سورية: تعثُّر اتفاق تل تمر يُحيي سباق السيطرة عليها

سورية: تعثُّر اتفاق تل تمر يُحيي سباق السيطرة عليها

19 نوفمبر 2019
تسيطر "قسد" على تل تمر حالياً (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -
تراجعت "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) التي تشكّل الوحدات الكردية ثقلها الرئيسي، عن اتفاق مع الجانب الروسي يقضي بتسلّم الأخير مدينة تل تمر ذات الحضور الديمغرافي السرياني في ريف الحسكة، في وقت أعلن فيه "الجيش الوطني" السوري التابع للمعارضة والمدعوم من الجانب التركي سيطرته على الطريق الذي يربط تل تمر بمدينة الحسكة، ما يؤكد نيّة هذا الجيش الاستمرار في زحفه للسيطرة على المدينة التي تنبع أهميتها لأطراف الصراع في منطقة شرق نهر الفرات من كونها عقدة طرق هامة في الشمال الشرقي من سورية.

وتحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن فشل الاتفاق الذي أُبرم الأحد بين "قسد" من جهة، وبين الجانب الروسي من جهة أخرى، الذي كان يقضي بتسلُّم الأخير لمدينة تل تمر، للحيلولة دون وقوعها بيد فصائل "الجيش الوطني" التابع للمعارضة والمدعوم من الجيش التركي. وما أكد ذلك، اندلاع اشتباكات "عنيفة" مساء الأحد، بين "قسد" والفصائل الموالية لتركيا، بعد هجوم نفذته الفصائل على قرى العريشة والمحمودية والقاسمية في ريف تل تمر الشمالي، ترافقت مع قصف متبادل. وأشار المرصد السوري إلى أن الباب لا يزال مفتوحاً أمام إجراء جولة تفاوض جديدة بين الروس و"قسد" حول مصير مدينة تل تمر.

في المقابل، نفى المتحدث الرسمي باسم "قسد" كينو غابرييل، الأنباء عن اتفاق بين روسيا وتركيا "وقسد" حول مدينة تل تمر والطريق الدولي (إم 4) لوقف إطلاق النار على ذلك المحور وتسليم الطريق الدولي للشرطة العسكرية الروسية وقوات النظام السوري. وأشار في بيان إلى أن الجيش التركي والفصائل الموالية له "ما زالت تشنّ أعنف الهجمات على قرى مدينة تل تمر، ولم تلتزم في أي لحظة اتفاق وقف إطلاق النار"، وفق بيان. لكن مصادر مطلعة أكدت لـ"العربي الجديد" أن "قسد" تراجعت عن الاتفاق مع الجانب الروسي، مرجحة أن عدم الرضى الأميركي عن الاتفاق وراء هذا التراجع.

وكانت مصادر كردية مطلعة قد ذكرت الأحد أن الطرفين التركي والروسي توصلا إلى اتفاق يقضي بتسليم مدينة تل تمر للقوات الروسية، لتخضع لوصايتها، لتنتشر فيها قوات النظام والروس. وذكر المرصد السوري نقلاً عن مصادره أن الاتفاق "ينص على انسحاب الفصائل الموالية لتركيا من بعض القرى حتى الحد الأخير لرأس العين، وكذلك الانسحاب من الطريق الدولية إم 4، وانتشار قوات النظام في تلك المناطق".

وقال بسام إسحق، عضو الهيئة الرئاسية والرئيس المشترك لممثلية "مسد" (المجلس السياسي لقسد) في واشنطن، في حديث مع "العربي الجديد": "لا يوجد خيار روسي لتل تمر". وكشف أنه "حتى اليوم لم يتحاوروا (الروس) مع المجلس العسكري السرياني أو قسد حول الوضع في تل تمر"، مضيفاً: "المجلس العسكري السرياني جزء من قسد، وأي اتفاق يجريه حول تل تمر سيكون عبرها".

