هل يطيح الشعب "النصرة"؟

هل يطيح الشعب "النصرة"؟

17 نوفمبر 2019
غضب بين أهالي كفرتخاريم من "الهيئة"(عمر حج قدور/فرانس برس)
+ الخط -
لم تكن قصة سرقة زيت أهالي مدينة كفرتخاريم في ريف إدلب الشمالي، تحت اسم الزكاة، من قبل حكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام (النصرة) هي السبب الوحيد لانتفاضة أهالي المدينة ضد ممارسات "الهيئة"، لكنها كانت السبب المباشر والمستفز الذي أشعل الانتفاضة ضدها. كما أن كفرتخاريم ليست المدينة الوحيدة التي ضاقت ذرعاً بـ"الهيئة" وحكومة الإنقاذ التابعة لها. فقد سبقتها مدن عدة كمعرة النعمان وسراقب وكفرنبل وغيرها من المناطق التي شهدت صدامات مسلحة مع عناصر "الهيئة" بسبب ممارساتها، فيما شهدت مدن أخرى تظاهرات ووقفات احتجاجية ضدها مثل بنش ومدينة إدلب وغيرها الكثير من البلدات التي كانت صامتة على ممارسات "الهيئة" بسبب وجود أولوية أهم هي مواجهة النظام، وتسويق "النصرة" لنفسها كحامي المحافظة من محاولات قوات الأسد السيطرة عليها. إلا أنّ المعارك الكيفية التي خاضتها "الهيئة" ضد النظام وانسحابها من بعض المناطق ومنع فصائل المعارضة المسلحة الأخرى من الاشتراك في المعارك، أسقطت ذرائعها وأظهرتها كقوة أمر واقع همها الوحيد السيطرة على المنطقة والتحكم بالمدنيين فيها من خلال أحكام متشددة لا تتناسب مع طبيعة السكان. وساهمت مجموعة من العوامل في زيادة حدة التذمر الشعبي من ممارسات "الهيئة"، أهمها انقلاب مواقفها السياسية بحسب الظرف. فمرة تطلق شعارات معادية للتدخل الأجنبي خصوصاً التركي، ومرة تتحول إلى التنسيق مع الجانب التركي بتنفيذ تفاهماته مع الروس وتمكين النظام من السيطرة على ريف حماة الشمالي وجزء من ريف إدلب الجنوبي. ويضاف إلى ذلك استحواذها على مصادر التجارة وتحصيل إتاوات من التجار على كل العمليات التجارية وعملها كوكيل حصري لبعض السلع المهمة.

لكن العامل الأهم كان بتجارتها بالخدمات المقدمة للمواطنين وتحكمها بأسعارها، بالإضافة إلى تحول حكومة الإنقاذ التابعة لها إلى أداة لتأمين مصادر تمويل ذاتية لـ"الهيئة" من خلال المواطنين. إذ حولت معظم العقوبات التي تترتب على الجنح والجرائم إلى غرامات مالية. كما اخترعت غرامات جديدة وعالية على حفلات الأعراس مثلاً ضمن صالات عامة أو بيع ونقل الدخان من قبل تجار التجزئة. علماً أن تجار الجملة يشترونه ويبيعونه بشكل نظامي. إضافة إلى ذلك، فرضت الهيئة تسجيل جميع الآليات في المحافظة لديها في مقابل مبالغ مادية بما فيها السيارات المسجلة بشكل نظامي.

هذه الممارسات وغيرها، بالإضافة إلى القوة المفرطة التي تستخدمها "الهيئة" في قمع من يخالفها، ربما يدفع إلى انتفاضة عامة قد تحقق ما عجزت عنه الدول المتدخلة بالشأن السوري، وهو إطاحة هيئة تحرير الشام إلى الأبد.

المساهمون