تسريبات التغول الإيراني بالعراق: "واقعية" وجرعة إضافية لغضب المحتجين

تسريبات التغول الإيراني في العراق: "واقعية" وجرعة إضافية لغضب المحتجين

18 نوفمبر 2019
التسريبات تمنح زخماً للتظاهرات (حسين فالح/ فرانس برس)
+ الخط -
جاءت ردود فعل مسؤولين وخبراء عراقيين في بغداد بعد التسريبات الصحافية الأميركية بشأن حجم التغول الإيراني في العراق، وتجنيدها رؤساء حكومات ووزراء في تنفيذ أجندتها، لتؤكد أن "جزءا كبيرا منها واقعي ومعروف بالوسط السياسي"، ما يعطي المحتجين جرعة جديدة من الغضب والسخط على العملية السياسية بأكملها في البلاد، في ظل قضاء عاجز عن فتح تحقيق مع الذين وردت أسماؤهم.

وكشف موقع "إنترسبت" وصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، الأحد، عن وثائق استخباراتية إيرانية سرّية توضح حجم التغول داخل مؤسسات الحكم في العراق، تتضمن تخادم مسؤولين عراقيين كبار بينهم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي والحالي عادل عبد المهدي، ووزراء ومسؤولون وضباط أمن وبرلمانيون وقيادات سياسية لصالح إيران على حساب مصلحة العراقيين وسيادة البلاد، فضلا عن التغلغل الاستخباري الإيراني في العراق، ونفوذ قرار الحرس الثوري الإيراني داخل العراق تورطه بجرائم وانتهاكات ذات أبعاد طائفية.
مسؤول عراقي رفيع في بغداد قال في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "جزءا كبيرا من التسريبات واقعي ومعروف بالوسط السياسي"، مبينا أن القوى السياسية العراقية بشكل عام تعتقد إن الإدارة الأميركية أعطت الضوء الأخضر لتسريب معلومات ووثائق تمتلكها للصحافة بسبب تردي العلاقة بين واشنطن والحكومة الحالية.
وفيما اعتبر أن "القضاء العراقي غير مؤهل لاستدعاء أو فتح تحقيق بالتهم والمعلومات الواردة رغم أن قسما كبيرا منها يدخل ضمن جرائم الخيانة العظمى التي تستوجب الإعدام"، شدد على أن "التسريبات أعطت جرعة غضب وسخط جديدة للشارع الناقم أصلا على كل الطبقة السياسية ويشعر أنهم أهانوا العراق وقللوا من قيمته".
من جهته، قال النائب قصي الياسري، عن تحالف "سائرون"، الذي يقوده زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، لـ"العربي الجديد"، إن "العراق وصل لهذه المرحلة بسبب التدخلات الخارجية"، مشددا على أن "الكل لديه قناعة تامة بأن هناك تدخلا من أطراف إقليمية ودولية، بالشأن العراقي والقرار في العراق ليس مستقلا".
وبين الياسري أن "توقيت نشر هذا التقرير فيه أكثر من رسالة وأكثر من غاية، فأين كانت الصحف الأميركية خين نشرت معلومات كهذه في السنوات السابقة، فالأميركان يسعون إلى خلق فوضى في العراق أكثر مما هي موجودة حاليا، من أجل تدويل القضية العراقية". وشدد أن "على الادعاء العام العراقي، فتح تحقيق بالمعلومات التي جاءت في التقرير".


بدوره، أكد عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، بدر الزيادي، في اتصال مع "العربي الجديد"، أن "لجنة الأمن والدفاع، ستفتح تحقيقا بالموضوع كونها قضية أمن وطني، ونحقق بالمعلومات التي نشرت في التقرير، لمعرفة صحتها من عدمها وفق نتائج التحقيقات".
وأضاف الزيادي أن "هذا التقرير سوف يتم بحثه ودراسته من قبل رتب عسكرية عالية، معنا في لجنة الأمن والدفاع، ومستشارين لفتح التحقيق، فهذه معلومات خطرة جداً، كما سيتم أيضا استضافة وربما استجواب الأسماء التي ذكرت في التقرير من أجل التحقيق معها للوصول إلى معلومات دقيقة".
من جانبه رأى رئيس "مركز التفكير السياسي" إحسان الشمري أن "هذا التقرير، سيكون عاملا إضافيا في إصرار المنتفضين على إبعاد كامل الطبقة السياسية، وخصوصاً الجهات التي مازالت تتمسك بمعادلة قد تكون قريبة إلى إيران".


