النظام السوري وروسيا يكثفان هجوم إدلب: تمهيد لتقدّم بري؟

النظام السوري وروسيا يكثفان هجوم إدلب: تمهيد لتقدّم بري؟

15 نوفمبر 2019
من قصف قوات النظام في إدلب (عز الدين إدلبي/الأناضول)
+ الخط -

واصلت قوات النظام السوري بمشاركة من الطائرات الحربية الروسية قصف مناطق مختلفة في محافظة إدلب، شمالي غرب سورية، بينما تدور اشتباكات على محاور عدة في ريف إدلب الجنوبي، وفي ريف اللاذقية الشمالي، وسط محاولات مستمرة من قِبل قوات النظام للتقدّم في المنطقتين، من دون أن يتضح ما إذا كانت هذه المحاولات تعكس قراراً باستئناف العملية العسكرية البرية التي كانت قد توقفت رسمياً بموجب اتفاق الهدنة، نهاية أغسطس/ آب الماضي، أم هي مجرد محاولات للضغط وتحسين التموضع الميداني لقوات النظام. وفي الوقت نفسه، يشهد شرقي البلاد تحركات مستمرة للقوتين الرئيسيتين، الولايات المتحدة وروسيا، إذ تسارع روسيا إلى السيطرة على أي مواقع تخليها القوات الأميركية، بينما تعمد الأخيرة إلى تركيز انتشارها في مناطق إنتاج النفط مبتعدة قدر الإمكان عن جبهات الصراع والاشتباكات، بعدما أعلنت أنها ستُبقي في النهاية نحو 600 من جنودها في سورية، لهذا الغرض بشكل رئيسي.

وقُتلت امرأة وجرح عدد من المدنيين جراء قصف قوات النظام على ريف إدلب الجنوبي الغربي. وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، إن المرأة قتلت وأصيب رجل وامرأة من العائلة ذاتها جراء قصف مدفعي من قوات النظام على منازل المدنيين في قرية مرج الضّهر في جسر الشغور بريف إدلب الجنوبي الغربي. كما قصفت الطائرات الحربية الروسية مناطق في قرى معرة الصين وأرينبة وأم الخلاخيل، شرق مدينة معرة النعمان، بريف إدلب الجنوبي الشرقي، وذلك تمهيداً لهجوم شنّته قوات النظام على محور تل دم في ريف إدلب الشرقي. وقالت مصادر من المعارضة السورية المسلحة إن الأخيرة تمكنت من صدّ هجوم النظام وأوقعت خسائر بشرية في صفوف القوات المهاجمة، مشيرة إلى أنه الهجوم الثاني لليوم الثاني على التوالي من المحاور الشرقية والجنوبية الشرقية لريف إدلب.

وذكرت "الجبهة الوطنية للتحرير" عبر معرفاتها في مواقع التواصل، أنها أفشلت محاولة تقدّم لقوات النظام على محور تل دم، معلنة مقتل وإصابة عدد من عناصر تلك القوات، وهو ما أدى إلى إحباط الهجوم. وأفادت "الجبهة" بأن مقاتليها دمروا عربة "بي أم بي" لقوات النظام على محور كفريدون، بعد استهدافها بصاروخ مضاد للدروع، كما استهدفوا تجمّعات قوات النظام على محور لويبدة في الريف الشرقي بقذائف المدفعية الثقيلة.

وأعلنت "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، استهدافها قوات النظام في المنطقة ذاتها بصواريخ الفيل، ما أدى إلى سقوط مجموعة كاملة منها بين قتيل وجريح، فيما علق عدد من عناصر النظام تحت أنقاض أحد الأبنية الذي يتمركزون فيه في لويبدة. كما ذكرت شبكة "إباء" أن قناصي "تحرير الشام" قتلوا وأصابوا "مجموعة كاملة من حزب الله حاولت التسلل على محور الكبينة، شمال اللاذقية". وأعلنت "تحرير الشام" عن صد 3 محاولات لقوات النظام للتقدّم على هذا المحور.

وكانت قوات النظام قد سيطرت بدعم جوي روسي، الخميس، على بلدة لويبدة، في ما اعتُبر التحرك الأول للنظام في ريف إدلب منذ سيطرته على خان شيخون في أغسطس الماضي، والذي توج بإعلان روسيا عن وقف إطلاق النار من قبل قوات النظام، في محافظة إدلب. ووفق مصادر مقربة من فصائل المعارضة، فإن القرية والنقاط التي تقدّمت إليها قوات النظام، الخميس، لم يكن فيها أي وجود للفصائل، وكانت منطقة عسكرية فارغة من الطرفين وهي أقرب إلى قوات النظام حيث تبعد عنهم كيلومتراً وحداً فقط وتبعد عن سيطرة الفصائل كيلومترين.

وتشهد المنطقة تحركات ميدانية لقوات النظام، وسط قصف كثيف من المقاتلات الروسية على قرى ريف إدلب الجنوبي، ما جعل البعض يرجحون إمكانية بدء عمل بري في المنطقة من جانب قوات النظام خلال الفترة المقبلة. ورجح ناشطون أن تكون معرة النعمان هدف النظام وروسيا المقبل، إذ تشهد المدينة وريفها حركة نزوح كبيرة، خوفاً من عملية عسكرية برية بعد التصعيد الجوي بالطيران الحربي الروسي والمروحي على ريف معرة النعمان الغربي.

