاف "أنها محاولة يائسة لطمأنة الحلفاء في الخليج العربي".

رسالة حزم
لأكثر من سبعة عقود، لعبت الولايات المتحدة دورين محوريين في المنطقة التي تعصف بها الحروب: شرطي الشرق الأوسط وحارس الأنظمة الملكية الحاكمة في الخليج ضد الأخطار الخارجية والإقليمية، وفي مقدمها إيران. لكن ترامب بدا مؤخّرا من خلال تغريدته وتصريحاته الداعية حكّام الخليج لدفع أموال مقابل الحماية الأميركية، وكأنه يقترح إعادة رسم استراتيجية الانخراط الأميركي هذه، التي ولدت على متن بارجة أميركية في 1945 خلال لقاء بين الملك السعودي عبد العزيز بن سعود والرئيس الأميركي فرانكلين دي روزفلت.

وصدرت هذه المواقف المثيرة للجدل في وقت تصاعد فيه الخلاف مع إيران. فمنذ مايو/ أيار، تشهد المنطقة توترا متصاعدا على خلفية هجمات غامضة ضد ناقلات نفط، وضربات بطائرات مسيّرة وصواريخ ضد منشآت شركة "أرامكو" النفطية السعودية. وقد أُلقي باللوم على إيران، التي نفت أي دور لها.

لكن على الرغم من هذه الحوادث، وبينها إسقاط طائرة مسيّرة أميركية، تجنّبت الولايات المتحدة الرد بالمثل. ورأى كريغ أنّ إرسال حاملة الطائرات عير مضيق هرمز "يوجّه بالتأكيد رسالة حزم وقوة بعد أشهر من أعمال التصعيد الإيرانية التي أهانت الولايات المتحدة".

ووفقا للبحرية الأميركية، فإن عبور مجموعة حاملة الطائرات المضيق الاستراتيجي الذي يفصل بين إيران والإمارات باتجاه الخليج ويبلغ عرضه 50 كيلومترا، كان مقررا مسبقا وتم من دون أي حوادث.

تهديد ملموس
رغم عدم حماسة ترامب، لا تزال الولايات المتحدة تحتفظ بنحو 60 ألف جندي في المنطقة والعديد من القواعد وبينها مقر الأسطول الخامس في البحرين. وقالت وزارة الدفاع الأميركية إنها بصدد إرسال آلاف الجنود إلى السعودية لحمايتها من التصرفات الإيرانية "المزعزعة للاستقرار"، للمرة الأولى منذ مغادرتها في 2003.

واعتبر الخبير في شؤون الدفاع في الشرق الأوسط، ألكسندر ماتريسكي، أن "من المؤكد أن الولايات المتحدة لن تغادر الخليج. حتى في ظل إدارة ترامب التي فصلت بين البرنامج النووي الإيراني وأمن الخليج، فإن التواجد الأميركي المستمر في المنطقة أمر منطقي". وأوضح "على الولايات المتحدة أن تحافظ على تهديد ملموس لإيران".

وفي بداية الشهر الحالي، استضافت القوات الأميركية مجموعة من الصحافيين في قاعدة في البحرين، لحضور تمرين عسكري شاركت فيه أكثر من ستين دولة على بعد كيلومترات من إيران. ونُقل الصحافيون في مروحية "بلاك هوك" إلى متن سفينة بريطانية لحضور تدريب على تتبّع الألغام وتفكيكها.

وبعد يومين، من ذلك، شارك مسؤولون عسكريون أميركيون وغربيون وخليجيون رفيعو المستوى في إطلاق تحالف بحري للتصدّي للهجمات في الخليج.

خروج من المافيا
حمل كلا الحدثين بحسب المسؤولين الأميركيين رسالة واحدة. وأوضح قائد التحالف المولود حديثا، الفين هولسي، خلال حفل الإطلاق في البحرين "التزامنا في المنطقة ليس قصير الأمد، بل مستمر. سنعمل ما دام هناك حاجة لنا، وما دام التهديد في البحر مستمرا".

وحتى مع خروج الولايات المتحدة من النزاع السوري وابتعادها عن حلفائها الأكراد، فإنّ من غير الممكن أن ينتهي الدور الأميركي في المنطقة الغنية بموارد الطاقة وزبائن السلاح بين ليلة وضحاها.


ورأى المدير العام السابق لوكالة الاستخبارات الأميركية، الجنرال ديفيد بترايوس، أنّ العلاقة بين واشنطن والشرق الأوسط أشبه بالعلاقات داخل العصابات الإجرامية. وقال في إحدى جلسات مؤتمر "قمة بيروت إنستيتيوت" السياسي بالعاصمة الإماراتية الشهر الماضي إن "محاولة الخروج من الشرق الأوسط مثل محاولة مايكل كورليوني مغادرة المافيا. يمكن أن نتفهّم السبب وراء ذلك، لكننا نعلم أن تحقيق ذلك مستحيل".

وأوضح بترايوس "يمكنك أن تحاول، لكن سيتم استدعاؤك مجددا (...). وفي واقع الأمر، لا يمكن لأحد أن يحل مكاننا".

(فرانس برس)