وقال الشمري، لـ"العربي الجديد"، إن "التقرير قد يعزز القناعات لدى آخرين لم يلتحقوا في ساحات الاحتجاج والتظاهر، وقد نشهد تصاعدا، وهذه التسريبات سيكون لها أثر كبير أيضا على المرجعية الدينية، خصوصاً بعدما شددت في آخر خطبة لها على ضرورة المضي نحو انتخابات لا يتم من خلالها اختيار هذه الأحزاب أو الشخصيات التي هيمنت على القرار طيلة السنوات الماضية".
وأضاف أن "الرفض والاستياء والهتافات ضد إيران سوف تتعزز خلال الساعات القادمة والأيام القادمة، خصوصاً أن التقرير كشف عن وجود شخصيات مهمة لديها ارتباطات وثيقة مع الحرس الثوري وجهات وشخصيات إيرانية، فالمصدر والقرار والسيادة العراقية على المحك، فلا يمكن القبول بمثل هكذا تواجد شخصيات على القرار العراقي".

بالمقابل، قال الخبير بالقانون طارق حرب، لـ"العربي الجديد"، إنه "على ضوء التقرير ممكن اتخاذ إجراءات قانونية وفتح تحقيق وإلقاء القبض، لكن هناك صعوبة في الإثبات والأدلة".
وتابع أن "ما ورد في الصحيفة، ليس دليلاً كاملاً للحكم، فالقضاء يريد أدلة أخرى كشهادات، وهذه لم ولن تتوفر بسبب أن الجهات والشخصيات المذكورة هي الجهات الحاكمة حالية".
وأوضح أنه "يمكن للقضاء العراقي طلب الوثائق من الصحيفة، لكنها أيضا غير كافية، والوثائق يمكن أن تؤثر إعلاميا وسياسيا، لكن لا تؤثر جزائيا، فلا يمكن إصدار حكم بالاستناد إلى الوثائق فقط، فهو بحاجة إلى دليل آخر يقوّيه"، مرجحا أن تنفي "الأطراف والجهات العراقية وحتى الإيرانية ما ذكر من أقاويل أو حتى الوثائق".

من جهته، أصدر الوزير العراقي السابق، باقر جبر صولاغ، المتهم بجرائم وانتهاكات طائفية في العراق خلال توليه وزارة الداخلية بين عامي 2006 و2010، بيانا قال فيه إن "ما ورد في تقرير صحيفة النيويورك تايمز الأميركية والذي يتضمن معلومات ناقصة أبلغ مكتبنا الصحيفة بها قبل النشر حيث اتصل مراسل الصحيفة فالح حسين وهيب، بمدير مكتب الزبيدي مستفسرا عن وثائق حصلوا عليها وتم الرد عليهم وتزويدهم بالحقائق".
وأضاف البيان الذي نشرته وسائل إعلام محلية عراقية أن "ذلك تم في لقاء خاص بتاريخ 14 / 11 /2019 وإيضاح أن اتفاقية عبور الطائرات عبر الأجواء العراقية تمت قبل تسلم الزبيدي الوزارة وكانت تخضع للتفتيش الأميركي بشكل دوري، وكانت تنقل المساعدات الانسانية من غذاء ودواء للشعب السوري وهو ما نشرته الصحيفة في تقريرها"، مستدركا بالقول إن "وسائل الإعلام المغرضة تقوم بنقل التقرير دون رد الزبيدي على مراسل الصحيفة".
وأكمل: "أما فيما يخص موضوع وزارة الداخلية فإن المهندس الزبيدي عرض في وقتها وأمام وسائل الإعلام وثائق تكشف زيف موضوع التعذيب، وأن الاسماء التي وردت فيه هي أسماء قادة في تنظيمات إرهابية قتلوا اثناء مواجهات مع القوات الأمنية"، مبينا: "حيث كانت هناك لجنة مشكلة من قبل رئيس مجلس القضاء الاعلى مدحت المحمود وبرئاسة القاضي فائق زيدان للتدقيق في ملفات الإرهابيين الفعلية، وكان التحقيق النهائي يشير إلى وجود 171 ملفا كلها مطابقة للقانون وكان التحقيق تحت إشراف القضاء".