وتكتسب البلدة الواقعة في ريف الحسكة أهميتها الاستراتيجية من كونها تُعد عُقدة طرق، إذ تمر منها طريق الحسكة - رأس العين. وتتفرع منها الطريق الدولية "إم 4" الممتد من حلب إلى مدينتي الحسكة والقامشلي. وتقع البلدة إلى الشمال من مدينة الحسكة بنحو 40 كيلومتراً، وإلى الشرق من مدينة رأس العين بنحو 35 كيلومتراً، وتبعد أقل من 30 كيلومتراً عن الحدود السورية التركية. ديمغرافياً، تكتسب تل تمر أهميتها من الحضور السكاني السرياني (المسيحي) في المدينة وريفها. كذلك تنتشر قرى آشورية على الطريق الواصلة بين تل تمر ورأس العين، وهي تل طويل، تل جمعة، تل كيفجي وتل قريبط. وينتشر السريان على طول الخط الحدودي لمحافظة الحسكة مع تركيا والعراق، وفي مدينة الحسكة، فضلاً عن مدينة تل تمر وقراها.


في موازاة ذلك، أكد "الجيش الوطني" أمس سيطرته على طريق تل تمر الحسكة، وفق بيان نشره على معرفاته الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعي. ومن الواضح أن هذا الجيش ماضٍ في حملته باتجاه مدينة تل تمر في إطار عملية عسكرية لا تزال مستمرة، على الرغم من الاتفاق الروسي التركي في 22 من الشهر الماضي الذي نصّ على أن الشرطة العسكرية الروسية ستُخرج عناصر "قسد" وأسلحتهم حتى مسافة 30 كيلومتراً من الحدود التركية شرق الفرات.

وفي السياق، سيّر الجانبان التركي والروسي أمس الاثنين دورية مشتركة جديدة في ريف منطقة عين العرب في الريف الشمالي الشرقي لمدينة حلب وفق الاتفاق بين موسكو وأنقرة الشهر الماضي حول منطقة شرق نهر الفرات. وذكر المرصد السوري أن دورية جابت أمس الريف الشرقي لمدينة عين العرب (كوباني) للمرة الثالثة منذ مطلع الشهر الحالي، مشيراً إلى أن الدورية المؤلفة من 4 آليات روسية، ومثلها تركية، بدأت من قرية مرج اسماعيل، زاعماً أنّ عناصر الدورية أطلقوا قنابل مسيلة للدموع على تجمّعات الأهالي المحتجة عند قرية عين البط.

وكان خمسة مدنيين بينهم امرأة قد جُرحوا بإطلاق نار من الجيش التركي الثلاثاء الماضي، على محتجين حاولوا اعتراض الدورية العسكرية الروسية-التركية المشتركة قرب عين العرب. وسيّر الجانبان التركي والروسي 8 دوريات مشتركة في منطقة شرق نهر الفرات مطلع شهر نوفمبر/تشرين الثاني الحالي في ريفي حلب والحسكة.

إلى ذلك، سيطرت فصائل "الجيش الوطني" السوري على صوامع الحبوب في منطقة الشركراك في ريف الرقة الشمالي بعد معارك ضارية مع "قسد". وتضمّ هذه الصوامع قسماً كبيراً من إنتاج شرقي نهر الفرات من الحبوب، وهي من أهم الصوامع في محافظة الرقة. وتعد منطقة شرقي نهر الفرات سلّة غذاء السوريين، إذ تنتج القسم الأكبر من محاصيل القمح والشعير والقطن وفول الصويا والعدس.
وأكد المرصد السوري أن القوات التركية والفصائل الموالية لها بسطت سيطرتها على صوامع شركراك في ريف عين عيسى شمال مدينة الرقة، زاعماً أن الفصائل "استغلت انسحاب قسد من الصوامع نتيجة اجتماع الروس مع الأتراك عند مغيب شمس الأحد، فاستقدمت آليات ثقيلة وتعزيزات عسكرية ولوجستية إلى الصوامع التي كان من المفترض أن تسلم لروسيا"، وفق المرصد.