لعبة دستور سورية

لعبة دستور سورية

03 نوفمبر 2019
أُسقطت السلال الأربع التي قدمها دي ميستورا(فابريس كوفريني/فرانس برس)
+ الخط -

يشير تشكيل اللجنة الدستورية بالطريقة التي تمّ بها إلى أن المزاج الدولي العام تجاه القضية السورية لا يزال يسير باتجاه إعادة إنتاج نظام الأسد، وإجهاض الثورة السورية بشكل كامل، وأن هذه اللجنة ما هي إلا واحدة من سلسلة إجراءات تم تنفيذ قسم منها عبر مسارات أستانة وجنيف، واتفاقات سوتشي، وتُستكمل الآن من خلال موضوع اللجنة الدستورية الذي تم تقديمه على موضوع تشكيل هيئة الحكم الانتقالي، فيما لم يعرف بعد الفترة الزمنية التي سيستغرقها إنجاز دستور سورية المفترض، بالتوازي مع استمرار النظام بدعم من روسيا باعتماد الحل العسكري وقضم المزيد من مناطق سيطرة المعارضة.

 

وتشبه لعبة مسار جنيف من خلال اللجنة الدستورية، إلى حد بعيد لعبة أستانة، أو تبدو وكأنها الوجه السياسي للعبة أستانة التي تم تنفيذها بطابع عسكري، والتي تمّ من خلالها تحت اسم تخفيف التصعيد ووقف إطلاق النار، تمكين النظام من الاستيلاء على كل مناطق المعارضة في جنوب سورية، وفي الغوطة الشرقية، وريف حمص الشمالي. كما تم استكمال العملية العسكرية من خلال اتفاقات سوتشي التي تم خلالها تمكين النظام من السيطرة على كل ريف حماة الشمالي وجزء من ريف إدلب الجنوبي.

 

وبالتوازي مع مسار أستانة واتفاقات سوتشي كانت الدول المتحكمة بالقضية السورية وتدعي دعمها للثورة السورية تضغط على المعارضة تحت اسم الواقعية السياسية، من أجل تقديم تنازلات سياسية في موضوع التفاوض مع النظام وتشكيل الهيئة العليا للمفاوضات، من خلال دفع عدد من أعضاء الهيئة الذين لا يستطيعون تقديم تنازلات سياسية إلى تقديم استقالتهم، إذ تم استبدالهم بأعضاء مهادنين يقبلون بفكرة الواقعية السياسية، ومن خلال إجبار الهيئة على إدخال عدد من المنصات التي تم تصنيعها من قبل دول حليفة للنظام إلى جسم الهيئة والتعاطي معها على أنها جزء من المعارضة التي ستفاوض النظام. كما سكت الجميع عن مماطلة النظام طوال السنوات الماضية خلال مفاوضات جنيف، وتمييع آلية الحل التي اقترحها المبعوث الأممي السابق لسورية ستيفان دي ميستورا والتي عُرفت بالسلال الأربع، والتي كان أول بنودها تشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات، وصولاً إلى تقديم بند الدستور على بند هيئة الحكم الانتقالي، وتشكيل لجنة دستورية تحولت اجتماعاتها الأولى إلى مسرحية استعرض فيها كل طرف اتهاماته للأطراف الأخرى، ولتدخل هذه اللجنة ضمن سلسلة المماطلات التي يجيدها النظام ببراعة إلى حين تحقيق أهدافه عسكرياً.