واستهدف الطيران الروسي، أمس الجمعة، بغارات جوية عدة بلدة الزرزور في ريف معرة النعمان الشرقي. كما تعرضت بلدة البارة ومحيط بلدة كفروما في منطقة جبل الزاوية، جنوبي إدلب، للصواريخ الفراغية من الطيران الروسي وراجمات الصواريخ، إضافة إلى قصف مدفعي من قوات النظام على قرية مرج الضهر بمنطقة جسر الشغور بريف إدلب الغربي. ومنذ نحو 5 أسابيع تستمر روسيا وقوات النظام في استهداف المدنيين بالقصف الصاروخي والمدفعي في الشمال السوري تزامناً مع محاولات اقتحام فاشلة لتلة الكبينة، شمال اللاذقية، وفي ريف إدلب الجنوبي خلال اليومين الماضيين.



وفي شرق البلاد، تتواصل الاشتباكات على محاور تل تمر - أبو رأسين بين قوات "الجيش الوطني" المدعومة من تركيا، و"قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، وسط تواصل عمليات النزوح من المنطقة خصوصاً من جانب العائلات الآشورية التي تسكن البلدة. وأعلنت "قسد" مقتل وجرح عدد من عناصرها في هذه الاشتباكات. وأفادت في بيان لها، بأن أربعة عناصر يتبعون لها ولـ"المجلس العسكري السرياني" قُتلوا وجرح 14 آخرون بمواجهات مع "الجيش الوطني" رافقها قصف جوي للقوات التركية على قرى عنيق الهوى وعبوش وأم شعيفة وعزيزية وداودية وعربين وتل الورد التابعة لمركز الحسكة، إضافة إلى قرى مسعودية وكفيفة وخربة بقر بالرقة، مشيرة إلى تكثيف الهجمات على شمال تل تمر.

وتقع بلدة تل تمر غربي الحسكة وتتبع لها 133 قرية، وتبعد 30 كيلومتراً عن مدينة الحسكة و35 كيلومتراً عن مدينة رأس العين، كما تبعد عن الشريط الحدودي مع تركيا قرابة 64 كيلومتراً وتقطنها أغلبية من المسيحيين الآشوريين. وتشرف البلدة على طرق عدة تربط مناطق البلدات والمدن الشمالية الشرقية. ويمكن لمن يسيطر عليها التحكم بهذه الطرق الدولية، إضافة إلى الطرق الفرعية الرابطة بين المناطق، فضلاً عن أهمية البلدة في استجرار الكهرباء للمناطق الأخرى.

في غضون ذلك، انتشرت القوات الروسية في قاعدة مطار صرين بريف مدينة عين العرب وذلك عقب استكمال انسحاب القوات الأميركية منها بشكل كامل، يوم الخميس الماضي، وحطت أربع مروحيات روسية في مطار صرين وانتشر عناصر الشرطة العسكرية الروسية في المطار، وبذلك تكون القوات الروسية قد انتشرت في 5 قواعد للقوات الأميركية بعد انسحاب الأخيرة منها، وهي قاعدتا عون الدادات والعسلية في منطقة منبج، وقاعدتا مشتى النور وصرين بريف عين العرب، إضافة لقاعدة مطار عين عيسى بريف الرقة الشمالي.

وعززت القوات الروسية من انتشارها في منطقة شرق الفرات بعد الاجتماع الذي جمع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان، في سوتشي منذ بضعة أسابيع، وأنشأت عدة معسكرات لها بالمنطقة الممتدة من منبج غرباً وحتى القامشلي شرقاً، مزودة بعشرات المركبات الثقيلة ومختلف أنواع الأسلحة.

وأعلنت وسائل اعلام روسية، الخميس، أن روسيا بدأت في إقامة قاعدة للحوامات في مدينة القامشلي، شمالي شرق سورية، ستتم حمايتها بوساطة أنظمة الصواريخ الأرضية. كما نشرت وسائل إعلام روسية معلومات حول محادثات تجري لإقامة قاعدة عسكرية جوية جديدة لروسيا على الأراضي السورية، تتعلق خاصة بإمكانية استئجار مطار القامشلي لمدة 49 سنة، بهدف نشر أنظمة دفاع جوية قادرة على رصد التحركات الأميركية في العراق.

واعتبرت تلك الوسائل أن الوجود العسكري الروسي الدائم في القامشلي، والسيطرة على المطار فيها، سوف يساعد النظام السوري في السيطرة على المنطقة، وإبرام تسوية مع الأكراد، مشيرة إلى أن موسكو لن تسمح بعد تعزيز وجودها في المدينة للأميركيين أو الأتراك بالدخول إليها.

وقالت شبكات محلية إن القوات الروسية بدأت بتجهيز ساحة النادي الزراعي المجاور لمطار القامشلي، إضافة لتجهيز المطار وبعض الأبنية والساحات بداخله من أجل نشر قواتها هناك البالغ عددهم نحو 200 عنصر. كما انتشرت قوات روسية بالقرب من بلدة عين عيسى، شمالي الرقة، وتحديداً في مقر اللواء 93، الذي كان يتبع لقوات النظام ثم انتقل من يد تنظيم "داعش" إلى "قسد" ليعود أخيراً للقوات الروسية. وكانت قوات روسية قد تمركزت داخل قاعدة السعيدية، غربيّ منبج، والتي كانت سابقا قاعدة أميركية قبل الانسحاب منها، وضمّت هذه القاعدة عشرات عناصر الشرطة العسكرية الروسية.



المساهمون